حماس لا تزال قادرة على محاربة إسرائيل لعدة أشهر

تعديل حماس تكتيكاتها في مواجهة الهجوم متعدد الجبهات يبقيها صامدة.
الأربعاء 2024/01/31
حرب العصابات تؤمّن استمرار حماس

صمود حماس يعكس مدى استخدامها الفعال لتكتيكات حرب العصابات وترسانة أسلحة موسعة. وهو ما يجعل أهم أهداف إسرائيل المتمثل في سحق الحركة بالكامل محل تشكيك متزايد بعد 4 أشهر من هجومها البري.

غزة - يقدر مسؤولون أميركيون أن حركة حماس تمتلك ما يكفي من الذخائر والقوة البشرية لمواجهة العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة لعدة أشهر أخرى، وهو ما يزيد الشكوك حول قدرة إسرائيل على تفكيك الحركة بالكامل. وبالإضافة إلى الحفاظ على قدرتها على ضرب إسرائيل بالصواريخ ومحاربة القوات الإسرائيلية في غزة، تمكنت حماس من إعادة تشكيل قوة الشرطة التابعة لها في أجزاء من مدينة غزة.

ولم تتمكن تل أبيب إلا من قتل ما بين 20 إلى 30 في المئة من مقاتلي حماس في غزة منذ 7 أكتوبر، على الرغم من شن حملة جوية وبرية مكثفة على القطاع الفلسطيني. ويشير محللون عسكريون أميركيون إلى أن حماس، التي تسيطر على السلطة في غزة منذ عام 2007، قامت بتعديل تكتيكاتها في مواجهة الهجوم الإسرائيلي المتعدد الجبهات. وأضاف المحللون أنها باتت تعمل في وحدات أصغر، وتستخدم تكتيكات حرب العصابات لنصب كمائن للقوات الإسرائيلية، بينما يتولى المقاتلون الأفراد المزيد من المهام لحساب الخسائر بين صفوفهم.

ووفقاً لمعايير العقيدة العسكرية الأميركية، فإن خسارة ما بين 20 في المئة إلى 30 في المئة من القوة المقاتلة من شأنه أن يجعل مثل هذه القوة “غير فعالة قتالياً”. لكن المحللين العسكريين الأميركيين يقولون إن هذا لا ينطبق على حماس، فهي جماعة “غير نظامية” غير تقليدية تخوض حربًا دفاعية في بيئة حضرية كثيفة السكان، وبالتالي فإن عتبة جعلها غير فعالة أعلى بكثير من تلك الخاصة بالقوة التقليدية.

◙ منذ ظهورها، نجت حماس من محاولات القضاء عليها، حيث تمّ تصميم هيكل المنظمة لاستيعاب الحالات الطارئة
◙ منذ ظهورها، نجت حماس من محاولات القضاء عليها، حيث تمّ تصميم هيكل المنظمة لاستيعاب الحالات الطارئة

ودفع ذلك إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تقليص توقعاتها بشأن حرب إسرائيل، إلى تدهور قدراتها بدلاً من تدميرها بالكامل. وعلى الرغم من أن حماس تكبدت آلاف الضحايا، وفقا للتقييمات الأميركية والإسرائيلية، إلا أنها تهدف ببساطة إلى البقاء على قيد الحياة في هذا الصراع. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير نقلت عنه صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن هدف حماس “ليس عليك أن تفوز، عليك فقط ألا تخسر”.

ولم يُعرف بعد حجم الخسائر القتالية التي تكبدتها حماس، حيث تقول إسرائيل، إنها قتلت تسعة آلاف مقاتل منذ بداية حربها، فضلاً عن إصابة 16 ألفاً بجراح. وتقدر الولايات المتحدة أن ما بين 10.500 و11.700 من مقاتلي حماس أصيبوا بجروح، مع عدد أقل بكثير من القتلى.

وتسببت الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة في مقتل ما يزيد على 25 ألف فلسطيني، أغلبهم من المدنيين، وتهجير 85 في المئة من سكان القطاع وتسوية جزء كبير من الأراضي الفلسطينية بالأرض. وقد تعهدت القيادة الإسرائيلية مراراً وتكراراً بـ “سحق” حماس وتأكيد نفسها كقوة أمنية رئيسية في غزة، لكن هدفها بات محل تشكيك بعد أربعة أشهر على عملياتها البرية في غزة.

ويرى محللون أنه لن يكون من الممكن التخلص من حماس تماما، والسبب الرئيسي هو أن حماس أكثر من مجرد منظمة مسلحة، فهي أيضا حركة اجتماعية تحظى بدعم جماهيري في قطاع غزة. وقد تساءل النقاد داخل إسرائيل وخارجها عما إذا كان اتخاذ قرار بتدمير مثل هذه المنظمة الراسخة أمراً واقعياً على الإطلاق. ووصف مستشار سابق للأمن القومي الإسرائيلي الخطة بأنها “غامضة”.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشهر الماضي “أعتقد أننا وصلنا إلى لحظة يتعين فيها على السلطات الإسرائيلية أن تحدد بشكل أكثر وضوحا هدفها النهائي… التدمير الكامل لحماس؟ هل يعتقد أحد أن هذا ممكن؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن الحرب سوف تستمر 10 سنوات”.

ومنذ ظهورها للمرة الأولى عام 1987، نجت حماس من المحاولات المتكررة للقضاء على قيادتها. وقد تم تصميم هيكل المنظمة لاستيعاب مثل هذه الحالات الطارئة، وفقًا للمتخصصين السياسيين والعسكريين. و فضلاً عن ذلك، فإن التكتيكات الإسرائيلية المدمرة في حرب غزة تهدد بدفع شريحة أوسع من السكان إلى التطرف، وإلهام المجندين الجدد.

ويرى المحللون أن النتيجة الأمثل لإسرائيل ربما تتمثل في إضعاف القدرات العسكرية لحماس لمنع الجماعة من تكرار مثل هذا الهجوم المدمر. ولكن حتى هذا الهدف المحدود يعتبر بمثابة جهد هائل. ويقول الخبراء إن حماس متجذرة في أيديولوجية مفادها أن السيطرة الإسرائيلية على أراض فلسطينية يجب معارضتها بالقوة، وهو مبدأ من المرجح أن يستمر.

وقالت تهاني مصطفى، كبيرة المحللين الفلسطينيين في مجموعة الأزمات الدولية “طالما أن هذا السياق موجود، فسوف تتعامل مع شكل ما من أشكال حماس”. وأضافت “إن الافتراض أنه يمكنك ببساطة اقتلاع منظمة كهذه هو ضرب من الخيال”.

ووعد الجيش الإسرائيلي بمبلغ 400 ألف دولار ليحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، و100 ألف دولار لمحمد ضيف، رئيس جناحها العسكري، كتائب القسام. ويعتبر الإثنان مهندسي هجوم 7 أكتوبر. وعلى الرغم من أنه كان لفترة طويلة من أكثر الرجال المطلوبين في غزة، إلا أن الضيف المراوغ تجنب الاغتيال أو الاعتقال. ويبدو أن المكافآت هي مؤشر آخر على أن إسرائيل تسعى جاهدة لإزالة قيادة حماس.

ويُعتقد أن كبار قادة التنظيم يحتمون، إلى جانب معظم مقاتليه والرهائن المتبقين، في أنفاق عميقة. وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي قال إنه هدم ما لا يقل عن 1500 عمود، إلا أن الخبراء يعتبرون أن البنية التحتية تحت الأرض سليمة إلى حد كبير. ويعتقد أن الأنفاق، التي تم بناؤها على مدى 15 عاما، واسعة للغاية، ويقدر طولها بمئات الأميال. ولا تزال العمليات التي يقوم بها الجناح العسكري لحماس، كتائب

 القسام، غامضة. وقد تم تصميم الوحدات لتستمر في العمل حتى لو قامت إسرائيل بتدمير أجزاء منها. وهي مقسمة جغرافيا، وتتمركز ألويتها الخمسة الرئيسية في شمال غزة، مدينة غزة، وسط غزة، ومدينتان جنوبيتان هما خان يونس ورفح. وقال إليوت تشابمان، محلل شؤون الشرق الأوسط في شركة جينز للتحليل الدفاعي، إن محاولة القضاء على حماس بالكامل ستتطلب قتالاً من شارع إلى شارع ومن منزل إلى منزل، وتفتقر إسرائيل إلى الوقت والأفراد.

6