عملية أمنية تكشف وجود فلول للإرهاب في الكويت

الكويت - تفادت الكويت تكرار السيناريو الدموي لحادثة تفجير مسجد شيعي بمنطقة الصوابر التي أوقعت قبل سنوات عددا كبيرا من الضحايا بين قتلى وجرحى، وذلك بتوقيف “ثلاثة أشخاص من جنسية عربية ينتمون إلى تنظيم إرهابي كانوا ينوون استهداف مسجد للشيعة”، بحسب ما أعلنته وزارة الداخلية.
وأشاعت العملية الاستباقية الأمنية حالة من الارتياح بشأن يقظة السلطات الأمنية، لكنها أثارت بنفس القدر الهواجس بشأن وجود فلول للتنظيمات الإرهابية في الكويت، في وقت تمكّنت فيه المملكة العربية السعودية المجاورة من القضاء على الظاهرة بعد أن كانت قبل حوالي عقد من الزمن قد تعرّضت لتهديدات وعمليات إرهابية شبيهة بالتفجير الذي كان قد استهدف في يونيو سنة 2015 مسجد الإمام الصادق بالصوابر مخلّفا سبعة وعشرين قتيلا وأكثر من مئتي جريح.
ويخشى كويتيون من أن يكون بلدهم قد تأخر في تفكيك دوائر التشدّد الديني وإزالة الأرضية الفكرية التي ما يزال المتشدّدون يتحرّكون وفقها، ويتخذون منها مدخلا لاستمالة بعض الفئات الاجتماعية وخصوصا فئة الشباب.
ويرى هؤلاء ضرورة أن يعضد الجهدَ الأمنيَ جهدٌ فكري وثقافي وسياسي يسحب البساط من تحت أقدام رموز التشدّد الديني الذين ما يزال لهم حضور مؤثّر على الساحة يحاولون ترجمته إلى قوانين وتشريعات تستهدف التضييق على الحريات العامّة باسم الدين والتسلّط على المجتمع وفرض تعاليم متشدّدة على فئاته.
وما تزال دوائر دينية متزمتة تسجّل حضورها الإعلامي والسياسي في الكويت، بما في ذلك داخل المؤسسات الرسمية للدولة وتجاهر بدعوات من قبيل إجبار المرأة على ارتداء الحجاب ومنعها من العمل في قطاعات معينة مثل الجيش والقضاء، والفصل بين الجنسين في الدراسة.
وقالت وزارة الداخلية في بيان نشرته على منصّة إكس “تمكنت الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية متمثلة في جهاز أمن الدولة من إحباط مخطط لخلية إرهابية كانت تنوي استهداف دور عبادة تخص الطائفة الشيعية وقتل أشخاص”.
وأضافت “تمكن رجال الأمن من متابعة الخلية ومراقبة تحركاتها وإلقاء القبض على ثلاثة عناصر من جنسية عربية ينتمون إلى تنظيم إرهابي”.
وأوضحت أنه “تمّت إحالة جميع المتهمين إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم”.
وأثارت العملية ردود فعل منددة بالإرهاب ومثنية على كفاءة الأجهزة الأمنية. ونقلت صحيفة السياسة المحلّية عن عبدالله الشريكة مدير مركز تعزيز الوسطية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قوله إنّ “الإرهاب لا يموت ولكنه يضعف أحيانا”.
ودعا فرحان الشمري عضو جمعية إحياء التراث الإسلامي إلى “الكف عن نشر الإشاعات وعدم إثارة الفتن واتهام البعض حتى تتضح القضية”، مطالبا بـ”إتاحة الفرصة للجهات المسؤولة للتحقيق وعدم المسارعة في البيانات المتعجلة التي لا تخدم القضية”.
وعبّر النائب في مجلس الأمّة (البرلمان) حمد العليان عن تقديره “لرجال الداخلية على جهودهم في إحباط عملية إرهابية لاستهداف دور عبادة في الكويت”، وقال في تعليق عبر منصّة إكس إنّ “الحادث له دلالات خطرة تدعو إلى المزيد من الحذر لتفويت الفرصة على كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن الكويت واستهداف شعبها والمقيمين على أرضها”.
ورأت عضو المجلس جنان بوشهري ضرورة “التمسك بالوحدة الوطنية والمحافظة على الوطن واستقراره، ومواجهة كل محاولات زرع الفتن بين المواطنين”.
ورصدت وسائل إعلام محلية تشديد إجراءات الأمن في محيط دور العبادة أثناء صلاة الجمعة، ونقلت عن مصادر أمنية قولها إنّ الأشخاص الثلاثة الموقوفين أقرّوا بانتمائهم لتنظيم داعش.
وكان التنظيم قد سجّل حضوره من قبل في الكويت في ذروة صعوده في المنطقة واحتلاله أجزاء واسعة من الأراضي السورية والعراقية.
وتبنّى التنظيم تفجير المسجد المذكور، وتمّ لاحقا اكتشاف مخطّط كان يعتزم تنفيذه آخر سنة 2020 عبر تجنيد مراهقين كويتيين تواصل معهم وطلب منهم استهداف دور عبادة ومجمعات تجارية في ليلة رأس السنة بأسلحة نارية.
وكان تفجّر الأحداث الدامية في سوريا مطلع العشرية الماضية وامتداد تأثيراتها لاحقا نحو العراق المجاور قد كشف عن جنوح عدد متزايد من المواطنين الكويتيين ومن المقيمين في البلد نحو التطرف والإرهاب، وذلك عندما أظهرت معلومات أمنية عن التحاق العشرات من هؤلاء المواطنين والمقيمين بصفوف داعش وجبهة النصرة والقتال في صفوفهما.