أزياء ملوّنة للنساء في إيران بدلاً من الأسود

تصاميم تجمع بين الأنماط القديمة والمعاصرة تجعل الأزياء جذابة جدا.
الجمعة 2024/01/26
التحرر من القيود

طهران - بات الكثير من المصممين الإيرانيين يبتعدون عن الأسود الذي كان الطاغي على أزياء النساء في بلدهم لمدة طويلة، ويوفرون بدلاً منه ملابس ملوّنة، لكنهم يحرصون في الوقت نفسه على عدم تجاوز حدود قواعد اللباس الصارمة المتّبعة في الجمهورية الإسلامية.

ورغم أن الشادور الأسود، الذي شكّل رمزا بعد ثورة 1979 الإسلامية، لم يغِب كليا فإنه لا يشغل سوى حيّز محدود بين التصاميم الخمسين المعروضة ضمن المهرجان الوطني للموضة الذي يُقام هذا الأسبوع في العاصمة الإيرانية.

وترتدي دمى العرض أغطية رأس أو فساتين طويلة ذات نقوش زهرية ومعاطف ضيقة عند الخصر وسراويل ضيقة.

وتقول فاطمة فاضلي، وهي طالبة في التاسعة عشرة من عمرها وجاءت لزيارة المعرض، “لا أستطيع أن أضع حجاباً داكناً على رأسي. يجب أن يكون ملوناً، إلا في مناسبات معينة كالحداد”.

وتلاحظ ساناز سارباراستي، وهي خيّاطة منذ 15 عاماً في طهران، أن “الشباب يرغبون في أن يتمتعوا بحرية ارتداء الملابس العصرية كما يشاءون”.

وفي الأصل فرضت الثورة الإسلامية عام 1979 قانوناً يُلزم النساء بارتداء ملابس تخفي قوامهنّ ولا تترك مكشوفة سوى أيديهن ووجوههن.

oo

لكن منذ تسعينات القرن العشرين بدأت النساء الإيرانيات يلتففن على قواعد اللباس لتحرير أنفسهن منها، وخصوصاً في الأحياء الراقية في المدن.

غير أن المسؤولين الأكثر تمسكاً بالتوجهات المحافِظة ينبرون للدفاع عن قواعد اللباس التي يعتبرونها رمزاً للقيم “الثورية” التي تقاوم التأثيرات الغربية.

وعاد النقاش بقوة، مع التركيز على الحجاب، عندما هزت حركة احتجاجية واسعة النطاق إيران في أعقاب وفاة مهسا أميني، وهي شابة تبلغ من العمر 22 عاماً، اعتُقلت بتهمة عدم الامتثال لقواعد اللباس.

وأكد وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي محمد مهدي إسماعيلي خلال زيارته للمعرض أن “الملابس هي الرمز الأكثر ظهوراً لأي حضارة”، مشدداً على الطابع “العفيف” للتقاليد الإسلامية الإيرانية.

وتوضح ساناز سارباراستي أنها تحرص خلال تصميمها الملابس على “أخذ المعايير الحالية في الاعتبار أولاً، قبل التفكير في الجمال والإبداع والتجديد”.

ويركّز أفشين بارساي، صاحب ماركة الملابس “راسبينا” الحاضرة في المهرجان من خلال سترة طويلة باللونين الأخضر والرمادي، على التكيّف أيضا.

ويقول “تتراوح أعمار معظم زبوناتنا بين 15 و35 عاماً، لذلك نوفر ملابس ملونة (…)، ولكن بما أن القواعد المرعية الإجراء توصي بألوان داكنة أكثر للملابس التي تُرتدى في الأماكن العامة، علينا أيضاً أن نصنع البعض منها”.

uu

وتُلزم القوانين الإيرانية النساء العاملات في الإدارات العامة بوضع الحجاب وارتداء سترة سوداء طويلة.

ولا يخفي أفشين بارساي استلهامه من الاتجاهات التي يطلقها المصممون الغربيون، لكنه يوفّق بينها وبين “الثقافة الإيرانية”، وهي صيغة تلقى نجاحاً.

وتشدد هاديس حسنلو، التي تتابع دراستها الجامعية في اختصاص الموضة، على أن “الأزياء الفارسية المميزة جدا” في تطور مستمر منذ الإمبراطورية الأخمينية، قبل أكثر من 2500 عام، مروراً بالملكية القاجارية في أوائل القرن العشرين.

وتعمل المصممة الشابة على تنمية هذا التراث من خلال فن الخط، وهو فن شعبي في إيران، إذ تطبقه على الملابس التي تصنعها. وترى الطالبة فاطمة فاضلي، وهي أمام فستان مزين بتصاميم مستوحاة من المنمنمات الفارسية، أن “الجمع بين الأنماط القديمة والمعاصرة يجعل هذه الملابس جذابة جدا”.

18