مصر تدشن آخر مراحل أعمال تشييد محطتها النووية

القاهرة/موسكو – تقدمت القاهرة خطوة كبيرة نحو إتمام إنشاء أول محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية في البلاد بتدشينها الثلاثاء المرحلة الأخيرة من أعمال بناء المفاعلات بعد عقود من المحاولات المتعثرة لدخول النادي النووي.
وشهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عبر تقنية الفيديو بدء صب الخرسانة بقاعدة وحدة الكهرباء رقم 4 بمحطة الضبعة للطاقة النووية.
والمحطة النووية، التي تمول تشييدها وتشغيلها روسيا، هي الأولى من نوعها في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مطروح على ساحل المتوسط، على بعد نحو 130 كيلومترا شمال غرب القاهرة.
وتنفذ شركة روساتوم الحكومية الروسية أعمال الإنشاءات. وأفادت وكالة ريا نوفوستي الروسية للأنباء بأن المحطة ستتكون من أربع وحدات للكهرباء بقدرة إجمالية تبلغ 4.8 غيغاواط بكلفة إجمالية تبلغ 28.5 مليار دولار.
4
مفاعلات نووية في المحطة المصرية لتوليد الكهرباء
وتضم المحطة 4 وحدات طاقة بسعة 1200 ميغاواط لكل منها، مثبتة مع مفاعلات من الجيل الثالث في.في.إي.آر مع مفاعلات يتم تبريدها بالماء. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل أول مفاعل في 2028 على أن يتم تشغيل جميع مفاعلات المحطة بحلول عام 2031.
ويرى خبراء أنه رغم العراقيل الكثيرة، لكن الخطوة ستوسع طموحات القاهرة والمتعلقة بتغطية الطلب المتزايد على الكهرباء وخاصة المُنتجة من المصادر البديلة والتي تنسجم تماما مع استدامة الاقتصاد مثلما فعلت الإمارات.
ونقلت وسائل إعلام مصرية عن السيسي قوله إن “إنشاء محطة الضبعة النووية في مصر حدث تاريخي لبلادنا وشعبنا”، مرحبا ببدء المرحلة الثانية الخاصة ببناء الوحدات الخاصة بمحطة الضبعة للطاقة النووية. وأضاف أن “مصر تولي اهتماما كبيرا لمجالات الطاقة المختلفة لتعزيز النمو الاقتصادي”، مشيرا إلى أن “محطة الضبعة النووية تفتح صفحة جديدة للعلاقات بين مصر وروسيا”.
وأكد أن محطة الضبعة تمثل أهمية خاصة لمشاريع الطاقة بين مصر وروسيا، وقال “نكتب اليوم تاريخا جديدا من خلال تحقيق حلم المصريين بمحطة للطاقة النووية السلمية”.
وشهدت العلاقات بين القاهرة وموسكو تطورا منذ تولي السيسي السلطة في عام 2014، حيث قام منذ ذلك الحين بثلاث زيارات إلى موسكو، في حين قام بوتين بزيارة للقاهرة في فبراير 2017 هي الأولى التي يقوم بها رئيس روسي لمصر منذ عقد. واعتبر بوتين أن محطة الضبعة النووية تمثل تتويجا للتعاون بين البلدين وستساهم في تطوير الاقتصاد المصري وتعزيز الصناعات الحديثة.
وقال إن “التبادل التجاري مع مصر يشهد تطورا كبيرا ولدينا شراكة في مشروعات عديدة في مجالات الطاقة والزراعة”، مشيرا إلى أن محطة الضبعة النووية تعد أهم المشاريع بين مصر وروسيا وستعزز مجال الطاقة. وأوضح بوتين أن “مصر تعد شريكا إستراتيجيا لروسيا ونعمل على تعزيز العلاقات المشتركة”، متمنيا مشاركة مصر في أكثر من 200 فعالية ضمن مجموعة بريكس.
وكان البلدان قد وقعا 3 اتفاقيات في عام 2015 تبني بمقتضاها روسيا محطة الطاقة النووية وتقدم قرضا لمصر لتغطية تكلفة تشييدها.
4.8
غيغاواط حجم طاقة إنتاج محطة الضبعة عندما يبدأ تشغيلها بالكامل في 2031
أما الاتفاقية الثالثة فكانت بين هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية والجهاز الفيدرالي للرقابة البيئية والتكنولوجية والنووية الروسية، وهي تتعلق بعمليات مراقبة المفاعلات في محطة الضبعة.
وتستوعب منطقة الضبعة إنشاء 8 محطات نووية، سيتم بناؤها على ثماني مراحل، الأولى منها تستهدف إنشاء محطة تضم 4 مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء.
وتشمل البنية التحتية للمشروع إنشاء برج أرصاد لقياس درجات الحرارة والرطوبة واتجاهات الرياح، وكذلك إنشاء مباني العاملين، وأجهزة قياس المياه الجوفية والزلازل والتيارات البحرية وإمداد خطوط الغاز والمياه والكهرباء والاتصالات.
ويساعد المشروع على توطين الصناعة بنسبة 35 في المئة مع توفيره حوالي 54 ألف فرصة عمل، وفق السلطات المصرية. وبدأت القاهرة في مطلع ثمانينات القرن الماضي إجراءات لإقامة محطة نووية لإنتاج الكهرباء في الضبعة، لكنها علقت العمل فيها بعد كارثة محطة تشرنوبيل النووية في أوكرانيا في عام 1986.
ومنذ ذلك الحين لم تقم بأي مشروع في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، لكن في 2008 عادت وقررت إحياء المشروع، حيث كانت موسكو تتنافس مع دول أخرى للفوز به، إلا أن المشروع لم يجد طريقه إلى التنفيذ.
وتحاول مصر التي يزيد تعداد سكانها عن 105 ملايين نسمة تفادي نقص في إمدادات الطاقة الكهربائية للسكان، إذ تظهر تداعياتها خاصة في أشهر الصيف، كما أنها تعتمد اعتمادا شديدا على الغاز في توليد الكهرباء للمنازل والمصانع.
وتسعى الحكومة خلال الفترة المقبلة إلى تنويع مزيج الطاقة ليمتد إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وكذلك الفحم وفق المواصفات البيئية العالمية. وثمة أكثر من مصدر لتوليد الكهرباء في مصر، منها محطات تعمل بضغط البخار ومحطات أخرى غازية، ويعتمد كلاهما على الوقود الأحفوري. كما أن لديها محطات كهرومائية، كالتي تعتمد على السد العالي جنوب البلاد، إلى جانب محطات الطاقة البديلة، التي تعتمد على الشمس والرياح كمزرعتي الزعفرانة وأسوان.