"كل مواطن خفير".. مبادرة لبنانية تجدد خطاب الكراهية ضد السوريين على مواقع التواصل

في إطار محاربة اللجوء غير الشرعي في لبنان، أطلق أحد نواب البرلمان تطبيقا يمكّن المواطنين من الإبلاغ عن اللاجئين المخالفين "ليكون كل مواطن خفيرا"، وانقسم الناشطون بين مؤيد ومعارض للخطوة.
بيروت - أطلق نواب لبنانيون الاثنين مبادرة “كل مواطن خفير” التي تتيح للمواطنين التبليغ عن السوريين “المخالفين للقانون وغير الشرعيين” الموجودين في جميع المناطق اللبنانية عبر تطبيق إلكتروني، وشهد موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأعلن نائب بيروت ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني برفقة عدد من نواب البرلمان اللبناني خلال مؤتمر صحفي عقده في منطقة الأشرفية، عن مبادرة “كل مواطن خفير” وهي عبارة عن سلسلة من الإجراءات مبنية على تطبيق يمكّن أي مواطن من التبليغ عن مخالفات للقانون تحديدا من قبل الموجودين غير الشرعيين في المنطقة.
وحمل التطبيق اسم “تبليغ” وهو يتيح للمواطن أخذ صورة على الهاتف النقّال حيث يحمّل الموقع تلقائيا ويختار نوع المخالفة من لائحة محدّدة، ثم يرسلها إلى مركز يقوم بدوره بتحويلها إلى الجهات المختصّة ليكون على عاتقها ومسؤوليتها تطبيق القانون بعد التأكّد من صحّتها. وتمّ نشره تلقائيا عبر تطبيق واتساب لأكثر من 30 ألف مواطن من المنطقة لإتاحة استخدامه على أوسع نطاق.
وقال حاصباني إن المبادرة جاءت في ظل ازدياد عدد الموجودين بطريقة غير شرعية في مناطق الأشرفية والرميل والصيفي والمدوّر، بعد وقوع احتكاكات عدة مع المواطنين وحوادث أمنية من سرقات وإطلاق نار أدى آخرها إلى مقتل الرقيب الأول في فوج حرس بلدية بيروت حسن العاصمي خلال تأدية واجبه، بعد تكاثر المخالفات منها مخالفات لقانون الإيجار والعمل والسير والدفاع وإجراءات الصحّة العامّة.
وأضاف النائب حاصباني “بعد أن طالبنا القوى الأمنية كافة بتكثيف عملها في المنطقة، وبعد أن رأينا أنها قامت بما يمكنها ضمن الإمكانات المحدودة والضغط الهائل الناتج عن كثافة السكان والمؤسّسات التجارية والسياحية وغيرها مقابل أزمة مالية تقلّص القدرات، رأينا أنّه من الضروري مُشاركة المواطن لمساندة الأجهزة الأمنية بعملها لمواجهة التحديّات الزائدة”.
كما صُمّمت هذه المبادرة على غرار إجراءات موجودة في بعض الدول حيث يُمكن للمواطنين التبليغ بسهولة عن أمور مشبوهة ومُخالفات بشكل فعال للأجهزة المُختصّة.
وقال النائب “يسعدني أن أطلق اليوم مُبادرة ‘كل مواطن خفير’ وتطبيق ‘تبليغ’ لتصبح لدينا الآلاف من العيون الساهرة واستخدام إيجابي للتكنولوجيا، لتُساعد الأجهزة الأمنية في هذه الظروف الصعبة لكي تقوم بواجباتها بفعالية أكبر. وشكرا للمسؤولين عن هذه الأجهزة ومُحافظ بيروت ورئيس بلديتها على كل جهودهم التي نتمنّى لها التوسع والاستمرار بنجاح، عسى أن نتعلّم من هذه المرحلة التجريبية حيث يُمكن لكل منطقة في لبنان تطبيقها فيما بعد”.
وأثارت المبادرة جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد لها ومشجع، إذ اعتبرها ناشطون بادرة وطنية من قبل النائب، وجاء في تعليق:
sandra_eid@
وقال آخر:
IR6MYNchCQJSD2g@
وهناك من استنكر هذا التطبيق والحجج التي ساقها النائب لتبريره معتبرا أنها امتداد للعنصرية اللبنانية تجاه اللاجئين السوريين، وجاء في تدوينة:
firasshoufi@
وعلق آخر حول أصل هذه المبادرة معتبرا أنها إسرائيلية:
kamalhareb2023@
وتصاعدت الحملة ضد اللاجئين السوريين بشكل كبير في العامين الأخيرين، بعد تهديد رسمي بإعادتهم في حال لم يتعاون المجتمع الدولي في تأمين عودتهم إلى سوريا، وفي المراحل الأولى من اللجوء كان التيار الوطني الحر هو الأكثر تطرفا في نبذ كل ما له علاقة باللاجئين ومحاربتهم، إلا أن الواقع اليوم صار تقريبا معمما على غالبية المجتمع اللبناني.
وكان وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب قد أعلن في مطلع يونيو 2022 أن بلاده لن تتعاون مع الأوروبيين بشأن إبقاء اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية، كما أدلى وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار بتصريحات مماثلة، أكد فيها عدم تمكن لبنان من استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين.
ويتهم ناشطون الدولة اللبنانية بدعم حملة التحريض وتغطيتها، من خلال التصريحات التي تساهم بالعنف ضد اللاجئين ومن بينهم سياسيون.
وشجب النائب بلال الحشيمي “التحريض العنصري ضد اللاجئين السوريين” منتقدا “محاولات البعض التلطي خلف هذا الملف تحقيقا لمآرب واستثمارات سياسية ومواقف مشبوهة”، معتبرا أن هدفها “السعي إلى تأجيج صراعات داخلية كوسيلة للتهرب من الملفّات السياسية والاقتصادية العالقة، أوّلها موضوع الاستحقاق الرئاسي الذي تنحو به الخيارات إلى حل وسطي، باستبعاد شبه نهائي لاحتمالية وصول مرشّح الممانعة، واستبداله بالخيار الثالث الذي يمتلك حظوظا وافرة في الوصول إلى سدّة الرئاسة”.
وقال الحشيمي إن “حملات التحريض المتجددة تهدف إلى تحميل اللاجئين عواقب الأزمات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد”.
ورأى أن حل أزمة النازحين السوريين، والحدّ من أعبائها السلبية على الوضع العام في البلاد لا يكون من خلال نشر الكراهية وتعميمها بين الشعبين، داعيا الدولة اللبنانية إلى “تحمّل مسؤولياتها، وتنظيم العمالة الوافدة، بناء على مسح سكاني شامل للقوى العاملة، وحاجات سوق العمل، والإسراع إلى التواصل والتنسيق مع الجهات الدولية لتأمين العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين، بما يضمن حقوق الشعبين ومصالحهما”.
ودعا اللبنانيين إلى “التنبه وعدم الانجرار وراء هذه الحملات المشبوهة وإلى ضرورة الدفاع عن مصالحهم الحقيقية واسترداد حقوقهم المسلوبة ومحاسبة المسؤولين المتسببين بأزماتهم المتعاقبة”.