تعدد أزمات الاقتصاد العالمي يوسع الفوارق بين الأغنياء والفقراء

دافوس (سويسرا) - يحمل قلق المنظمات الدولية بشأن اتساع رقعة الفقر قياسا بما يمتلكه أثرياء العالم في طياته أخبارا محبطة بعدما وجدت معظم الدول نفسها تائهة بين كيفية مواجهة تعدد وجوه الأزمات الاقتصادية وحماية الناس اجتماعيا.
وسلطت منظمة أوكسفام الدولية لمكافحة الفقر في تقييمها السنوي المتزامن مع تجمع النخب السياسية والتجارية في منتجع دافوس السويسري الضوء على التفاوتات العالمية التي ازدادت اتساعا.
وتعتقد أوكسفام، التي تحاول منذ سنوات التركيز على الفوارق المتزايدة بين الأغنياء والجزء الأكبر من سكان العالم خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي، أن الفجوة أصبحت “مشحونة للغاية” منذ الجائحة.
وقالت في تقريرها إن “الثروات المجمّعة لأغنى خمسة رجال في العالم زادت إلى أكثر من المثلين لتصل إلى 869 مليار دولار منذ عام 2020 بينما ازدادت أعداد الفقراء”.
وأوضحت أن مليارديرا من هؤلاء أو المساهم الرئيسي يدير الآن 7 من أصل 10 من أكبر الشركات في العالم.
وارتفعت ثروات الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك، وبرنارد أرنو وعائلته من شركة أل.في.أم.أتش الفاخرة، ومؤسس أمازون جيف بيزوس، ومؤسس أوراكل لاري إليسون، وخبير الاستثمار وارن بافيت بنسبة 114 في المئة بالقيمة الحقيقية خلال أربع سنوات.
وتشير التقديرات إلى أن 148 شركة كبرى حققت أرباحا بقيمة 1.8 تريليون دولار، بزيادة 52 في المئة عن متوسط ثلاث سنوات.
وسمح هذا الوضع بدفع مبالغ ضخمة للمساهمين حتى في الوقت الذي واجه فيه الملايين من العمال أزمة تكلفة المعيشة حيث أدى التضخم إلى تخفيضات الأجور بالقيمة الحقيقية.
وعلى النقيض من ذلك، قالت المنظمة إن ما يقرب من 5 مليارات شخص أصبحوا أكثر فقرا منذ الوباء، مع عدم قدرة العديد من الدول النامية في العالم على تقديم الدعم المالي الذي يمكن أن تقدمه الدول الأكثر ثراءً أثناء عمليات الإغلاق.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، والذي أدى إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء، أضر بشكل غير متناسب بالدول الأفقر.
وبالنسبة إلى أفقر 60 في المئة من سكان العالم، استخدمت أوكسفام بيانات من تقرير الثروة العالمية الصادر عن البنك السويسري يو.بي.أس لعام 2023 ومن كتاب بيانات الثروة العالمية الصادر عن بنك كريدي سويس لعام 2019. واستخدم كلاهما نفس المنهجية.
ودعت منظمة أوكسفام الاثنين الماضي الحكومات إلى كبح جماح قوة الشركات من خلال تفكيك الاحتكارات؛ وفرض الضرائب على الأرباح والثروة الزائدة؛ وتعزيز البدائل للسيطرة على المساهمين مثل أشكال ملكية الموظفين.
وقال أميتاب بيهار، المدير التنفيذي المؤقت لأوكسفام إن “عدم المساواة ليس من قبيل الصدفة، فطبقة المليارديرات تضمن أن الشركات توفر المزيد من الثروة لهم على حساب الجميع”.
وأضاف “قريبا جدا، تتوقع أوكسفام أنه سيكون لدينا تريليونير خلال عقد من الزمن”، في إشارة إلى شخص يملك ألف مليار دولار، “في حين أن مكافحة الفقر تحتاج إلى أكثر من 200 عام”.
وإذا وصل شخص ما إلى هذا الرقم القياسي البالغ تريليون دولار، حيث من الممكن أن يكون شخصًا ليس حتى على أيّ قائمة لأغنى الأشخاص في الوقت الحالي فسيكون له نفس قيمة الدخل السنوي للسعودية.
من بين أكبر 1600 شركة في العالم، التزمت 0.4 في المئة فقط منها علنا بدفع أجر معيشي للعمال، ودعم أجر معيشي في سلاسل القيمة الخاصة بها
ويعتبر جون د. روكفلر من شركة ستاندرد أويل المشهورة على نطاق واسع أنه أصبح أول ملياردير في العالم في عام 1916.
وحاليا، يعد ماسك أغنى رجل، حيث تبلغ ثروته الشخصية أقل بقليل من 250 مليار دولار، وفقا لأوكسفام، التي استخدمت أرقاما من مجلة فوربس.
وانطلقت فعاليات دافوس لدعم “رأسمالية أصحاب المصلحة”، والتي يقول المنتدى الاقتصادي العالمي إنها تعرف الشركة بأنها لا تهدف فقط إلى تعظيم الأرباح، بل أيضًا تحقيق “التطلعات الإنسانية والمجتمعية كجزء من النظام الاجتماعي الأوسع”.
ولكن أوكسفام ترى أن تقريرها، الذي يستند إلى مصادر بيانات تتراوح بين منظمة العمل الدولية والبنك الدولي وقائمة فوربس السنوية للأثرياء، أظهر أن هذه التطلعات بعيدة كل البعد عن التحقق.
وقال ماكس لوسون رئيس قسم سياسة عدم المساواة في أوكسفام “ما نعرفه على وجه اليقين هو أن النظام المتطرف لرأسمالية المساهمين اليوم، والذي يضع عوائد متزايدة للمساهمين الأغنياء فوق كل الأهداف الأخرى، يؤدي إلى عدم المساواة”.
وبينما كان الارتفاع المعدل حسب التضخم في ثروات المليارديرات الخمسة الأوائل مدفوعا بمكاسب قوية في أصولهم، شهد ما يقرب من 800 مليون عامل أن أجورهم على مدى العامين الماضيين فشلت في مواكبة التضخم.
ووفقا لتحليل أوكسفام أدى ذلك الأمر في المتوسط إلى ما يعادل 25 يوما من الدخل السنوي المفقود لكل عامل.
وخلصت الدراسة إلى أنه من بين أكبر 1600 شركة في العالم، التزمت 0.4 في المئة فقط منها علنا بدفع أجر معيشي للعمال، ودعم أجر معيشي في سلاسل القيمة الخاصة بها.
