إسرائيل مصممة على تفكيك حماس مع دخول الحرب يومها المائة

خلافات بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بسبب منع مدير مكتبه من دخول مجلس الوزراء الحربي.
الأحد 2024/01/14
الجيش الإسرائيلي يتوعد بزيادة الضغط عسكريا على حماس

تل أبيب/غزة – دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها المئة الأحد، في وقت لاتزال تل أبيب مصممة على البقاء على موقفها بعدم وقف إطلاق النار وتوعد الجيش بمزيد الضغط العسكري على حماس لتفكيكها، وسط توترات متزايدة داخل مجلس الوزراء الحربي.  

وقال رئيس الأركان العامة الإسرائيلي هرتسي هاليفي السبت "لقد وافقنا على خطط من جانب القيادة الجنوبية، للاستمرار في أعمال القتال وزيادة الضغط العسكري على حماس، حيث سيؤدي الضغط الذي إلى تفكيك حماس وعودة الرهائن"، مضيفا أن "هذا الضغط، وهو فقط، الذي نجح في إعادة الكثير من الرهائن".

وفي الأثناء، قالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) وقناة "12" الخاصة، إنّ "التوترات داخل مجلس الوزراء الحربي تتزايد، حيث غادر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت المناقشة الوزارية، مساء السبت، بسبب عدم الموافقة على بقاء مدير مكتبه".

وفي السياق ذاته، ذكرت قناة "13" الخاصة أن غالانت طالب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم "التشويش" على عمله داخل الحكومة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يطفو فيها الخلاف على السطح، فمطلع الشهر الجاري رفض غالانت الخروج في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس حكومته، من أجل الحديث عن تطورات الحرب في غزة.

وخلال الشهور الأخيرة، تطرق الإعلام العبري مرارا، إلى خلافات مستمرة بين غالانت ونتنياهو، تتعلق بكيفية إدارة الحرب على قطاع غزة، وما بعد الحرب، بالإضافة إلى محاولات نتنياهو المتكررة لتحميل الجيش مسؤولية الحرب على قطاع غزة.

ومنذ تشكيل مجلس الحرب الذي يرأسه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويضم غالانت وغانتس، تطرقت وسائل إعلام عبرية إلى وجود خلافات في أكثر من مناسبة بين نتنياهو وغالانت من جهة، ونتنياهو وغانتس من جهة أخرى، بشأن إدارة الحرب وملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.

والأحد الماضي، اشتكى نتنياهو مما وصفه بـ"وباء التسريبات" الذي تعاني منه حكومته المتطرفة، مطالبا بإقرار مشروع قانون لإجراء اختبار "كشف الكذب" للمسؤولين المشاركين بالنقاشات والاجتماعات الحكومية.

وقال نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته "لدينا وباء من التسريبات، ولست مستعداً للاستمرار على هذا النحو إنها ظاهرة لا تطاق، ولا أعرف أي بلد في العالم يحدث فيه هذا"، وفقاً لما نقلته القناة "12" الإسرائيلية.  وأضاف "لذلك، وجهت بترويج قانون ينص على أن كل من يحضر مناقشات حكومية أو أمنية، سيخضع لجهاز كشف الكذب".

ووفقاً للقناة العبرية، فإن نتنياهو أوعز إلى رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، للبدء في ترويج مشروع قانون "كشف الكذب"، لكي يتم إلزام جميع الوزراء الذين يحضرون اجتماعات مجلس الوزراء المصغر "الكابينت" والمناقشات الأمنية، الخضوع لاختبار "كشف الكذب" بشكل دوري.

ويأتي ذلك عقب تسريب خلافات حادة بين قادة الاحتلال الإسرائيلي الأسبوع الماضي، حيث شهد اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي نشوب خلاف بين نتنياهو وغالانت، بسبب منع رئيس الحكومة المتطرفة رئيسي "الموساد" و"الشاباك" من حضور جلسة لحكومة الحرب، وفقاً للقناة "12" العبرية.

ويصادف اليوم الأحد مرور 100 يوم على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس على الرغم من الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار في النزاع الذي أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة في قطاع غزة.

وقال رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الذي يزور المنطقة الساحلية، إن "جسامة الموت والدمار والتهجير والجوع والخسارة والحزن في الأيام المئة الماضية تلطخ إنسانيتنا المشتركة".

وأكد أيضا أن جيلا كاملا من أطفال غزة يعاني من "صدمة نفسية"، والأمراض مستمرة في الانتشار و"المجاعة" تلوح في الأفق.

اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس إثر هجوم شنته الحركة الإسلامية الفلسطينية داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر وخلف نحو 1140 قتيلاً، معظمهم من المدنيين، حسب حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استنادا إلى أرقام إسرائيلية.

واحتُجز نحو 250 شخصا رهائن خلال الهجوم، كما تقول اسرائيل التي تؤكد أن 132 منهم ما زالوا في غزة. وتأكد مقتل 25 منهم. وأُطلق سراح نحو مئة رهينة خلال هدنة في نهاية نوفمبر، مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين تعتقلهم اسرائيل، بموجب اتفاق توسطت فيه قطر.

وردا على الهجوم توعدت إسرائيل "بالقضاء" على حماس، وتشن منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة وعملية برية معظم ضحاياها من النساء والفتية والأطفال، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحماس التي أعلنت السبت ارتفاع حصيلة ضحايا العملية إلى 23843 قتيلا وأكثر من ستين ألف جريح.

وتتزايد المخاوف من اشتعال المنطقة بعد ضربات جديدة ضد المتمردين الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران الذين يضاعفون هجماتهم في البحر الأحمر ضد السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل، تضامناً مع الفلسطينيين.

وقالت الولايات المتحدة إن قواتها وصلت إلى "موقع رادار في اليمن" بعد أن تعرضت مواقع المتمردين اليمنيين لضربات أميركية وبريطانية.

على الحدود مع لبنان شمال إسرائيل، أعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أنه أطلق النار على "إرهابيين" دخلوا أراضيه، وقتل أربعة من هؤلاء المقاتلين.

ويتواصل تبادل إطلاق النار بين حزب الله اللبناني الداعم لحركة حماس، والقوات الإسرائيلية بشكل شبه يومي منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

وتم إجلاء عشرات الآلاف من السكان من المنطقة الواقعة على جانبي هذه الحدود في بداية النزاع.

وقال نتانياهو في مؤتمر صحافي في تل أبيب "لن يوقفنا أحد، لا لاهاي ولا 'محور الشر' ولا أي شخص آخر"، في إشارة خصوصا إلى دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، متهمة إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة.

من جهته أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أن بلاده تخوض حربا "عادلة" للدفاع عن "حقها في العيش هنا بأمان".

واصل الجيش الإسرائيلي السبت قصف قطاع غزة حيث قُتل ستون شخصا على الأقل، حسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

وأعلن الجيش الإسرائيلي إنه قصف عشرات من مواقع حماس بما في ذلك قاذفات صواريخ "جاهزة للاستخدام" و"مركز قيادة" لحماس في وسط قطاع غزة. كما ذكر أنه قتل أربعة "إرهابيين" في ضربات جوية على خان يونس كبرى مدن جنوب القطاع، حيث يتركز القتال.

وفي مستشفى النجار في رفح، يحاول السكان التعرف على أحبائهم الذين مددوا على الأرض. وأمام صف الجثث، يعانق رجل رفات طفل صغير ملفوف بملاءة بيضاء.

ويعرض بسام عرفة الذي نزح من مخيم البريج وسط القطاع الساحلي، صورة طفلة على شاشة هاتفه قائلا "هذه الطفلة الصغيرة ماذا فعلت لهم؟ ماتت جائعة وهي تحمل كسرة خبز". وأضاف "هذه هي المقاومة التي يستهدفونها في غزة.. أطفال".

وذكر صحافي وكالة الصحافة الفرنسية السبت أن الاتصالات في رفح عادت جزئيا غداة إعلان شركة الاتصالات الفلسطينية الرئيسية (بالتل)، عن انقطاع الخدمة. ولم تؤكد الشركة عودة الخدمة لكنها قالت إن غارة إسرائيلية أودت بحياة اثنين من موظفيها في خان يونس أثناء قيامهما بإصلاح الشبكة.

وتزيد موجة البرد والأمطار التي تهطل في المنطقة صعوبة الحياة اليومية للعائلات التي تخيم في ساحة مجمع النصر الطبي. وقالت نبيلة أبو زايد (40 عاما) بأسف "لكن إلى أين نذهب؟".

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 1.9 مليون شخص أو نحو 85 بالمئة من السكان، اضطروا إلى مغادرة منازلهم. ويلجأ كثيرون إلى رفح أو إلى مناطق أخرى في جنوب هذه المنطقة الصغيرة، بينما تكرر وزارة الصحة المحلية أنه لا تملك بنية تحتية لاستيعابهم.

واتهم المتحدث باسم الوزارة إسرائيل بـ"استهداف المستشفيات عمدا (...) لإخراجها من الخدمة" محذرا من "تداعيات مدمرة" لذلك.

ومع أن المستشفيات في المنطقة محمية بموجب القانون الإنساني الدولي، فقد تعرضت لقصف الجيش الاسرائيلي مرات عدة، إذ تتهم إسرائيل حماس باستخدام المستشفيات قواعد لها واستخدام المدنيين كدروع بشرية، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أن أقل من نصف المستشفيات في قطاع غزة تعمل وجزئيا فقط.

في إسرائيل، ما زالت عائلات الرهائن في حالة تعبئة من أجل عودتهم، محاولة الضغط على الحكومة عبر تحركات عملية أحيانًا ورمزية.

وتجمع آلاف الأشخاص في تل أبيب السبت للمطالبة بالإفراج عن الرهائن.

وقال إيدان بيجيرانو (47 عاما) الذي شارك في التظاهرة، لفرانس برس "سنواصل المجيء إلى هنا الأسبوع تلو الآخر حتى يتم إطلاق سراح الجميع".

وفي مكان قريب تظاهر نحو مئة شخص أيضًا، لكن للمطالبة بإنهاء الحرب، رافعين لافتات كتب عليها "لا للاحتلال" و"الانتقام ليس نصرًا".