لبنان يشهد سباقا بين المساعي الدبلوماسية والتصعيد الميداني

كبير مستشاري البيت الأبيض من بيروت: نود أن نرى حلا دبلوماسيا.
الجمعة 2024/01/12
ماذا يحمل هوكشتاين معه لتخفيف التوتر بين لبنان وإسرائيل

ركزت زيارة كبير مستشاري البيت الأبيض آموس هوكشتاين إلى بيروت على سبل تحقيق تسوية دبلوماسية تنهي التصعيد على الجبهة الجنوبية، في ظل تحذيرات إسرائيلية من أن الوقت ينفد لإيجاد حل دبلوماسي يمنع نشوب حرب واسعة بينها وحزب الله.

بيروت- يشهد لبنان سباقا بين التصعيد الميداني والجهود الدبلوماسية، في ظل مخاوف من خروج المواجهات الجارية بين حزب الله وإسرائيل عن السيطرة.

وحط كبير مستشاري البيت الأبيض آموس هوكشتاين الرحال في بيروت الخميس، بعد زيارة لمسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك.

ويعكس توافد المسؤولين الغربيين على لبنان وجود قلق فعلي من إمكانية توسع الصراع، لاسيما بعد أن غيرت إسرائيل قواعد الاشتباك عبر توسيع دائرة الاستهداف، واغتيال قيادات ميدانية لحزب الله، كان أبرزهم القيادي في قوة الرضوان، وسام حسن الطويل.

وقال هوكشتاين في تصريح بعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل المقرب من حزب الله نبيه بري “علينا أن نجد حلا دبلوماسيا يسمح للمواطنين اللبنانيين بالعودة إلى منازلهم في جنوب لبنان” ويمكّن كذلك الإسرائيليين “من العودة إلى منازلهم” في الشمال.

وأضاف الموفد الأميركي الذي سبق أن تولى وساطة بين البلدين قادت إلى ترسيم الحدود البحرية بينهما في العام 2022 “نعيش في لحظة أزمة، حيث نود أن نرى حلا دبلوماسيا، وأعتقد أن كلا الجانبين يفضلان الحل الدبلوماسي، ومن واجبنا التوصّل إلى حل”.

هرتسي هاليفي: لا توجد قرية في لبنان لا يمكننا دخولها وتفكيكها
هرتسي هاليفي: لا توجد قرية في لبنان لا يمكننا دخولها وتفكيكها

وصرحت الحكومة الإسرائيلية مرارا بأن الوضع على طول الحدود الشمالية “يجب أن يتغير سواء عبر حل دبلوماسي أو عمل عسكري”، قبل أن تسمح للمواطنين الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم بالعودة إلى منازلهم.

ووفق موقع “أكسيوس” الأميركي، تريد إسرائيل أن يتم دفع عناصر حزب الله إلى مسافة ستة أميال تقريبا من الحدود كجزء من صفقة دبلوماسية، وهذه إحدى الرسائل التي يحملها كبير مستشاري البيت الأبيض إلى بيروت.

والأسبوع الماضي، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره من كبار المسؤولين هوكشتاين بأن “الوقت بدأ ينفد لإيجاد حل دبلوماسي يمنع حربا شاملة بين إسرائيل وحزب الله“.

وقال ثلاثة مسؤولين إسرائيليين لموقع “إكسيوس”، إن هوكشتاين قال خلال محادثات في تل أبيب إنه بمجرد انتقال الجيش الإسرائيلي بشكل كامل إلى عمليات منخفضة الشدة في غزة، فإن ذلك سيساعد على تهدئة الوضع في لبنان. واقترح أيضا أن تصدر إسرائيل بيانا تعلن فيه المرحلة الانتقالية.

وقال المسؤولون الإسرائيليون إن هوكشتاين أخبر نتنياهو أنه بمجرد توقف المناوشات بين إسرائيل وحزب الله، فإنه يريد بدء مفاوضات غير مباشرة على الحدود البرية، على غرار المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق على الحدود البحرية.

وأضاف المسؤولون أن إسرائيل لا تمانع في إجراء مفاوضات بشأن الحدود البرية مع لبنان.

ويتبادل حزب الله إطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي عبر الحدود الجنوبية للبنان منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل قبل ثلاثة أشهر وردت إسرائيل عليه بهجوم عنيف وواسع على قطاع غزة.

وأجبر العنف على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية عشرات الآلاف من الجانبين على الفرار. وقد أعلن حزب الله الخميس وبالتوازي مع زيارة المسؤول الأميركي، عن مقتل مسعفين اثنين وجرح آخرين في قصف إسرائيلي طال مركزا للهيئة الصحية الإسلامية التابعة له في جنوب لبنان.

ووصف مكتب العلاقات الإعلامية في حزب الله في بيان ما جرى بأنه “اعتداء صارخ على مركز يقوم على خدمة المواطنين اللبنانيين وإغاثتهم وإسعاف الجرحى والمصابين جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على بلدنا وشعبنا”.

وهذه ليست أول مرة يطال القصف الإسرائيلي خدمات صحية في جنوب لبنان، إذ أصيب أربعة مسعفين في جمعية محلية في الأسبوع الأول من نوفمبر جراء قصف إسرائيلي طال سيارتي إسعاف في المنطقة الحدودية.

ويرى متابعون أن التصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان يندرج في سياق توجيه رسالة للحزب ولبنان بأنها على استعداد لما هو أسوأ في حال لم يجر وقف الهجمات.

◙ توافد المسؤولين الغربيين على لبنان يعكس قلقا فعليا من إمكانية توسع الصراع، لاسيما بعد أن غيرت إسرائيل قواعد الاشتباك عبر توسيع دائرة الاستهداف

وقال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي إن الجيش الإسرائيلي أصبح بعد المعارك في قطاع غزة قادرا على القتال في لبنان إذا اضطر إلى ذلك، وإنه “لا توجد قرية في لبنان لا يمكنه دخولها وتفكيكها”.

وأضاف هاليفي للجنود في وسط غزة، وفق فيديو نشره الجيش الإسرائيلي في حسابه على منصة إكس، “بعد أن قاتلنا في غزة، سنعرف كيف نفعل ذلك في لبنان إذا اضطررنا إلى ذلك”.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي قال لمسؤول كبير في الأمم المتحدة الثلاثاء إن بلاده مستعدة لإجراء محادثات لتحقيق استقرار طويل الأمد على حدودها الجنوبية مع إسرائيل.

وتعقيبا على زيارة المسؤول الأميركي لبيروت، أشار النائب اللبناني السّابق أمل أبوزيد إلى أنّ “لبنان يشهد في هذه الأيّام سباقا بين التصعيد الميداني، وحركة موفدين دوليين لتفادي أيّ توسيع لرقعة المواجهات العسكرية”.

وأعرب في منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن أمله في “تغليب المفاوضات والحل السياسي على أي تصعيد عسكري يبيت له العدو الإسرائيلي، على أن يحفظ أي حل أمن واستقرار جنوبنا الغالي، وأيضا سيادة لبنان الكاملة”.

في المقابل لا تخفي المعارضة اللبنانية هواجسها من حصول مقايضة بين ما يدور في الجبهة الجنوبية، وملفات داخلية كملف رئاسة الجمهورية المجمد منذ أشهر.

وتصاعد الوضع على طول الحدود الإسرائيلية – اللبنانية مطلع الأسبوع الجاري بشكل أكبر بعد أن استهدفت غارة إسرائيلية القائد الميداني البارز لحزب الله وسام الطويل، الذي كان يتولى إدارة العمليات العسكرية في جنوب لبنان.

وهاجم حزب الله مقر القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي بطائرات مسيرة، في حين قتلت إسرائيل عددا من القادة الميدانيين الآخرين للحزب اللبناني الموالي لإيران.

ويرى مراقبون أن زيارة هوكشتاين للبنان مهمة لناحية مضامين الحل الدبلوماسي التي تحملها، لخفض التوتر على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، لكن لا يمكن التكهن بمدى نجاح مهمته، حيث إن الأمر يبقى رهينة إرادة الطرفين؛ حزب الله وإسرائيل.

ومنذ بدء التصعيد، قتل 192 شخصا في لبنان، بينهم أكثر من 140 عنصرا من حزب الله وأكثر من عشرين مدنيا بينهم ثلاثة صحافيين.

2