ما رأي جنابك وجنابهم؟

الحكومات والشعوب "المزقلطة" فقط تكترث للأضرار الناجمة عن تناول السكر والملح، أما الشعوب “الغلبانة” فلا مانع لديها من أن تموت وهي تأكل الزلابية والكنافة النابلسية.
الجمعة 2024/01/12
حملات مكافحة التدخين فشلت في الدول العربية

الجدل حول مضار التدخين حُسم أو توقف. أصبح مقبولا أن تزيد الحكومات سعر السجائر وأن تحظر التدخين على الشواطئ وفي الحدائق العامة، بعد أن منعته في الأماكن المغلقة، كما فعلت فرنسا مؤخرا، ضمن خطة تهدف للوصول إلى “جيل متحرر من التبغ”.

محاولات حظر التدخين مستمرة ولم تتوقف منذ أن اكتشف كريستوفر كولومبس الأميركتين. وقد يستغرب من هم دون سن الأربعين لو علموا أن التدخين كان مسموحا به، حتى وقت قريب نسبيا، خلال رحلات الطائرات وداخل قاعات السينما، وحتى داخل المستشفيات.

وإذا كان العالم قد حسم أمره وأجمع على محاربة التدخين، إلا أنه مازال مترددا في اتخاذ خطوات مماثلة حيال عدو آخر خطرُه لا يقل عن خطر تدخين السجائر إن لم نقل يفوقه.

القاتل الآخر هو “الأبيضان”، السكر والملح، اللذان يتسببان في مقتل الملايين من الأشخاص سنويا، وخسائر لا تقل عن 2.6 تريليون دولار.

وإذا كان التدخين عدوا واضحا فإن خطورة السكر والملح تكمن في أنهما يتسللان إلى حياتنا دون استئذان، عن طريق مواد غذائية مصنعة، حيث يصعب العثور على مواد غذائية محفوظة لم يُضفْ إليها الملح أو السكر أو الاثنين معا.

حتى لو نجحت جهود التوعية في إقناع المدمنين على المشروبات الغازية بوجوب الإقلاع عنها، هل سينفع الحديث عن الأضرار الصحية للأبيضين مع عشاق المخارق والزلابية والبقلاوة والكنافة… وأصناف أخرى من الحلويات لا تعد ولا تحصى؟

لنا في حملات مكافحة التدخين خير جواب؛ فقد فشلت هذه الحملات في الدول العربية رغم أن الحكومات لم تقصّر في أداء واجبها وحذرت من المخاطر الصحية للتدخين، ونجحت في أوروبا، والسبب أن أسعار السجائر بقيت رخيصة في الدول العربية، بينما ارتفعت في الدول الأوروبية بشكل صاروخي.

ما نجح مع التدخين تريد منظمة الصحة العالمية تجربته مع السكر، وتوصي بفرض ضريبة خاصة بنسبة 20 في المئة -على الأقل- على المشروبات الغازية. وقد اتخذت عدة بلدان بالفعل إجراءات ضريبية لمكافحة استهلاك المشروبات الغازية والأطعمة التي تحتوي على سكر مضاف.

ولكن هل ينفع هذا الحل مع الدول العربية، التي يعتبر الحديث فيها عن مضار السكر والملح ترفا وتجديفا وتحديا للقضاء والقدر؟

حتى لو صدقت النوايا، من يريد أن يجد نفسه في موقف المسؤول المصري الدكتور محسن المزقلط (البدين) في زمن الرئيس المصري الراحل أنور السادات، الذي نصح بتناول الفول بدلا من اللحمة، لأن الفول مصدر صحي للبروتينات، لا يسبب أمراض القلب والشرايين كما هي اللحمة.

أصبحت توجيهات الدكتور المزقلط مصدرا للسخرية في قصيدة عنوانها “الفول واللحمة” للشاعر أحمد فؤاد نجم، رددها الشارع المصري، ورددها العرب مع الشيخ إمام، تقول كلماتها:

“يا دكتور محسن يا مزقلط يا مصدر يا غير مسؤول

حيث إن انتو عقول العالم والعالم محتاج لعقول

ما رأى جنابك وجنابهم فيه واحد مجنون بيقول

احنا سيبونا نموت باللحمه وانتو تعيشو وتاكلو الفول”.

الحكومات والشعوب “المزقلطة” فقط تكترث للأضرار الناجمة عن تناول السكر والملح، أما الشعوب “الغلبانة” فلا مانع لديها من أن تموت وهي تأكل الزلابية والكنافة النابلسية.

ما رأي جنابك وجنابهم؟

18