بلينكن في إسرائيل للتهدئة مع توعد الجيش بعام آخر من الحرب

غزة/تل أبيب/القاهرة - يجتمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الثلاثاء مع زعماء إسرائيليين في مسعى للحيلولة دون تحول الحرب في قطاع غزة إلى صراع إقليمي في الوقت الذي أعلن فيه الجيش الإسرائيلي أن قتاله حركة حماس سيستمر طوال العام.
ووصل بلينكن إلى تل أبيب في وقت متأخر من مساء الاثنين لاطلاع المسؤولين الإسرائيليين على محادثاته التي استمرت يومين مع زعماء عرب بشأن إنهاء الحرب التي اندلعت عقب هجوم مسلحي حركة حماس على إسرائيل والذي تقول تل أبيب إنه أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص في السابع من أكتوبر.
ويحمل وزير الخارجية الأميركي في جعبته خطة أو أفكارا أميركية بغية تخفيف حدة الحرب، وتقليص أثرها على المدنيين الفلسطينيين. وكذلك يسعى إلى تقصير أمد الصراع الذي دخل شهره الرابع بكلفة بشرية فلسطينية عالية جداً، إذ بلغ عدد القتلى المدنيين في القطاع المحاصر أكثر من 23 ألفا، أغلبهم من الأطفال والنساء.
وكان الوزير الأميركي قد أفاد سابقا بأنه سيضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "بشأن الضرورة الملحة لبذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين في غزة، وللتأكد من وصول المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجون إليها".
كما شدد على ضرورة أن تسمح إسرائيل للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى ديارهم في غزة، ردا على دعوات أعضاء يمينيين في الائتلاف الحاكم في إسرائيل لهم بالانتقال إلى مكان آخر.
لكن رياح بلينكن لن تجري كما تشتهي سفنه لاسيما أن الجيش الإسرائيلي أكد أكثر من مرة أن قتاله سيستمر طوال العام الحالي، فقد ذكر الأميرال دانيال هاغاري المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن "مزيجا مختلفا من القوات" يلاحق مقاتلي حماس في الشمال بينما يشهد وسط غزة وأنحاء مدينة خان يونس الجنوبية "نشاطا عملياتيا مكثفا".
وقال هاغاري "نخوض معارك صعبة في الوسط والجنوب". وأضاف أن "القتال سيستمر طوال عام 2024".
وكذلك فعل نتنياهو الذي أوضح أن الحرب ستستمر أشهرا عدة، ولن تنتهي قريباً. وتعهد بمواصلة القتال لحين تدمير حماس بشكل كلي على الرغم من تعرضه لضغوط متزايدة من الولايات المتحدة، أقرب حليف لبلاده.
وأفاد موقع إكسيوس نقلا عن اثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين بأن القادة الإسرائيليين سيبلغون بلينكن بأنهم لن يسمحوا للفلسطينيين من شمال غزة بالعودة إذا رفضت حماس إطلاق سراح المزيد من الرهائن الإسرائيليين الذين احتجزتهم في السابع من أكتوبر.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير للموقع "لن نسمح للفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم في شمال غزة إذا لم يتم إحراز تقدم في إطلاق سراح الرهائن".
وأضاف المسؤول الثاني "هناك رهائن إسرائيليين وأميركيين ما زالوا محتجزين في غزة، ونعتقد أننا سنعرف في غضون أسابيع قليلة ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق جديد لإطلاق سراحهم أم لا".
وأوضح مسؤول إسرائيلي ثان أن المفاوضين الإسرائيليين الذين يعملون على هذه القضية، يعتقدون أن عودة الفلسطينيين إلى شمالي غزة تمثل "وسيلة ضغط كبيرة" لا تريد إسرائيل التخلي عنها، في الوقت الذي تحاول فيه تأمين صفقة رهائن جديدة.
وتؤكد إسرائيل أن حماس لا تزال تحتجز أكثر من 100 رهينة من بين 240 أسرتهم في هجوم السابع من أكتوبر.
وفر مئات الآلاف من الفلسطينيين من شمالي قطاع غزة، بعد أوامر الإخلاء المتكررة التي أصدرتها إسرائيل، وبدء العملية البرية الإسرائيلية في 17 أكتوبر الماضي.
وتم تدمير ما بين 70 بالمئة إلى 80 بالمئة من المباني شمالي القطاع خلال الحرب، وفقاً لتحليل بيانات الأقمار الاصطناعية الذي أجراه الباحثان، جامون فان دن هوك، من جامعة ولاية أوريغون، وكوري شير، من مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك.
كما تم تدمير جزء كبير من البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والكهرباء في شمال غزة.
وتطرح هذه التوجهات المتباينة علامات استفهام حول فعالية تلك الزيارة الأميركية إلى تل أبيب، ومدى تمكن بلينكن من إقناع حكومة نتنياهو بتعديل خططها.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يعمل "بهدوء" على تشجيع إسرائيل على تخفيف هجماتها و"الخروج بشكل كبير من غزة". وواجه بايدن أمس الاثنين محتجين يهتفون "أوقف إطلاق النار الآن" في أثناء زيارته لكنيسة تاريخية للسود في ساوث كارولاينا.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن العملية تدخل مرحلة جديدة من الحرب الأكثر استهدافا، لكن القتال لم يهدأ الاثنين.
وتوجه بلينكن إلى تل أبيب بعد محادثات في الإمارات والسعودية لمحاولة رسم طريق للخروج من الفصل الأكثر دموية على الإطلاق في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود. وهذه هي زيارته الرابعة إلى المنطقة منذ أكتوبر.
وفي حديثه للصحافيين بعد لقائه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة العلا السعودية، قال بلينكن إنه لا يزال يجد الدعم بين الزعماء العرب لهدف إسرائيل المتمثل في تطبيع العلاقات.
لكن بلينكن، الذي أجرى محادثات في الأردن وقطر الأحد، قال إن ذلك "يتطلب إنهاء الصراع في غزة ومسارا عمليا لقيام دولة فلسطينية".
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد السعودي، شدد على أهمية وقف الأعمال العدائية وتمهيد طريق للسلام.
وقالت الوكالة الرسمية إن الأمير محمد، الذي كان يقود قبل اندلاع الحرب تقاربا بين بلاده وإسرائيل، أكد ضرورة ضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وتتهم إسرائيل حماس بالعمل بين المدنيين، وتقول إنها تخوض معركة من أجل بقائها. وتنفي حماس، التي تتعهد بتدمير إسرائيل، ذلك.
ويقول مسؤولو الصحة في غزة إن الهجوم الإسرائيلي أدى حتى الآن إلى مقتل 23084 فلسطينيا، بينما أعلنت إسرائيل مقتل أربعة من جنودها في غزة الاثنين، مما يرفع عدد قتلاها العسكريين في الحرب إلى 182.