جولة حميدتي الإقليمية تربك البرهان وتضيف ضغوطا إلى انتكاسات الجيش

الخرطوم – أعلن السودان الخميس استدعاء سفيره لدى كينيا احتجاجا على الاستقبال الرسمي لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الأربعاء، في موقف يظهر أن الجولة الأفريقية لقائد الدعم السريع تربك خصمه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وتضيف ضغوطا إلى ضغوط الانتكاسات العسكرية.
وشملت جولة حميدتي كلا من كينيا وجنوب أفريقيا وأوغندا وإثيوبيا وجيبوتي ضمن مسار أفريقي للبحث عن وقف الحرب في السودان. وما يزعج البرهان أن الدول المعنية استقبلت خصمه كشخصية سياسية وازنة يتم النقاش معها حول مستقبل السودان وسبل التوصل إلى وقف إطلاق النار، وهو ما يعني المساواة في التعامل بينهما، ما ينسف جهود البرهان في التسويق لنفسه على أنه الممثل الوحيد للدولة السودانية في الخارج، وأن قائد الدعم السريع منشق ولا يمكن التعامل معه من أي جهة خارجية.
ويذكر مراقبون أن زيارته إلى جنوب أفريقيا الخميس ولقاءه برئيسها سيريل رامبوزا يعدان خطوة ببعد سياسي كبير، نظرا إلى أهمية دور جنوب أفريقيا في التأثير على مواقف الدول الأفريقية الأخرى.
تجاهل البرهان لدعوات الحوار برعاية أفريقية سيزيد عزلته وسيهزّ مصداقيته لدى الأطراف المعنية بالحل
وظهر دقلو خلال الجولة الأفريقية في موقع الطرف القوي والواثق بنفسه، وهذا يعود إلى الإنجازات العسكرية التي حققتها قواته في الفترة الماضية، ما يحوله إلى طرف رئيسي في أي حل مستقبلي. في المقابل سيزيد تجاهل البرهان لدعوات الحوار برعاية أفريقية عزلته وسيهز مصداقيته لدى الأطراف الأفريقية المعنية بالحل، خاصة أن خلافه ليس مع كينيا وحدها بل مع مختلف الدول التي تبحث عن حل سريع لوقف الحرب في السودان.
وما يثير ارتباك البرهان أن قطار الحوار السوداني – السوداني برعاية أفريقية قد انطلق وأن حميدتي قد التقى قبل أيام في أديس أبابا برئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، الذي يقود تحالف “تقدم”، إلى جانب عدد من السياسيين أغلبهم ينتمون إلى قوى الحرية والتغيير (التحالف الحكومي السابق في السودان)، وهذا مؤشر على أن العزلة قد لا تقف عند البعد الخارجي بل تتجه إلى عزلة شاملة.
وأعلنت وزارة خارجية السودان الخميس استدعاء سفيرها لدى كينيا كمال جبارة، احتجاجا على الاستقبال الرسمي لحميدتي الأربعاء. جاء ذلك وفق بيان لوزير الخارجية علي الصادق.
وقال الصادق إن “السودان استدعى سفيره في نيروبي للتشاور، احتجاجا على الاستقبال الرسمي الذي نظمته الحكومة الكينية لقائد ميليشيا التمرد (في إشارة إلى حميدتي) لدى زيارته إليها أمس (الأربعاء)”.
وأضاف أن نيروبي “متناسية الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها قواته المحلولة (في إشارة إلى الدعم السريع)، والدمار الذي ألحقته بالبنى التحتية ومقدرات البلاد وممتلكات المواطنين”.
وأوضح أن “التشاور مع السفير سيغطي كل الاحتمالات لمآلات علاقات السودان مع كينيا، التي ظلت منذ اندلاع الحرب الغادرة في البلاد توالي التمرد وتستضيف قادته وداعميه، فضلا عن التآمر مع القوى الإقليمية المعادية ضد السودان”.
والأربعاء قال الرئيس الكيني وليام روتو عبر منصة إكس “أجريت محادثات مع قائد قوات الدعم السريع بمقر الرئاسة في نيروبي، وتقدر كينيا التزام قوات الدعم السريع وقائدها بإنهاء الصراع في السودان من خلال الحوار”.
والتقى حميدتي خلال الأيام الماضية، بالإضافة إلى رئيس كينيا، قادة أوغندا يوري موسيفيني وإثيوبيا آبي أحمد وجيبوتي إسماعيل عمر جيلي، ضمن جولة خارجية غير معلنة المدة.
وكان من المرتقب أن يجتمع حميدتي في جيبوتي مع البرهان في لقاء قد يمهد لاتفاق على دمج الجيش والدعم السريع وإمكانية حل الأزمة إذا قدم الطرفان تنازلات دون شروط مسبقة، لكن غياب البرهان عرقل هذا المسار.
ومنذ منتصف أبريل 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 12 ألف قتيل وأكثر من 6 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت في 18 ديسمبر الماضي على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، بعد معارك مع الجيش استمرت نحو أربعة أيام، في الولاية المتاخمة للخرطوم من الجنوب، وتعد ذات كثافة سكانية عالية، وكانت قِبلة للفارين من القتال في الخرطوم.
وبانتقال المعارك إلى الجزيرة اتسعت رقعة القتال إذ انضمت الأخيرة إلى 9 ولايات تشهد اشتباكات مستمرة منذ منتصف أبريل، وهي العاصمة الخرطوم وولايات إقليمي دارفور وكردفان، من أصل 18 ولاية.