البرهان يستعدي الداخل والخارج

تركيز قائد الجيش السوداني منصب على إشعال حرب الكل ضد الكل.
الأربعاء 2024/01/03
انفصام عن الواقع

بورتسودان (السودان) - يواجه قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، شبح العزلة، مع إصراره على استعداء المكون المدني في الداخل، واستفزاز القوى الإقليمية، بتوجيه اتهامات لا أساس لها بالتدخل في شؤون بلاده الداخلية.

وتقول أوساط سياسية سودانية إن مواقف البرهان تعكس حالة من الانفصام عن الواقع وهي لا تخلو من تناقض فهو من جهة يبدي انفتاحا على دعم دول الإقليم لجهود إنهاء الحرب، ومن جهة ثانية ينتفض لمجرد استقبال تلك الدول لقائد قوات الدعم السريع.

وتوضح الأوساط أن البرهان أظهر بالواضح أنه لا يملك أي رؤية تجاه إنهاء الصراع المندلع منذ منتصف أبريل الماضي بين الجيش والدعم السريع، وأن تركيزه منصب على إشعال حرب الكل ضد الكل، وهذا الأمر من شأنه أن يدفع القوى المدنية إلى التخلي عن موقف الحياد الذي اتخذته حيال الصراع، كما أنه سيدفع الدول الإقليمية نحو إعادة النظر في توجهاتها حيال الأزمة السودانية.

ووجه قائد الجيش السوداني انتقادات حادة للدول التي استقبلت قائد الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو مؤخرا، ولوح باتخاذ إجراءات حيالها.

وقال البرهان في خطاب بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لاستقلال السودان من بورتسودان “نوجه رسالة للدول التي تستقبل هؤلاء القتلة: كفوا أيديكم عن التدخل في شأننا لأن أي تسهيلات تقدم لقيادة المجموعة المتمردة تعتبر شراكة في الجرم وشراكة في قتل شعب السودان وتدميره”.

قائد الجيش يربط قبول دعوة "لا للحرب" والتفاوض بخروج قوات الدعم من المدن السودانية وإخلاء المقار الحكومية

واعتبر أن استقبال الجهات التي تعادي الدولة هو عدم اعتراف بالحكومة القائمة وعدّ ذلك عداء صريحا للدولة، ويحق لها أن تتخذ من الإجراءات ما يحفظ سيادتها وأمنها.

وقام قائد الدعم السريع منذ الأربعاء الماضي بجولة خارجية هي الأولى المعلنة له منذ اندلاع الصراع، بدأها بزيارة إلى أوغندا حيث التقى بالرئيس يوري موسفيني، ثم العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حيث اجتمع برئيس الوزراء آبي أحمد، ليختتمها بالعاصمة الجيبوتية حيث استقبله الرئيس إسماعيل قيلي.

وأظهر دقلو خلال لقاءاته مع رؤساء الدول التي زارها حرصه على تحقيق السلام وقد كانت له لقاءات مثمرة أيضا مع ممثلي القوى المدنية السودانية، مبديا انفتاحه على خارطة الطريق التي تطرحها للتسوية السياسية.

وتوضح الأوساط السودانية أن فيما يحرص قائد قوات الدعم السريع على إبداء مرونة كبيرة وانفتاح على تحقيق التسوية وتمكين المدنيين، يصر البرهان في كل إطلالاته على بث رسائل سلبية، رغم أن الجيش هو الطرف الأضعف حاليا على الميدان.

البرهان أظهر بالواضح أنه لا يملك أي رؤية تجاه إنهاء الصراع المندلع منذ منتصف أبريل الماضي بين الجيش والدعم السريع

وتشير الأوساط نفسها إلى أن البرهان يبدو أنه عاجز فعليا عن الفكاك من ضغوط قوى الشد العكسي المتمثلة في فلول النظام السابق، والتي تدرك جيدا أن إنهاء الصراع سيكون بمثابة نهايتها ليس فقط السياسية، حيث إن العديد من القيادات عليها قضايا جنائية وبالتالي قد تعود مجددا إلى السجن الذي فرت منه عقب اندلاع النزاع.

ورهن قائد الجيش قبول دعوة “لا للحرب” والتفاوض بخروج قوات الدعم من ولاية الجزيرة ومن بقية مدن السودان وإخلاء مساكن المواطنين والمقار الحكومية. ورأى أن أي وقف لإطلاق النار لا يضمن ما ذكر لن يكون ذا قيمة.

وأشار البرهان إلى أن من أسماهم ميليشيا ومرتزقة قوات الدعم السريع مستمرة في التدمير بمساندة “بعض خونة الشعب وطلاب السلطة وبتأييد من بعض دول الإقليم والعالم تحت دعاوى زائفة، رغم ثبوت ارتكاب تلك القوات لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بشهادة دول العالم والمنظمات الدولية”.

واشترط قائد الجيش أن تتضمن خارطة الطريق للسلام المطلوبات اللازمة، قائلا: سلام منقوص أو يسلب كرامة وإرادة الشعب السوداني لن يكون مقبولا.

ويرى متابعون أن الشروط التي يطرحها قائد الجيش لتحقيق السلام هي شروط غير واقعية، وتعكس انفصالا عن الواقع، وتظهر عدم رغبة جدية في السير في خيار السلام. ويشير المتابعون إلى أن الخطاب الذي يتمسك به البرهان والذي يستخدم فيه مصطلحات من قبيل محاربة “ميليشيا متمردة”، ويصف فيه القوى المدنية بـ”الطابور الخامس”، يحيل على أنه ماض في التصعيد حتى وإن اقتضى الأمر إشعال حرب أهلية.

وفشل لقاء بين البرهان وحميدتي، أعدته منظمة إيقاد، في جيبوتي الخميس الماضي، وتم تأجيله لأسباب فنية وفق تصريحات لوزارة الخارجية في جيبوتي.

وذكر وزير الخارجية الجيبوتي في تغريدة على منصة إكس الأحد، أن هناك ترتيبات لعقد اللقاء الأسبوع المقبل.

2