حميدتي يدعو الجيش السوداني للاعتراف بخسارة الحرب

الخرطوم – نفى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الاثنين في خطاب بمناسبة الذكرى الثامنة والستون لاستقلال السودان، السعي للسيطرة على السلطة بالقوة وأنه قواته لا تنوي أن تكون بديلا عن الجيش السوداني الذي حثه على الاعتراف بخسارة الحرب.
وقال حميدتي في كلمة مصوّرة بُثّت على منصة "إكس" "إن قوات الدعم السريع تسعى إلى التغيير وضمان احترام إرادة الشعب السوداني وليس الوصول للسلطة بالقوة".
وأضاف إن هدفه الوحيد يتمثل في "إقامة سودان ديمقراطي ينعم بالسلام وسط حكم مدني". وأكد "نريد تكوين جيش مهني لا يتدخل في السياسة ويخضع للرقابة".
كما اعتبر حميدتي أن قوات الدعم السريع أجبرت على خوض هذه الحرب، جراء التزامها بالعملية السياسية التي كانت ستقود لحكم مدني، مضيفا أن السودان يعيش أسوأ أزمة في تاريخه مع دخول الحرب التي وصفها بـ "المفتعلة" شهرها التاسع.
وحذر حميدتي من انتشار خطاب الكراهية والعنصرية، ونوه بأنه ينذر بخطر يهدد الوحدة الوطنية، وطالب بوقف القتل على أساس العنصر أو اللون في بعض مناطق السودان.
وأكد قائد قوات الدعم السريع على أنه انخرط في المفاوضات والتزم بمقررات مفاوضات جدة وقمة الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد) للوصول إلى حل شامل.
وحث الجيش السوداني، على الإقرار علنا بخسارة الحرب والفشل فيها والتوقف عن حملات الاستنفار والقتال وتدمير البلاد والتمهيد لإنهاء الحرب وبدء العملية السياسية.
وتعهد حميدتي للشعب السوداني بإنهاء الحرب لصالح الشعب قريبا وبناء دولة المواطنة المتساوية بلا تمييز"، قائلا "مصممون على ملاحقة الانقلابيين".
وقال قائد قوات الدعم السريع إن المفاوضات في بلاده يجب أن "لا تدور حول فئة محددة"، مشددا على ضرورة أن تؤدي إلى "حل شامل يضم كل السودانيين".
وتابع "رؤيتنا في ذلك أن لا تكون هذه المفاوضات حول أجندة محددة ومجموعة بعينها، وأن ترتكز على تحقيق مستقبل السودان، وتقود إلى حل شامل".
ودعا حميدتي القوى المدنية الديمقراطية التي تدعو لوقف الحرب، إلى الانخراط في حوار واسع ينهي الحرب وتشكيل حكومة مدنية تلبي تطلعات الشعب"، مؤكدا الحرص على تأسيس وإقامة حكم مدني "لأنه الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار".
من جهة ثانية، أعرب حميدتي عن "أسفه للانتهاكات التي طالت المواطنين في ولاية الجزيرة"، نافيا أن "تكون قوات الدعم السريع وراءها".
وقال "نحن في قوات الدعم السريع نعبّر عن أسفنا للانتهاكات الواسعة التي حدثت في البلاد وخاصة بولاية الجزيرة من قبل المتفلتين (الخارجين عن القانون)، وهم لا علاقة لهم بالدعم السريع".
وشهدت ولاية الجزيرة عمليات نهب واسعة في أسواق وبنوك مدينة ود مدني، إضافة إلى كافة المرافق والشركات والمخازن على أيدي عناصر أجهزة الإخوان واستخباراتهم العسكرية التي سارعت إلى تنفيذها قبل دخول قوات الدعم السريع.
وتزامنت عمليات النهب هذه مع حملات اعتقالات للمدنيين ممن ترجع أصولهم لدارفور وكردفان، وجرت أكبر مذبحة بحقهم، وتم قتلهم جميعا على الهوية، وهو ما اسماه قائد ميليشيا البراء الإخوانية بـ(التنظيف)، وحدث كل ذلك وقوات الدعم السريع لا تزال خارج المدينة.
وكانت الدعاية الإخوانية تتحدث عن وقائع قبل حدوثها ما يؤكد أنّهم ينفذون مخططا معدا مسبقا، وهو الفرار من المواجهات العسكرية الميدانية والتركيز على ارتكاب الانتهاكات للزعم بأنها من أفعال قوات الدعم السريع، وهذا ما واصلو فعله اذ راحوا يهاجمون القرى في جنوب وغرب الجزيرة، متسببين في عمليات نهب وسرقات واسعة.
وخلال الأسبوع الأول من يناير الجاري، من المرتقب أن يجتمع حميدتي في جيبوتي مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، وسط ترجيحات أن يتصدر وقف إطلاق النار اللقاء الذي يمكن البناء عليه لتفكيك الكثير من القضايا المعقدة بين الطرفين.
وفي مقابل المرونة التي أبداها حميدتي، لا يزال البرهان متمسكا بذات الخطاب التصعيدي الذي يلوّح فيه بخيار الحرب، في وقت يفترض فيه أن يسلك طريق التهدئة لتسهيل المفاوضات المرتقبة في جيبوتي.
واشترط البرهان في كلمة ألقاء بمناسبة ذكرى استقلال السودان إنهاء الحرب بخروج قوات الدعم السريع من ولاية الجزيرة ومن بقية مدن السودان التي سيطرت عليها.
ويرى مراقبون أن شرط البرهان يظهر أنه لا يريد دخول المفاوضات في موقف ضعيف للغاية مقارنة مع موقف دقلو الواثق من تحقيق نصر وفرض شروط سلام هو من يفرضها، ويعود سبب ضعف موقف البرهان إلى أنه وخلال الثمانية شهور بعد الحرب لم يحقق أي انجاز عسكري أو انتصار في معركة أو تحرير منطقة خضعت للدعامة.
ويشير هؤلاء المراقبين إلى أن البرهان سيلتقي بدقلو وهو تحت ضغط شديد من قبل الجنرالات والضباط الاسلاميين في الجيش، ومن الحركة الاسلامية وجماعة علي كرتي وبقايا فلول النظام البائد الذين يرفضون وقف الحرب وإنهم لا يقبلون بأي حال من الاحوال أن يقبل البرهان بأي شرط من شروط أو اقتراحات من حميدتي.
ويخشى البرهان أن جنح للسلم وتجاهل الضغوطات الواقعة عليه من الداخل، يجد نفسه بعد العودة الى بورتسودان شخص مغضوب عليه ووجب الاطاحة به ويلحق باقي رفقاء السلاح القدامى في القاهرة.
ووجه البرهان انتقادات حادة، للدول التي استقبلت قائد الدعم السريع ولوح باتخاذ إجراءات حيالها.
وظهر قائد الدعم السريع لأول مرة في رحلة خارجية الخميس الماضي، وهو يرافق الرئيس يوري موسفيني، كما زار العاصمة الإثيوبية حيث التقى رئيس وزرائها آبي أحمد، والعاصمة الجيبوتية وعقد لقاء الأحد، مع الرئيس اسماعيل قيلي.
ووجه البرهان رسالة للدول التي تستقبل هؤلاء القتلة بأن "يكفوا أيديكم عن التدخل في شأننا لأن أي تسهيلات تقدم لقيادة المجموعة المتمردة تعتبر شراكة في الجرم وشراكة في قتل شعب السودان وتدميره
واعتبر استقبال الجهات التي تعادي الدولة هو عدم اعتراف بالحكومة القائمة وعد ذلك عداء صريحاً للدولة، يحق لها أن تتخذ من الإجراءات ما يحفظ سيادتها وأمنها.
وفشل لقاء بين البرهان وحميدتي، أعدت منظمة إيغاد، في جيبوتي الخميس الماضي، وتم تأجيله لأسباب فنية وفق تصريحات لوزارة الخارجية في جيبوتي.
وذكر وزير الخارجية الجيبوتي في تغريدة على منصة أكس الأحد، أن هناك ترتيبات لعقد اللقاء الاسبوع المقبل.
والتقى قائد قوات الدعم السريع الاثنين مع سياسيين مدنيين مؤيدين للديمقراطية في أديس أبابا، وهي المحطة الأخيرة له في جولة خارجية.
ويعد لقاء دقلو مع وفد تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" برئاسة عبدالله حمدوك وعدد من قيادات التحالف الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي.
ويأتي الاجتماع، ضمن مساعي تقودها "تقدم" لوقف الحرب الجارية في السودان والتي شارفت على إكمال شهرها التاسع، حيث ينتظر عقد اجتماع مماثل بقائد الجيش عبدالفتاح البرهان.
وأعلنت قوى سياسية في السودان الإثنين، توصلها لاتفاق مع قائد قوات الدعم السريع لإنجاز اتفاق وقف عدائيات يسهم في انهاء الأزمة الإنسانية التي خلفها القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقالت المتحدثة باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" رشا عوض في تصريحات صحافية عقب الاجتماع إنه "تم الاتفاق على السعي الجاد للتوصل لاتفاق وقف عدائيات، لأن حل الأزمة الإنسانية مربوط بالتوصل لاتفاق وقف عدائيات".
وأوضحت أن الاجتماع ركز على قضايا رئيسية منها القضية الإنسانية حيث ناقش باستفاضة كيفية التصدي للأزمة الإنسانية وحماية المدنيين والاتفاق على تشكيل لجان لتقصي الحقائق وبحث السبل لحماية المدنيين من الانتهاكات وتوصيل الاغاثة للمتأثرين من النزاع عبر تدابير يتم الاتفاق عليها.
وأشارت الى أن قادة الائتلاف طرحوا على قائد قوات الدعم السريع خارطة الطريق وإعلان المبادئ التي أعدتها تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية والرامية لوقف الحرب.
وكشفت عن اتفاق الطرفين على تشكيل لجنة فنية مشتركة لتدارس خارطة الطريق وإعلان المبادئ السياسي، على أن تتواصل الاجتماعات اليوم الثلاثاء.
ونوهت المتحدثة الى أن الاجتماع سادته روح إيجابية، وأن الجميع اتفقوا على أن الحرب الجارية في السودان كارثة كبيرة تتطلب من الجميع السعي والعمل من أجل السلام ووقف الحرب.
وأكدت بأن التنسيقية في انتظار رد الجيش السوداني، على دعوة الاجتماع المشترك لكون أن "تقدم" قضيتها الأساسية هي إيقاف الحرب.
ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش وقوات الدعم السريع، حربا خلّفت أكثر من 12 ألف قتيل وما يزيد عن 6 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
واتسعت رقعة الصراع في السودان مع إعلان قوات الدعم السريع في 18 ديسمبر الماضي، سيطرتها على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، بعد معارك مع الجيش استمرت نحو 4 أيام، في الولاية المتاخمة للخرطوم من الجنوب، وتعد ذات كثافة سكانية عالية، وكانت قِبلة للنازحين من القتال في الخرطوم.
وبانتقال المعارك إلى الجزيرة، اتسعت رقعة القتال إذ انضمت الولاية إلى 9 ولايات تشهد اشتباكات مستمرة منذ منتصف أبريل، وهي العاصمة الخرطوم وولايات إقليمي دارفور وكردفان، من أصل 18 ولاية.