الشكوك تتصاعد حول قدرة إسرائيل على تفكيك حماس

هل حماس حركة اجتماعية تحظى بدعم جماهيري في قطاع غزة؟
السبت 2023/12/30
حماس أكثر من جناح عسكري

غزة - تعهدت إسرائيل مرارا وتكرارا بالقضاء على حركة حماس المسؤولة عن هجوم 7 أكتوبر الذي أوقع 1200 قتيل ، لكن المتابعين لمجريات الأحداث يرون بشكل متزايد أن هذا الهدف غير واقعي أو حتى مستحيل التحقيق.

ويرى محللون أنه لن يكون من الممكن التخلص من حماس تماما، والسبب الرئيسي هو أن حماس أكثر من مجرد منظمة مسلحة فهي أيضا حركة اجتماعية تحظى بدعم جماهيري في قطاع غزة.

وقال الصحافي نيل ماكفاركوهار في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” إن ممثل حماس في لبنان أسامحة حمدان لم يبد أي قلق بشأن طرد فصيله الفلسطيني من غزة.

وقال مؤخراً في مؤتمر صحفي في مكاتبه بالضاحية الجنوبية لبيروت “نحن لسنا قلقين بشأن مستقبل قطاع غزة…صاحب القرار هو الشعب الفلسطيني وحده”.

النتيجة الأمثل لإسرائيل تتمثل في إضعاف قدرات حماس العسكرية لكن حتى هذا الهدف المحدود يتطلب جهد هائل

وهكذا رفض حمدان أحد الأهداف الرئيسية لإسرائيل منذ بداية هجومها على غزة وهو تفكيك المنظمة السياسية والعسكرية الإسلامية التي كانت وراء المذبحة التي راح ضحيتها حوالي 1200 شخص، وفقا لمسؤولين إسرائيليين.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارا وتكرارا على هذا الهدف، في حين أنه يواجه ضغوطا دولية متزايدة لتقليص العمليات العسكرية. وأرسلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مبعوثين كبارا إلى إسرائيل للضغط من أجل مرحلة جديدة من الحرب تركز على عمليات أكثر استهدافًا بدلاً من التدمير الشامل.

وقد تساءل البعض داخل إسرائيل وخارجها عمّا إذا كان اتخاذ قرار بتدمير مثل هذه المنظمة الراسخة أمراً واقعياً على الإطلاق. ووصف مستشار سابق للأمن القومي الإسرائيلي الخطة بأنها “غامضة”.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الشهر “أعتقد أننا وصلنا إلى لحظة يتعين فيها على السلطات الإسرائيلية أن تحدد بشكل أكثر وضوحا هدفها النهائي… التدمير الكامل لحماس؟ هل يعتقد أحد أن هذا ممكن؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن الحرب سوف تستمر 10 سنوات”.

ومنذ ظهورها للمرة الأولى عام 1987، نجت حماس من المحاولات المتكررة للقضاء على قيادتها. وقد تم تصميم هيكل المنظمة لاستيعاب مثل هذه الحالات الطارئة، وفقًا للمتخصصين السياسيين والعسكريين.

وفضلاً عن ذلك فإن التكتيكات الإسرائيلية المدمرة في حرب غزة تهدد إلى دفع شريحة أوسع من السكان للتطرف، وإلهام المجندين الجدد.

ويرى المحللون أن النتيجة الأمثل لإسرائيل ربما تتمثل في إضعاف القدرات العسكرية لحماس لمنع الجماعة من تكرار مثل هذا الهجوم المدمر. ولكن حتى هذا الهدف المحدود يعتبر بمثابة جهد هائل.

ويقول الخبراء إن حماس متجذرة في أيديولوجية مفادها أن السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية يجب معارضتها بالقوة، وهو مبدأ من المرجح أن يستمر.

وقالت تهاني مصطفى، كبيرة المحللين الفلسطينيين في مجموعة الأزمات الدولية “طالما أن هذا السياق موجود، فسوف تتعامل مع شكل ما من أشكال حماس”. وأضافت “إن الافتراض أنه يمكنك ببساطة اقتلاع منظمة كهذه هو ضرب من الخيال”.

وقال الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع إنه قتل نحو 8000 من مقاتلي حماس من قوة يقدر عددها ما بين 25 و40 ألف مقاتل. ولكن من غير الواضح كيف يتم العد. واستسلم نحو 500 شخص، بحسب الجيش، رغم نفي حماس أن يكونوا جميعاً من صفوفها.

وجوه لا يمكن محوها

وقدم الجيش الإسرائيلي في بعض الأحيان تقارير تقدم إيجابية بشأن أهدافه، واصفاً السيطرة الكاملة “الوشيكة” على المناطق في شمال غزة حيث بدأ هجومه البري في أواخر أكتوبر.

وانتقد مايكل ميلشتاين، ضابط مخابرات كبير سابق في إسرائيل، تصريحات بعض القادة الإسرائيليين التي تصور حماس على أنها وصلت إلى نقطة الانهيار، قائلًا إن ذلك قد يخلق توقعات زائفة بشأن طول مدة الحرب.

وقال ميلشتاين ” لقد كانوا يقولون هذا منذ فترة، إن حماس تنهار لكن هذا ليس صحيحا… كل يوم، نواجه معارك صعبة”.

ووزع الجيش الإسرائيلي منشورات في غزة مؤخرا عرض فيها أموالا مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال أربعة من قادة حماس.

وقال المنشور باللغة العربية نقلاً عن تعبير شعبي “لم يتمكنوا من قلي بيضة”. “نهاية حماس قريبة”.

ووعد الجيش الإسرائيلي بمبلغ 400 ألف دولار ليحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، و100 ألف دولار لمحمد ضيف، رئيس جناحها العسكري، كتائب القسام. ويعتبر الاثنان مهندسي هجوم 7 أكتوبر.

وعلى الرغم من أنه كان لفترة طويلة من أكثر الرجال المطلوبين في غزة، إلا أن الضيف المراوغ تجنب الاغتيال أو الاعتقال. ويبدو أن المكافآت هي مؤشر آخر على أن إسرائيل تسعى جاهدة للقضاء على قيادة حماس.

منذ ظهورها للمرة الأولى عام 1987، نجت حماس من المحاولات المتكررة للقضاء على قيادتها. وقد تم تصميم هيكل المنظمة لاستيعاب مثل هذه الحالات الطارئة، وفقًا للمتخصصين السياسيين والعسكريين

ويُعتقد أن كبار قادة التنظيم يحتمون، إلى جانب معظم مقاتليه والرهائن المتبقين، في أنفاق عميقة. وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي قال إنه هدم ما لا يقل عن 1500 عمود، إلا أن الخبراء يعتبرون أن البنية التحتية تحت الأرض سليمة إلى حد كبير.

ويعتقد أن الأنفاق، التي تم بناؤها على مدى 15 عاما، واسعة للغاية، ويقدر طولها بمئات الأميال، لدرجة أن الإسرائيليين يطلقون عليها اسم مترو غزة.

وقال جيورا إيلاند، اللواء المتقاعد والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إن حماس أثبتت قدرتها وبسرعتها على استبدال القادة الذين قتلوا بآخرين على نفس القدر من الكفاءة والتفاني.

وأضاف إيلاند “من وجهة نظر مهنية، يجب أن أشيد بقدرتهم على الصمود”. وأضاف “لا أستطيع أن أرى أيّ علامات على انهيار القدرات العسكرية لحماس ولا قوتها السياسية لمواصلة قيادة غزة”.

وفشلت سلسلة من الاغتيالات الإسرائيلية لزعماء حماس السياسيين والعسكريين والدينيين في إضعاف الجماعة.

وخاضت إسرائيل ثلاث حروب أخرى في غزة استهدفت حماس بين عام 2008 وحتى الأزمة الحالية.

ولا تزال العمليات التي يقوم بها الجناح العسكري لحماس، كتائب القسام، غامضة. وقد تم تصميم الوحدات لتستمر في العمل حتى لو قامت إسرائيل بتدمير أجزاء منها.

وهي مقسمة جغرافيا، وتتمركز ألويتها الخمسة الرئيسية في شمال غزة، مدينة غزة، وسط غزة، وفي مدينتين جنوبيتين هما خان يونس ورفح.

وقال إليوت تشابمان، محلل شؤون الشرق الأوسط في شركة جينز للتحليل الدفاعي، إن محاولة القضاء على حماس بالكامل ستتطلب قتالاً من شارع إلى شارع ومن منزل إلى منزل، وإسرائيل تفتقر إلى الوقت والأفراد.

6