هناك ما يدعو إلى التفاؤل

إن لم يكن هناك ما يدعو للتفاؤل بعام 2024، ليس هناك أيضا ما يدعو للتشاؤم. وإن ضاقت الأرض بمن عليها، هناك فضاء واسع يتسع للجميع.
الجمعة 2023/12/22
صراع الزعامة والنفوذ

ليس أفضل من كلمة “متشائل” (نصف متفائل ونصف متشائم) نستعيرها من الكاتب الفلسطيني إميل حبيبي لوصف الأوضاع التي مر بها العالم خلال عام 2023، وهو العام الذي ورث عن أعوام سبقته مجموعة من الكوارث، أبرزها وليس جميعها، وباء كورونا والحرب في أوكرانيا، وتنامي الخلافات بين الصين والولايات المتحدة، والهجرة غير الشرعية، إضافة إلى الجفاف ومجموعة من الكوارث البيئية والزلازل والحرائق، اختتمت بحرب تشنها إسرائيل ضد أهالي غزة.

رغم ذلك، وعلى عكس ما يعتقد معظمنا، سيرحل عام 2023 بعد أن يترك خلفه كل مبررات التغيير التي نأمل أن تكون لصالح البشرية.

من فضائل عام 2023 أنه وضع البشرية أمام عينة مما ينتظرها في المستقبل القريب، في حال لم تتمكن الدول والحكومات من الوصول إلى حلول تضع حدا للصراعات والتلوث البيئي وأزمة الغذاء والبطالة والفقر والتحديات التي يثيرها استخدام الذكاء الاصطناعي.

على رأس الصراعات مشاعر العداء التي تتبادلها القوتان الأكبر، الصين والولايات المتحدة، إثر حرب تجارية بدأها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

المقارنة بين العلاقات الصينية – الأميركية وبين العلاقات الأميركية – السوفييتية، سابقا، ووصف ما حدث في الماضي ويحدث الآن بحرب باردة ليس دقيقا، المواجهة اليوم ليست باردة.. على عكس المواجهة مع الاتحاد السوفييتي الذي كان يعيش حالة من العزلة، ما يحدث اليوم أخطر بكثير، باستطاعة الصين أن تقسم العالم. ولهذا السبب ستتلافى واشنطن وبكين أيّ مواجهة.

حدة اللهجة بدأت تخفت؛ ليس من مصلحة أحد أن يحدث صدام بين القوتين، سواء كان تجاريا أو عسكريا. هذا ما تدركه الآن قيادة البلدين ويدركه العالم معهما.

على صعيد البيئة، سيذكر العالم عام 2023 على أنه العام الذي اتفقت فيه 200 دولة في مؤتمر كوب 28 على مواجهة الاحترار العالمي.

وأهم ما سيذكر به عام 2023 مستقبلا هو الذكاء الاصطناعي، ومهما كانت علامات الاستفهام حوله، ومهما كانت المخاوف، إلا أن الذكاء الاصطناعي سيغير العالم كما عرفناه حتى هذه اللحظة. لا أتحدث هنا عن الروبوتات والمدن الذكية، بل أتحدث عن ذكاء اصطناعي ذكي سيحدث انقلابا في قطاعين على الأقل. الأول، قطاع الصحة، أين يعمل الباحثون على تطوير أدوات ذكية تساعد على إيجاد حلول لمكافحة مقاومة المضادات الحيوية. والثاني قطاع التعليم، حيث يدور الحديث عن توفير مدرسين شخصيين لكل طالب.

لقد خبر العالم كلفة الحروب والصراعات والهجرات، كما خبر كلفة الاحترار، وإن كانت الدول تحركت لمواجهة التحديات البيئية، بعد خسائر مئات الآلاف من البشر، نحن على قناعة من أن خسائر الصراعات والحروب ستكون محرضا كافيا للتداعي والبحث عن حل يضع حدا للصراعات.

إن لم يكن هناك ما يدعو للتفاؤل بعام 2024، ليس هناك أيضا ما يدعو للتشاؤم. وإن ضاقت الأرض بمن عليها، هناك فضاء واسع يتسع للجميع.

قبل أن ينتهي العام بأيام قليلة أعلن الملياردير جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون، ورئيس شركة “بلو أورجين” لتكنولوجيا الفضاء، أنه يأمل في مستقبل يسكن فيه تريليون إنسان في الفضاء. ليضيف بذلك مبررا آخر للتفاؤل.

18