الدعم السريع تتوغل في مدينة ود مدني وتسيطر على مواقع إستراتيجية

الخرطوم – أعلنت قوات الدعم السريع دخول مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان، وسيطرتها على مواقع إستراتيجية فيها بعد اشتباكات مع الجيش دفعت الآلاف للنزوح من المنطقة.
وشهدت مدينة ود مدني على مدار أربعة ايام اشتباكات عنيفة بين قوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو والجيش السوداني بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان، وتسبب ذلك في حالة من الذعر والهلع بين المواطنين، شرع على إثرها عدد كبير منهم في النزوح.
ونشرت قوات الدعم السريع مقاطع مصورة تظهر سيطرة مقاتليها على مقر اللواء الأول مشاة مدني ورئاسة الاحتياطي المركزي ومدخل كوبري حنتوب من الشرق، وإسقاط طائرة حربية بالمدينة.
كما أظهرت مقاطع مصورة أخرى مقاتلين من الدعم السريع في شاحنات صغيرة تتجول في شوارع المدينة (180 كيلومترا جنوب الخرطوم) وفوق جسر على النيل الأزرق شهد قتالا مع الجيش السوداني في الأيام القليلة الماضية.
وأكد شهود عيان لموقع "سودان تربيون" أن قوات الدعم السريع، تمكنت من اجتياز جسر "حنتوب" الذي يربط شرق مدني بغربها، دون مقاومة بعد سيطرتها على كل المناطق الواقعة شرق الجسر.
وأوضحوا أن قوات الدعم السريع، انتشرت بسرعة داخل وسيطرت على الأحياء الواقعة شمال مدني، كما أقامت عدد من الإرتكازات بجانب سيطرتها على مقار حكومية.
وبحسب شهود، فإن مقاتلي الدعم السريع سيطروا أيضا على مناطق حول ود مدني بينها بلدة رفاعة التي تبعد 40 كيلومترا شمال المدينة.
وقالت مصادر عسكرية إن أغلب جنود وضباط الجيش السوداني التابعين للفرقة الأولى انسحبوا نحو ولاية سنار، فيما لم يصدر الجيش أي تصريحات حول اجتياح المدينة.
ويمثل السيطرة على ود مدني التي ظلت على مدار الأشهر الماضية بمنأى عن الصراع، نقطة تحول في تقدم قوات الدعم السريع عبر المناطق الغربية والوسطى من السودان.
وتكتسي المدينة أهمية إستراتيجية بحكم موقعها المشرف على وسط وجنوب وشمال وشرق البلاد، كما أن السيطرة على جسرها الواقع على النيل الأزرق المسمى "جسر حنتوب" يعني إحكام الخناق على ولايات شرق البلاد، خصوصا مدينة بورتسودان التي باتت مقرا للحكومة ومجلس السيادة.
وتعد مدينة ود مدني الواقعة على بعد 170 كيلومترا تقريبا إلى الجنوب الشرقي من العاصمة الخرطوم في ولاية الجزيرة، الثانية بعد الخرطوم من حيث الثقل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وتضم مشروع الجزيرة الزراعي الشهير الذي أنشئ في عام 1925 لمدّ المصانع البريطانية بحاجتها من خام القطن.
ودعت قوات الدعم السريع في بيان اليوم الثلاثاء جميع المواطنين الذين نزحوا بالعودة إلى ديارهم، مؤكدة أنها ستعمل على حمايتهم ما يضمن استقرارهم والحفاظ على أمنهم وسلامتهم والحصول على كافة الخدمات الأساسية الضرورية وتأمين وصول المساعدات الإنسانية بتسهيل دخول المنظمات العاملة في الحقل الإنساني.
ولفتت إلى أنها "ستعمل مع أهل الولاية على تأمين فتح الأسواق والمؤسسات العامة وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية ومحطات المياه والكهرباء"، ووجهت "نداء إلى الشرطة بالقيام بواجبها كاملا تجاه المواطنين".
وتأتي هذه الدعوة غداة نزوح الآلاف من أهالي الولاية، حيث قالت المنظمة الدولية للهجرة في بيان الاثنين إن ما لا يقل عن 250 إلى 300 ألف شخص فروا من الولاية منذ اندلاع الاشتباكات قبل أربعة أيام.
وكانت المعارك اندلعت حول المدينة صباح الجمعة الماضي عندما بدأت قوات الدعم السريع الزحف باتجاه المدينة.
وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى نزوح نحو سبعة ملايين شخص، وتركت العاصمة أطلالا، وتسببت في أزمة إنسانية كبيرة وأتاحت الفرصة لتصاعد موجات القتل بدوافع عرقية في دارفور.
وتقاسمت القوتان السلطة مع المدنيين بعد الإطاحة بالزعيم السابق عمر البشير عام 2019 ثم تحالفتا في انقلاب عام 2021، لكن الخلاف نشب بينهما حول خطة لانتقال سياسي مدعومة دوليا.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش حول ود مدني تسببت في نزوح كبير في الأيام القليلة الماضية.
ولجأ نصف مليون شخص إلى ولاية الجزيرة بشكل عام، ويعيش ما لا يقل عن 85 ألفا داخل ود مدني وسط اعتماد متزايد على مرافق المدينة للحصول على الرعاية الصحية والمساعدات والخدمات الحكومية التي بدأت في التوقف خلال الأيام الماضية.
وقالت هبة عبدالرحيم التي نزحت إلى ود مدني مع أسرتها من الخرطوم "الفرار مرة أخرى سوف يستنزف مواردنا بالكامل... (لذا) سننتظر حتى لا يكون لدينا خيار آخر"
وأضافت أن العديد من الأسر المجاورة غادرت معا على متن شاحنة كبيرة. وأشارت إلى أنه أمكن سماع أصوات أعيرة نارية بينما كانت طائرات الجيش الحربية تحلق في سماء المنطقة كما سُمع دوي ضربات جوية قبل غروب الشمس.
ويأتي فتح جبهة ود مدني بعد فشل جولة مفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع، في جدة، برعاية أميركية – سعودية بعد تراجع الجيش عن التزاماته بشأن الفارين من السجون من فلول النظام السابق، وأيضا رفض قائد الجيش مقترحا للهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) يقضي بلقاء بين دقلو والبرهان.