رجاء لا تلوموا بروميثيوس

إن كان الوقت قد فات على عكس اتجاه التخريب الذي ألحقناه بالأرض، رجاء لا تلوموا بروميثيوس، بل وجهوا اللوم لأنفسكم.
الجمعة 2023/12/15
نجاح إماراتي سيذكره التاريخ

رقم 13 مشؤوم، يتطير منه جميع البشر. على سبيل المثال لن تجد الطابق 13 في الفنادق والأبراج العالية، ولن تجد الغرفة رقم 13. وتتجنب خطوط الطيران استخدام الرقم 13 وتستبدله برقم آخر.

والرقم هذا دون الأرقام جميعها يعتبر رمزا للحظ السيء أو النحس في كثير من الثقافات. هذا يعود إلى أساطير وروايات قديمة تربط الرقم بالموت.

ولكن، ليس بعد يوم 13 ديسمبر 2023.

العالم سيربط بين هذا التاريخ وبين اليوم الذي أنقذ فيه مؤتمر الأطراف كوب 28، الذي ختم أعماله في دبي بدولة الأمارات العربية المتحدة، كوكب الأرض.

هذا أقل ما يمكن أن يقال عن النجاح الذي حققته الإمارات في تنظيم المؤتمر وأقنعت 200 دولة، تقريبا، بالموافقة على إطلاق حكم يمهد لإعدام الوقود الأحفوري.

بهذا الاتفاق مهد كوب 28 الطريق لإطفاء الشعلة التي سرقها بروميثيوس من آلهة الأوليمب اليونانية وأهداها للبشر، على أمل أن تنتهي اللعنة التي ألقاها كبير الآلهة زيوس على بروميثيوس وعاقبه بربطه على صخرة يأتي كل يوم نسر ليأكل من كبده.

القصة تحمل بعدا رمزيا، فهي تمثل العقل والإبداع والتمرد والتضحية، والنار فيها ترمز إلى القوة والحضارة والمعرفة. إلا أن الشعلة التي ما كان من دونها أن توجد حضارة إنسانية، انقلبت بمرور الزمن إلى لعنة تهدد الأرض ومن عليها.

آن لبروميثيوس أن يرتاح، وآن لشعلة النار أن تنطفئ. ولكن دون تحيز ودون مشاعر كراهية. يجب أن نقيم لها طقوس توديع تليق بما قدمته لنا وما قدمه لنا بروميثيوس من خدمات.

يجب أن يتذكر العائدون من مراسم التشييع، أن هذه الحضارة وأن الأرض وما عليها، ما كان لها أن توجد بالشكل الذي هي عليه لولا شعلة النار التي نطلق عليها اليوم اسم الوقود الأحفوري.

هل أعدد لكم هباتها؟ وبماذا أبدأ؟ بالقطار، أم بالسيارة، أم بالطائرة، أم بالضوء، أم بالاتصالات، أم بالملابس..

تلفتوا حولكم، كل ما تقع عليه أعينكم مدين بوجوده للوقود الأحفوري. نحن تأخرنا، إما جهلا أو طمعا، في البحث عن بديل، ورحنا نستهلك البترول والغاز والفحم الحجري بنهم غير عابئين بالنتائج.

التحذيرات من تلوث الهواء وتآكل الغلاف الجوي ليست جديدة، بل بدأت منذ فترة طويلة، وزاد التلوث حدة مع الثورة الصناعية واستخدام الوقود الأحفوري في القرن التاسع عشر، بينما اكتفى العالم ببعض الإجراءات القانونية للحد من الانبعاثات، مثل قانون الهواء النظيف في الولايات المتحدة عام 1970، واتفاقية مونتريال عام 1987، واتفاقية باريس عام 2015.

قد لا يعلم معظمنا أن حركات أنصار البيئة تشكلت منذ منتصف القرن التاسع عشر، عندما بدأت بعض الجمعيات والمنظمات والأفراد بنشر التوعية والدفاع عن حماية الطبيعة والحياة البرية من التلوث والاستنزاف والتدمير.

ولكن، لم يألُ معظمنا جهدا في السخرية من هذه الجهود ووصف القائمين عليها بالمرضى النفسيين.

إن كان الوقت قد فات على عكس اتجاه التخريب الذي ألحقناه بالأرض، رجاء لا تلوموا بروميثيوس، بل وجهوا اللوم لأنفسكم.

ولا تنسوا منذ اليوم أن تتفاءلوا بالرقم 13.

18