المنقوشة "الراسخة في الهوية" اللبنانية على لائحة اليونسكو

وافقت اليونسكو على إدراج “المنقوشة”، العجينة الشهيرة التي يتم وضع الزعتر الممزوج بالزيت عليها، وتُخبز في الفرن أو على “الصاج” ضمن التراث غير المادي للبشرية، بناء على طلب قدّمه لبنان.
بيروت - أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الأربعاء منقوشة الزعتر على لائحتها للتراث غير المادي للبشرية، واصفة إياها بأنها “راسخة في الهوية” اللبنانية.
وقرّرت اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التي تعقد اجتماعاتها منذ الاثنين في كاساني في شمال بوتسوانا إدراج العجينة الشهيرة التي يوضع عليها الزعتر الممزوج بالزيت وتٌخبز في الفرن أو على “الصاج” ضمن التراث غير المادي للبشرية، بناء على طلب قدّمه لبنان في مارس 2022.
وذكّرت اليونسكو في وصفها للمنقوشة بأنها “خبز مسطّح يُعدُّ في المنازل والمخابز المتخصصة، ويستمتع السكان المنحدرون من جميع الخلفيات في لبنان بتناوله في وجبة الفطور”.
ولاحظت أن صلوات ترافق إعداد العجين “التماساً لاختمار العجين، فيقوم المسلمون بتلاوة بداية سورة الفاتحة ويقوم المسيحيون بتلاوة الصلوات والتصليب”.
وإذ اعتبرت أن المنقوشة “ذات قيمة رمزية في لبنان”، فإنها شدّدت على أنها “راسخة في الهوية وتذكّر نكهاتها بالجمعات الصباحية التقليدية أو ما يُعرف بـ’الصبحية’ التي تؤدي دوراً رئيسياً في التفاعل الاجتماعي”.
وقال الملحق الثقافي لبعثة لبنان لدى اليونسكو بهجت رزق لوكالة فرانس برس “المنقوشة عابرة للطوائف، ولها دلالة رمزية إذ تعكس العيش الواحد بين اللبنانيين”. وأضاف أن “الأفران التي تعدّ المنقوشة موجودة في كل أنحاء لبنان”.
وتُخبز المنقوشة في أفران معدنية أو حجرية من الطوب الحراري أو على “الصاج” المعدني المقعّر، وتتوافر بالزعتر والزيت فحسب، أو ممزوجين بالجبن. وتُضاف إليها أحياناً بعض أنواع الخضر. ويمكن أن تؤكل مع اللبنة.
ولا تزال المنقوشة من الخيارات الأرخص ثمناً بين المأكولات اللبنانية في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية غير المسبوقة التي يشهدها لبنان منذ العام 2019، مع أن سعرها ارتفع من نحو 750 ليرة لبنانية (أي نحو نصف دولار عندما كان سعر صرف العملة الأميركية 1500 ليرة) إلى ما معدّله 90 ألف ليرة (نحو دولار واحد في الوقت الراهن).
و”يُسهم بيع المنقوشة في المخابز الصغيرة في تنمية الاقتصاد المحلي”، بحسب اليونسكو، لكن كثيرين باتوا غير قادرين على اقتناءها.
وداخل فرنه الصغير في أحد شوارع منطقة رأس بيروت، يتحسر أبوشادي على “بركة” باتت مفقودة، بعدما تضاعف ثمن المنقوشة خمس مرات على وقع انهيار اقتصادي غير مسبوق لم يستثن وجبة الفطور المفضلة عند اللبنانيين. ويشرح بإسهاب “المنقوشة هي بمثابة الأم والأب للشعب اللبناني، هي ‘أكل عيش’ الغني والفقير.
لكن على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يرزح تحته لبنان منذ خريف 2019، والمترافق مع شحّ في السيولة وارتفاع جنوني في الأسعار، تراجعت قدرة اللبنانيين الشرائية وخسر عشرات الآلاف منهم وظائفهم أو جزءا من مداخيلهم، وباتت سلع ومنتجات عدة من الكماليات، المنقوشة من بينها بالنسبة إلى الكثيرين”. ويتابع أبوشادي “للأسف في هذا الوقت لم يعد الفقير قادرا على أكل المنقوشة”.
ويقول أحد أصحاب أفران المناقيش وسط بيروت “كان هاتف المحلّ لا يهدأ من الرنين؛ هنا توصية وهناك طلبية. لكن اليوم هناك من ليس معه مال حتى يشتري المنقوشة. المشكلة ليست في الغلاء وحده، إنما في انقطاع السيولة المادية أيضاً من أيدي الناس. حتى نحن أصحاب الأفران، عندما نشتري المواد اللازمة لصناعة المناقيش بأسعار مرتفعة ويخفّ علينا الطلب نصبح في مأزق حقيقي، سيؤدّي بنا في نهاية المطاف إلى إقفال محلاتنا والذهاب إلى البيوت”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ عدداً من محلّات المناقيش في مناطق مختلفة قد أقفل بسبب الغلاء والتراجع الملحوظ عن شراء هذه الترويقة التي يفضلها اللبنانيون بشكل يومي، صباحاً أو مساءً؛ إذ أن محلات بيع مناقيش عدّة كانت تفتح مرّتين في اليوم، مرّة عند الصباح ومرّة عند المساء، بعضها صار يفتح مرة واحدة في اليوم عند فترة الصباح، وبعضها الآخر أقفل نهائيا. يذكر أن مخابز ومطاعم توفّر المنقوشة اللبنانية في عدد من دول العالم بفضل انتشار اللبنانيين فيها.