دفعة أميركية قوية لتسريع حل نزاع الصحراء وفقا لرؤية المغرب

واشنطن – شجع اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه على مرونتها في التحرك والقيام بدور فاعل في تعزيز السلام الإقليمي وتكثيف العملية السياسية الأممية في هذا الملف، وإجراء المشاورات مع الجزائر والمغرب بهذا الشأن.
وأعلن قسم شؤون الشرق الأدنى في الإدارة الأميركية، أن مساعد وزير الخارجية المكلف بمنطقة شمال إفريقيا جوشوا هاريس، وصل إلى الجزائر للشروع في جولة مشاورات معها ثم مع المغرب، حول "تعزيز السلم الإقليمي"، و"تكثيف المسار السياسي" للأمم المتحدة بشأن ملف الصحراء المغربية، بهدف "الوصول إلى حل دائم وكريم دون مزيد من التأخير".
وتؤكد زيارة هاريس مساعي إدارة الرئيس جو بايدن لطي ملف الصحراء في "أسرع وقت"، عن طريق تبني مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وتحاول إقناع جميع الأطراف بذلك بما فيها الجزائر، في خضم الأزمات الإقليمية السياسية والأمنية التي تعرفها منطقة غرب إفريقيا ودول الساحل.
وكشفت مصادر دبلوماسية، أن الولايات المتحدة قدمت مشروع قرار بخصوص نزاع الصحراء يضرب مساع الجزائر وجبهة بوليساريو بعرض الحائط وينتصر لشرعية المغرب في صحرائه.
وقالت المصادر أن الولايات المتحدة أكدت في مشروع قراراها على الزخم الذي أحدثته المائدة المستديرة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2018 والمائدة المستديرة الثانية في مارس/آذار 2019، وكذلك التزام المغرب وجبهة بوليساريو والجزائر وموريتانيا بالعملية السياسية للأمم المتحدة بشأن الصحراء المغربية بشكل جدي ومحترم من أجل تحديد عناصر التقارب.
وأضافت أن مشروع القرار الأميركي يحث أيضا على مواصلة المشاورات بين الأطراف المختلفة من أجل الاستفادة من التقدم المحرز، والتعاون الكامل مع بعضهم البعض وبناء المزيد من الثقة مع الأمم المتحدة، فضلا عن تعزيز انخراطهم في العملية السياسية من أجل التحرك نحو اتفاق سياسي.
ويتسق الموقف الأميركي مع الانتصارات السياسية التي يحققها المغرب على الأرض في جميع المجالات، سواء على المستوى التنموي أو السياسي أو حتى العسكري، مقابل الفشل الذي تحصده البوليساريو نتيجة عدم قدرتها على تطوير موقفها في مواجهة ثبات وحزم الرباط ونجاحها في تحييد ملف الصحراء المغربية عن الصراع الجيو-سياسي العالمي.
ودائما ما كانت الصحراء محور السياسة الخارجية المغربية، إذ عملت الرباط على إقناع دول أخرى بالاعتراف بها أرضا مغربية في مواجهة مطالب جبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر بالاستقلال. وفتحت أكثر من 20 دولة معظمها أفريقية وعربية، قنصليات في الصحراء في اعتراف فعلي بالسيادة المغربية.
ويحل هاريس بالمنطقة المغاربية مرة أخرى، بعد أن زار المغرب والجزائر في سبتمبر الماضي، حيث التقى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، وهي الزيارة التي أخبر خلالها قادة جبهة بوليساريو أن "استفتاء تقرير المصير" أو الانفصال عن المغرب مطلب "غير واقعي"، الأمر الذي أكدته الجبهة الانفصالية بخطاب احتجاج وجهته للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.
وحينها تحدثت الجبهة عن أن "الدخول في متاهة المصطلحات الفضفاضة من قبيل "الواقعية" وغيرها، لن يقود إلا إلى تعميق حالة الجمود وبالتالي تقليص فرص التوصل للحل السلمي الدائم وزيادة حدة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة"، وذلك في تصريح لقيادتها نشرته عبر ما تسميه وكالتها الرسمية للأنباء، استبق وصول هاريس إلى الرباط ومعاودته التأكيد على دعم الحكم الذاتي.
وفي زيارته السابقة، أجرى هاريس محادثات مع وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، ووفق ما أعلنه الرباط حينها أكد أن "الولايات المتحدة تواصل اعتبار المخطط المغربي للحكم الذاتي جادا وواقعيا وذا مصداقية، كما أعاد التأكيد على "الشراكة العميقة والتاريخية التي تربط بين الولايات المتحدة والمغرب".
وفي 20 نوفمبر / تشرين الثاني، الماضي، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، إن الولايات المتحدة "تواصل اعتبار مخطط الحكم الذاتي في الصحراء جادا وذا مصداقية وواقعيا"، وذلك خلال حديثه في إحاطة صحفية، وأضاف "ندعم بشكل كامل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة خلال عمله على تكثيف العملية السياسية الجارية تحت إشراف الأمم المتحدة حول الصحراء من أجل التوصل، دون مزيد من التأخير إلى حل دائم".
ويدرك الأميركيون مدى محاولات الجزائر تعطيل الحل في ملف الصحراء المغربية، فقد أكد إليوت أبرامز، دبلوماسي أميركي سابق ومساعد مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض (2005-2009)، في ندوة افتراضية نظمتها نقابة المحامين بمدينة نيويورك أن المملكة المغربية تشكل "حليف استراتيجي قوي منذ أمد بعيد" للولايات المتحدة.
وتحدث أبرامز وهو أيضا متخصص في شؤون الشرق الأوسط في مركز الفكر الأميركي "مجلس العلاقات الخارجية"، عن دور الجزائر في إدامة النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، مشيرا إلى أنه لو لم يكن الدعم الجزائري لبوليساريو، فإن هذا الصراع كان سينتهي منذ فترة طويلة في إطار مخطط الحكم الذاتي المغربي. كما أشار إلى أن قضية الصحراء بالنسبة للجزائر ليست سوى أداة للإضرار بالمغرب، وأن دعمها لانفصاليي بوليساريو يندرج في هذا السيناريو.
وأضاف أن النظام الجزائري يستغل جبهة البوليساريو كجزء من سياستها المناوئة للمملكة. وذكر بأن منطقة الصحراء لم تكن تاريخيا أبد ا دولة مستقلة، وأن حقيقة الرغبة في عزلها عن المملكة المغربية، كما يدافع البعض عن ذلك، لن تؤدي إلا إلى زعزعة استقرار حليف تاريخي للولايات المتحدة، كما سيساهم ذلك في التأثير على استقرار منطقة تعاني بالفعل من انعدام الأمن.
وأضاف أنه من الصعب للغاية تصور أن حركة انفصالية استبدادية مثل بوليساريو يمكن أن تؤدي إلى بروز دولة ديمقراطية كما يجادل البعض.