عقوبات أميركية تستهدف مسؤولين في نظام البشير إثر انهيار منبر جدة

الخرطوم - تربط أوساط سودانية العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على عدد من أبرز مسؤولي النظام السابق بفشل مفاوضات جدة التي كان يراهن عليها السودانيون والمجتمع الدولي للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار يمهد لتسوية سياسية.
وتقول الأوساط السياسية إن الإدارة الأميركية أصابها الإحباط حيال الدور السلبي الذي يلعبه فلول نظام عمر البشير، والذي أدى إلى تعليق المفاوضات التي جرت برعاية من الولايات المتحدة والسعودية.
وكانت ضغوط من فلول البشير أدت إلى تراجع الوفد الممثل للجيش عن إجراءات جرى الاتفاق عليها لبناء الثقة مع الدعم السريع، ومن بينها اعتقال الفارين من السجون، وقد دفع هذا التراجع المحادثات إلى طريق مسدود ما أجبر الوسطيين السعودي والأميركي إلى تعليقها.
ولم تمض ساعات على قرار التعليق حتى أصدرت الخزانة الأميركية عقوبات على ثلاثة مسؤولين سودانيين سابقين لدورهم في “تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان”.
وقالت الوزارة في بيان إن العقوبات فرضت بموجب أمر تنفيذي أميركي يفرض عقوبات على الأشخاص الذين يزعزعون استقرار السودان ويقوضون الديمقراطية.
العقوبات الأميركية طالت طه عثمان أحمد الحسين وصلاح عبدالله محمد صلاح (صلاح قوش) ومحمد عطا المولى عباس
وذكرت الإدارة أن الأشخاص الثلاثة هم طه عثمان أحمد الحسين وصلاح عبدالله محمد صلاح (صلاح قوش) ومحمد عطا المولى عباس، وجميعهم مسؤولون سودانيون ينتمون لحقبة البشير.
وأضافت أن “هؤلاء الأفراد شاركوا في أنشطة تقوض السلام والأمن والاستقرار في السودان”.
وتابعت “المولى وقوش مسؤولان أمنيان سابقان عملا على إعادة عناصر النظام السابق إلى السلطة وتقويض الجهود الرامية إلى إنشاء حكومة مدنية، بينما عمل طه على تسهيل إيصال الدعم العسكري وغيره من الدعم المادي من مصادر خارجية إلى قوات الدعم السريع”.
واندلعت حرب في 15 أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على إثر تحريض من فلول النظام السابق لخلط الأوراق وقطع الطريق على تسليم السلطة للمدنيين.
وكشفت المفاوضات التي جرت في جدة حجم تأثير فلول النظام السابق لاسيما في قرار الجيش وقائده الجنرال عبدالفتاح البرهان.
وعلى ضوء هذا الواقع يتخوف السودانيون من إدامة الصراع وربما تحوله إلى حرب أهلية شاملة مع سعي الفلول للتأثير على موقف الحركات المسلحة لاسيما في دارفور غرب البلاد.
وقال البيان الأميركي إن واشنطن ملتزمة بتعزيز محاسبة المسؤولين عن الفظائع في الصراع السوداني.
مفاوضات جدة كشفت حجم تأثير فلول النظام السابق لاسيما في قرار الجيش وقائده الجنرال عبدالفتاح البرهان
وأضاف “يجب على الطرفين المتحاربين الامتثال لالتزامهما بموجب القانون الإنساني الدولي، وندعوهما إلى حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن الفظائع أو الانتهاكات الأخرى، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والتفاوض على إنهاء الصراع”.
ويأتي الإعلان الأميركي أيضا بعد تصويت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة على إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) في الثالث من ديسمبر بناء على طلب من القائم بأعمال وزير الخارجية السوداني.
وأنهى مشروع قرار صاغته بريطانيا تفويض البعثة السياسية وطالب بإنهاء مهمتها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. وكان المجلس المؤلف من 15 عضوا قرر إنشاء “يونيتامس” في يونيو 2020 لتقديم الدعم للسودان خلال انتقاله السياسي إلى الحكم الديمقراطي.
وفي ظل فوضى الحرب، فإن هناك حاجة ملحة إلى وجود بعثة أممية في السودان، وقال السفير السابق لدى الولايات المتحدة نورالدين ساتي إنه في حال التوصل إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب بالسودان سيتطلب الأمر بعثة جديدة، واستبعد توافق مجلس الأمن على تطبيق الفصل السابع على السودان.
وأعرب الدبلوماسي السوداني عن اعتقاده بأن “مغادرة بعثة ‘يونيتامس’ لن يكون لها أثر كبير، لأنها لم تعد ذات فعالية كبيرة في موضوع إنهاء الحرب أو العملية السياسية”، مشددا على أن “ما نعترض عليه أن يتم إنهاء مهمة البعثة بعد طلب من الحكومة غير الشرعية”.
وقال مسؤول كبير بالأمم المتحدة الشهر الماضي إن العنف ضد المدنيين في السودان “يقترب من الشر المطلق” مع تفاقم الأزمة الإنسانية وتزايد العنف العرقي في منطقة دارفور الغربية.
والأسبوع الماضي، عين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدبلوماسي الجزائري المخضرم رمطان لعمامرة مبعوثا شخصيا له إلى السودان. ويشجع قرار مجلس الأمن كافة الأطراف على التعاون مع المبعوث الأممي.