المطبخ في فرنسا.. لكل منطقة طبقها

استخدام المكونات الإقليمية والموسمية يعد إحدى نقاط قوة المطبخ الفرنسي.
الأربعاء 2023/11/22
يعيشون من أجل الطعام

المطبخ هوية الشعوب، يعبّر عن ثقافاتها وطرق عيشها، وعلى الرغم من أن الدول تشتهر ببعض الأطباق كما في فرنسا إلا أن كل منطقة فيها تشتهر بطبقها الذي يكون نتاجا للبيئة ومنتجاتها.

باريس - تعتبر براعة الطهو الفرنسي أسطورية، إلا أن هناك العديد من الأطباق المميزة نشأت في كافة أنحاء البلاد بعيدا عن أضواء المدينة الساطعة.

ويعد استخدام المكونات الإقليمية والموسمية إحدى نقاط قوة المطبخ الفرنسي، كما يظهر مدى أصالة المطبخ الفرنسي، حتى في الريف.

يقول إيف ستابيل، وهو مالك لمطعم “شاتو دو لالاند” الذي يوجد في بيريجور بجنوب غرب البلاد، كما يعمل طاهيا في المطعم أيضا، “إننا نعيش من أجل الطعام… إننا محظوظون في فرنسا، لأن هناك منطقة مختلفة تبدأ كل 100 كيلومتر تقريبا. ومن الممكن أن يعرف المرء ذلك من خلال الهندسة المعمارية وتقاليد الطهو الخاصة بالمكان”.

ويوضح أن كل منطقة، من الشمال حتى الجنوب، لها تخصصاتها وما يميزها. وقد ولد ستابيل في منطقة الألزاس غربي البلاد، وعمل في مدينة كان بمنطقة كوت دازور وفي دوفيل بنورماندي. ويشارك الطاهي المميز ضمن كلية الطبخ بفرنسا في تحالف مع نخبة من كبار الطهاة، أسسه الشيف آلان دوكاس الحائز على نجمة ميشلان وآخرون في عام 2011، ويهدف إلى دعم وتعزيز الحرف اليدوية في فن الطهو وبين المنتجين.

فرنسا تقع بين البحر والمحيط، لكن في نورماندي أو بريتاني يتم إعداد الأسماك بشكل مختلف عما هو عليه في الريفييرا

ويقول ستابيل “تقع فرنسا على بحر ومحيط، وهما البحر المتوسط والمحيط الأطلسي. ولكن في نورماندي أو بريتاني يتم إعداد الأسماك بشكل مختلف تماما عما هو عليه في منطقة الريفييرا”.

وفي نورماندي تعتبر الزبدة والقشدة طعامين مهمين، أما في منطقة الريفييرا فأهم شيء هو زيت الزيتون الذي يستخدم لإثراء سلسلة كاملة من الأطباق المميزة. يقول ستابيل “هنا في بيريجور ثمة البط ‘كونفي دو كانار’، وفي الألزاس هناك طبق الـ’شوكروت’، وفي كان ونيس هناك الـ’بيسالاديير’، وهي أحد أنواع البيتزا، بالإضافة إلى سلطة الـ’نيسواز’، وفي تولوز هناك الـ’كاسوليت’، وهو طبق مصنوع من الفاصوليا البيضاء”.

ويضيف “لدينا مثل هذه المنتجات القوية. إلا أن كل منتج يتم إعداده بشكل مختلف تماما في المناطق المختلفة”.

ففي الألزاس على سبيل المثال يؤكل لحم الخنزير مدخنا فقط. وعلى النقيض من ذلك، لم تكن اللحوم المدخنة معروفة لفترة طويلة في بريتاني، حيث كان الناس يطبخون لحم الخنزير المقدد الطازج وليس اللحم المدخن. ويقول “إن الأمر متشابه إلى حد كبير في بيريجور”.

أما البط فيعد جزءا لا غنى عنه في مطبخ بيريجور، حيث يتم تحضير كل شيء تقريبا باستخدام دهنه. ولتحضير طبق “كونفي دو كانار” ينقع ستابيل أرجل البط في ماء مالح مع أوراق الغار وبذور الكزبرة لمدة 24 ساعة. ثم يقوم بطهوها ببطء في دهن البط وحفظها، ثم يحمّصها في الفرن من أجل الحصول على اللون والقرمشة المميزين، قبل أن يقدمها مع البطاطس.

من ناحية أخرى تعيش المدوّنة المتخصصة في شؤون الطعام، والمؤلفة المولودة في ألمانيا، ساندي نويمان مع زوجها منذ عام 2018 بمنزل قديم في توشان، وهي قرية صغيرة في أوكسيتانيا بجنوب فرنسا.

Thumbnail

وتقول نويمان، التي تعتبر نفسها “سفيرة الطهو لفرنسا”، إن “الأطباق التقليدية عادة ما تكون بسيطة، وكانت نتيجة الحاجة إليها”.

ويعتبر حساء الـ”بولابيز” الذي تشتهر به مرسيليا مهما جدا، تقول نويمان “لقد كان في الأصل طبقا أعد خصيصا للصيادين الفقراء، وكان يتم صنعه مما تبقى من صيد اليوم”.

ويتطلب إعداد الحساء مع مزيج من الطماطم والبصل والثوم والشمر والزعفران. وتصاحبه بشكل كلاسيكي صلصة الرويل المصنوعة من الثوم وزيت الزيتون والزعفران والخبز.

كما توضح نويمان سوء فهم بشأن “سلطة نيس” الشهيرة، والتي تحمل اسم المدينة الواقعة على البحر المتوسط، حيث تقول “لقد كان هناك جدل منذ فترة طويلة بشأن ما يشتمل عليه إعداد سلطة نيس جيدة”.

هو طبق كان في الأصل طبقا للفقراء، وكان يتكون من الطماطم وزيت الزيتون والزيتون والأنشوجة بدلا من التونة باهظة الثمن، كما تتم إضافة الخضروات، وفقا لخضروات الموسم.

أما اليوم فتحتوي سلطة نيس الحقيقية على أوراق الخس الأخضر والطماطم والفلفل الأخضر أو الأحمر والفجل والبصل الأخضر والخرشوف الأرجواني، مع بيض مسلوق جيدا وزيتون أسود صغير. كما تتم إضافة شرائح الأنشوجة المتبلة بزيت الزيتون والخل والملح والفلفل. وجرت العادة أن يتم تقديمها في طبق عميق وكبير.

Thumbnail
18