نجاح علاج تجريبي يساعد في خفض الكوليسترول الضار

توصل أطباء في أميركا إلى علاج تجريبي يخفض مستويات البروتين الدهني “أ”، أو ما يعرف بالكوليسترول الضار الذي يعتبر أحد المسببات الرئيسية لأمراض القلب. ويتم حاليا إجراء المرحلة الثانية من الدراسة السريرية لعقار “ليبوديسيران”. ويعطي هذا التوجه العلاجي الجديد الأمل لنحو 20 في المئة من سكان العالم، الذين يعانون من ارتفاع مستويات البروتين الدهني “أ”.
كليفلاند (الولايات المتحدة) - أعلن أخصائيون في مستشفى كليفلاند كلينك عن نتائج المرحلة الأولى من التجربة السريرية التي أظهرت أن جرعة واحدة من علاج تجريبي نجحت في خفض مستويات البروتين الدهني “أ”، الذي يعد أحد عوامل الخطورة الرئيسية لأمراض القلب في الدم، بأكثر من 94 في المئة لمدة عام تقريبا.
وتم عرض نتائج الدراسة، التي حملت عنوان “فعالية وسلامة عقار ليبوديسيران: دراسة طويلة الأمد للبروتين الدهني “أ” قصير التداخل، الذي يستهدف الحمض النووي الريبي”، خلال جلسة علمية عقدت مؤخرا ضمن إطار فعاليات الجلسة العلمية 2023 لجمعية القلب الأميركية، كما تم بالتزامن نشر نتائج الدراسة في مجلة الجمعية الطبية الأميركية.
ويتم إنتاج البروتين الدهني “أ” المعروف اختصارا باسم “أل.بي.إي” في الكبد، وهو يحمل خصائص مشابهة للبروتين الدهني منخفض الكثافة “أل.دي.أل” المعروف باسم “الكوليسترول الضار”.
وعلى عكس جسيمات الكوليسترول الأخرى، فإن مستويات البروتين الدهني “أ” تتحدد بسبب الجينات بنسبة تتراوح ما بين 80 و90 في المئة، ويتسبب هيكل جسيمات البروتين الدهني “أ” في تراكم الترسبات في الشرايين، ما يزيد من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية بشكل ملحوظ.
نتائج الدراسة تسهم في إضافة عقار "ليبوديسيران" إلى القائمة المتنامية من العلاجات الواعدة لأمراض تصلب الشرايين القلبية
وعلى الرغم من توافر أساليب علاجية فعالة لخفض مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية عبر خفض الكوليسترول الضار وغيرها من أنواع البروتينات الدهنية، إلا أنه لا يوجد إلى الآن أي علاج دوائي مُعتمد لخفض مستويات البروتين الدهني “أ”، التي ونظرا لكونها تتحدد بالجينات التي يحملها الفرد، فإن أي تغيير في أسلوب الحياة (النظام الغذائي أو التمارين الرياضية) لن يكون له أي تأثير ملموس.
وسجل المشاركون في التجربة، الذين حُقنوا بالجرعة الأكبر من عقار ليبوديسيران، انخفاضا في مستويات البروتين الدهني “أ” بنسبة وصلت إلى 96 في المئة خلال أسبوعين، وحافظوا بعد ذلك على مستويات منخفضة بنسبة أكثر من 94 في المئة تحت خط الأساس لفترة 48 أسبوعا.
ويعد العقار علاجا قصير التداخل للحمض النووي الريبي يقوم بمنع إنتاج الحمض النووي الريبي المرسال اللازم لتصنيع أحد أهم مكونات البروتين الدهني “أ”.
وتسهم نتائج الدراسة في إضافة عقار ليبوديسيران إلى القائمة المتنامية من العلاجات الواعدة لأمراض تصلب الشرايين القلبية الوعائية في الأشخاص ممن لديهم مستويات مرتفعة من البروتين الدهني “أ”، الذي من المتوقع أن يؤثر على نحو 1.4 مليار نسمة حول العالم.
وقال الدكتور ستيفين نيسن، الرئيس التنفيذي الأكاديمي لمعهد القلب والأوعية الدموية والصدر في مستشفى كليفلاند كلينك، “تشير النتائج إلى أن المشاركين في التجربة أظهروا تحملا جيدا للعقار وسجلوا انخفاضا طويل الأمد في البروتين الدهني ‘أ’، الذي يعد من أبرز عوامل الخطورة المؤدية إلى الأزمات القلبية والسكتات الدماغية وتضيق الأبهر”.
وقام الباحثون بإدراج 48 مريضا من الولايات المتحدة وسنغافورة متوسط أعمارهم 47 عاما في التجربة، وقاموا بدراسة آثار ست جرعات مختلفة وجرعة علاج وهمي، والتي تم إعطاؤها لجميع المرضى من خلال الحقن، وجرت بعد ذلك مراقبة المرضى لمدة 48 أسبوعا.
وتم خفض أعلى تركيزات البروتين الدهني “أ” في البلازما بنسبة 49 في المئة من خط الأساس المحدد، وذلك بإعطاء جرعة بلغت 4 ميليغرام من العقار، كما تم تسجيل انخفاض في تركيز البروتين الدهني بنسبة 96 في المئة بعد إعطاء جرعة 608 ميليغرام، مقارنة بانخفاض بلغ 5 في المئة في جرعة العلاج الوهمي. ولم يتم تسجيل أي آثار سلبية على سلامة المشاركين، وكانت مشكلة التحمل الوحيدة، التي تم تسجيلها، هي أعراض تفاعل متوسطة الشدة في موقع الحقن.
وأضاف الدكتور نيسن “على الرغم من الأدلة الواضحة على دور البروتين الدهني ‘أ’ كعامل خطر لأمراض القلب، إلا أن الوصول إلى علاج فعال كان أمرا بعيد المنال. ويعطي هذا التوجه العلاجي الجديد الأمل لنحو 20 في المئة من سكان العالم، الذين يعانون من ارتفاع مستويات البروتين الدهني ‘أ'”.
ويتم حاليا إجراء المرحلة الثانية من الدراسة السريرية لعقار “ليبوديسيران”.
ويعد البروتين الدهني “أ” أحد أنواع البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة، أو ما يعرف بالكوليسترول الضار، لذلك يؤدي ارتفاع مستوى البروتين الدهني “أ” في الدم إلى تكون اللويحات، وانسداد الشرايين، ويعد ارتفاع مستوى البروتين الدهني “أ” أحد عوامل خطر أمراض القلب، مثل مرض الشريان التاجي.
ويستخدم تحليل البروتين الدهني “أ” لمعرفة وجود خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو أمراض القلب الأخرى، أو السكتات الدماغية. وتجدر الإشارة إلى أن فحص البروتين الدهني “أ” لا يعد من الاختبارات الروتينية، وإنما يطلب فقط من الأفراد الذين لديهم عوامل خطر معينة مثل تاريخ عائلي للإصابة بأمراض القلب.
وتوجد تحاليل أخرى يمكن إجراؤها للتحقق من صحة القلب وقدرته على أداء وظائفه، بالإضافة إلى اختبار البروتين الدهني “أ” مثل تحليل الكوليسترول الكلي، أو تحليل البروتين الدهني منخفض الكثافة، أو قراءة تخطيط كهربائية القلب.
ويشير الخبراء إلى أن مستوى البروتين الدهني منخفض الكثافة يتأثر عادة باتباع نظام غذائي معين، أو ممارسة الرياضة، أو التاريخ العائلي، في حين أن قراءة تحليل “أل.بي.إي” تعتمد على الجينات، ويتأثر مستوى الدهون البروتينية “أ” في بعض الحالات الطبية بفرط كوليسترول الدم، وقصور الغدة الدرقية الشديد، وخمول الغدة الدرقية، والفشل الكلوي، والمتلازمة الكلوية والتي تعد أحد أمراض الكلى، التي تؤدي إلى فقدان الكلى للبروتينات، وتؤدي إلى التورم، وارتفاع مستوى البروتينات الدهنية والكوليسترول.
وتعد مستويات الكوليسترول من المؤشرات المهمة على صحة القلب. بالنسبة للكوليسترول الدهني مرتفع الكثافة أو الكوليسترول “النافع” تكون المستويات المرتفعة أفضل.
يُعرف كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة باسم الكوليسترول “المفيد” لأنه يساعد في تخليص مجرى الدم من أشكال أخرى من الكوليسترول. ويرتبط ارتفاع مستويات كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة بانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
على عكس جسيمات الكوليسترول الأخرى، فإن مستويات البروتين الدهني "أ" تتحدد بسبب الجينات بنسبة تتراوح ما بين 80 و90 في المئة
والكوليسترول هو مادة شمعية توجد في جميع خلايا الجسم تؤدي العديد من الوظائف المفيدة، منها المساعدة في بناء خلايا الجسم. وتُنقل هذه المادة خلال مجرى الدم مرتبطة بنوع من البروتينات، يسمى هذا النوع من البروتينات، البروتينات الدهنية.
ويمكن لمستويات عالية من البروتين الدهني منخفض الكثافة أن تتراكم في النهاية على جدران الأوعية الدموية ما يؤدي إلى تضيق تلك المسارات. وفي بعض الأحيان قد تتكوّن جلطة نتيجة لذلك وتعلق في ذلك الحيّز الضيق مسببة نوبة قلبية أو سكتة دماغية. ولهذا يشار إلى كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة بالكوليسترول الضار.
ويطلق على كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة غالبا اسم الكوليسترول “المفيد”. يلتقط كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة الكوليسترول الزائد في الدم ويعيده إلى الكبد حيث يُكسّر ويخرج من الجسم.
وفي حال ارتفاع مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة وانخفاض مستويات كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة، فمن المحتمل أن يركز الطبيب على خفض مستوى كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة أولا. وأكثر الأدوية المستخدمة لعلاج ارتفاع مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة شيوعا يعرف باسم الاستاتينات (الأدوية الخافضة للكوليسترول) مثل أتورفاستاتين وسيمفاستاتين.