ما يعيق حل الدولتين عنادُ إسرائيل والفلسطينيين وليس المستوطنات

المراقبون يتوقعون أن تطالب إسرائيل بنزع السلاح حين تقرر المشاركة في محادثات السلام، وبأن تكون لها الكلمة المسيطرة في الشؤون الأمنية الفلسطينية.
الجمعة 2023/11/17
راديكالية لا تنتج حلولا

القدس - يرى محللون أن راديكالية المقاربات الإسرائيلية والفلسطينية بشأن مقترح حل الدولتين، الذي يحظى بدعم أميركي وعربي، هي التي تقف حاجزا أمام تسوية النزاع وليس توسع المستوطنات كما يروج الكثيرون.

ويقول الباحث جيمس دورسي “إن الأحكام المتشددة على جانبي الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني والحرب التي تحركها مشاعر البقاء والغضب والخوف واليأس والانتقام تعقّد، إن لم تكن تجعل من المستحيل، الحديث عن السلام في المستقبل القريب بما قد يشمل تنازلات”.

ويشير مراقبون إلى أن هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي ورد الفعل الإسرائيلي سيؤديان إلى تصلب المواقف التفاوضية الإسرائيلية والفلسطينية في المستقبل.

ويتوقع المراقبون على نطاق واسع أن تطالب إسرائيل بنزع السلاح حين تقرر المشاركة في محادثات السلام، وبأن تكون لها الكلمة المسيطرة في الشؤون الأمنية الفلسطينية، وهذا غير مقبول من طرف الفلسطينيين.

شاؤول أرييلي: الافتقار إلى الإرادة السياسية عقبة رئيسية أمام حل الدولتين
شاؤول أرييلي: الافتقار إلى الإرادة السياسية عقبة رئيسية أمام حل الدولتين

واستبعد وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس، المنتمي إلى حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحربية والذي يُعتبر خليفته المحتمل، العودة إلى حدود إسرائيل ما قبل 1967، وأصر على أنه يجب أن يكون للفلسطينيين “كيان” وليس دولة.

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان خلال حرب 1967. وانسحبت من غزة في 2005، لكنها فرضت حصارا على القطاع منذ 2007 بمساعدة مصرية.

وبغض النظر عما إذا كانت حماس ستنجو من حرب غزة، يبدو الدعم في الضفة الغربية لأحد مبادئ الحركة على الأقل (وهو الكفاح المسلح حتى التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل) متوسعا مثل نسبة دعم حماس نفسها.

وليس من الواضح ما إذا كانت حرب غزة ستضعف الدعم الذي تحظى به حماس في القطاع، والذي كان يشهد تراجعا قبل الأعمال العدائية. لكن من غير المرجح أن يتراجع الفلسطينيون عن الدعم واسع النطاق لقيام دولة فلسطينية مستقلة تعترف بإسرائيل كجزء من معاهدة سلام تنهي الصراع الطويل.

ويتناقض دعم حل الدولتين مع إصرار حماس على أن الدولة الفلسطينية يمكنها في أفضل الأحوال أن توافق على وقف إطلاق نار طويل الأمد مع إسرائيل دون التنازل عن مطالباتها بكل أراضي فلسطين التاريخية.

ويرى متابعون أن الحديث عن حل الصراع سيعتمد على المستقبل السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته الأكثر تطرفا ومحافظة في التاريخ الإسرائيلي، بالإضافة إلى توقعات اللاعبين الفلسطينيين.

بيني غانتس استبعد العودة إلى حدود إسرائيل ما قبل 1967، وأصر على أنه يجب أن يكون للفلسطينيين "كيان" وليس دولة

ومع تحميل غالبية الإسرائيليين نتنياهو مسؤولية الفشل الاستخباراتي والعسكري الإسرائيلي في 7 أكتوبر، يتوقع الكثيرون أن ينتهي مساره السياسي بمجرد توقف الحرب.

لكن سقوط نتنياهو لا يعني تشكيل حكومة حريصة على عكس السياسات الإسرائيلية القائمة منذ فترة طويلة والتفاوض على صفقة عادلة مع الفلسطينيين.

ويرى كثيرون أن دعم المجتمع الدولي لحل الدولتين، الذي يتضمن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، يبقى مجرد كلام عن مفهوم تجاوز عمره الافتراضي.

ويؤثر كل هذا على إحياء الرئيس الأميركي جو بايدن لنقاش حل الدولتين وسط شكوك في قدرة الولايات المتحدة على الضغط على الإسرائيليين والفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات والتأكد من توجيه المناقشات نحو النتائج بدلا من فرض جولة أخرى من المحادثات دون نتائج.

سقوط بنيامين نتنياهو لا يعني تشكيل حكومة حريصة على عكس السياسات الإسرائيلية القائمة منذ فترة طويلة والتفاوض على صفقة عادلة مع الفلسطينيين

وبعيدا عن السياسات الإسرائيلية طويلة الأمد الهادفة إلى إحباط جدوى حل الدولتين وعجز الفلسطينيين عن تشكيل جبهة موحدة من حماس وفتح، يُنظر على نطاق واسع إلى المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي يسكنها نحو 750 ألف مستوطن على أنها تقوّض فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وتشير دراسة أجراها العقيد السابق في الجيش الإسرائيلي والباحث شاؤول أرييلي، الذي كان مستشار حكومتي إسحاق رابين وإيهود باراك في المفاوضات مع الفلسطينيين، إلى أن الافتقار إلى الإرادة السياسية هو الذي يشكل العقبة الرئيسية أمام تحقيق حل الدولتين وليس المستوطنات.

وخلصت دراسة أرييلي إلى أن 80 في المئة من المستوطنين الإسرائيليين يعيشون على حوالي 4 في المئة من أراضي الضفة الغربية القريبة من حدود إسرائيل قبل 1967، على الرغم من العدد الكبير من المستوطنات (144 مستوطنة قانونية بموجب القانون الإسرائيلي و100 بؤرة استيطانية غير قانونية) المنتشرة في جميع أنحاء الضفة الغربية. وتتواجد في القدس 12 مستوطنة قانونية.

واقترح أرييلي أن يبقى 80 في المئة من السكان مقيمين في إسرائيل عن طريق مبادلة أراضي الضفة الغربية بالأراضي الإسرائيلية المتاخمة للحدود. وسيتوجب على الـ20 في المئة من المستوطنين المتبقين الاختيار بين الانتقال إلى إسرائيل أو العيش تحت الحكم الفلسطيني.

وكتب أرييلي في رسالة نصية “يبقى هذا الحل ممكنا تماما على أرض الواقع من خلال تبادل الأراضي مما يضمن ضم 80 في المئة من الإسرائيليين الذين يعيشون وراء الخط الأخضر (حدود ما قبل عام 1967) إلى الدولة العبرية… وهي تتمتع بالقدرة على استقبال هؤلاء الأشخاص وتوفير أماكن الإقامة والعمل لهم”.

6