موسم درامي غزير في الشتاء يخدم التسويق لمسلسلات رمضان

عدّلت شركات الإنتاج خارطتها لهذا العام، حيث تبدي تركيزا كبيرا على المسلسلات الاجتماعية التي تمهد من خلال عرضها خلال موسم الشتاء إلى الموسم الرمضاني وتوضح إلى أين ستتجه بوصلة الإنتاج وما المواضيع التي ستهتم بها أكثر، في محاولة لجذب المزيد من الجمهور في ظل الأوضاع السياسية الحرجة التي تمر بها المنطقة.
القاهرة - تستعد منصّات رقمية وفضائيات مصرية وعربية لعرض مجموعة من الأعمال الدرامية الطويلة والقصيرة خلال شهر نوفمبر الجاري، وصل عددها إلى ثمانية مسلسلات، مع استمرار الإعداد لمجموعة أخرى من الأعمال الدرامية المقرر عرضها في شهري ديسمبر ويناير المقبلين قبل انطلاق موسم رمضان، ما يشي بوجود تعديل في خارطة اهتمام شركات الإنتاج التي باتت أكثر انفتاحا على موسم الشتاء.
ويأخذ هذا الموسم منحى تصاعديا من حيث كثافة الإنتاج انطلاقا من العام الماضي الذي كان شاهدا على عرض مسلسلات حققت نجاحا جماهيريا قبل بدء موسم رمضان بينها “لو بعد حين” و”قرض شخصي” و”إيجار قديم” و”العيلة دي”، ما جعل هناك قناعة بأن الفترات التي يتخللها العام الدراسي أكثر قدرة على جذب جمهور يتواجد ساعات طويلة في المنزل بسبب موجات البرد.
ويبدو أن هذه الأعمال المعروضة في الشتاء تقوم بعملية تمهيد لموسم رمضان، حيث تعمل المنصات الرقمية على جذب الجمهور في الأشهر القليلة التي تسبق الموسم الأكبر، وتضع معايير محددة للجودة والموضوع وتفاصيل قصة الأعمال التي تقدمها، كذلك الوضع بالنسبة إلى الفضائيات التي تكثف أشكالها الدعائية المختلفة لما ستقوم بعرضه من مسلسلات خلال الشهر الذي يسبق الموسم.
وتجد شركات الإنتاج نفسها أمام أكثر من عامل إيجابي يشجعها على تقديم أعمال غزيرة بعيدا عن موسم رمضان، لأنها تضمن فرصة العرض في التوقيت الذي تحدده دون الدخول في منافسة صعبة بين أعمال متنوعة يتم تجهيزها لرمضان، ويمكن أن تقدم عملين أو ثلاثة بقيمة إنتاجية قريبة من تقديم عمل واحد في رمضان مع هيمنة الأعمال الطويلة.
وتدرك الشركات التي لا تتبع جهات حكومية أن فرصتها لتسويق أعمالها على المنصات الرقمية والفضائيات المصرية أكثر سهولة بعيدا عن الموسم الرمضاني المزدحم الذي دائما ما يشهد هيمنة من شركات كبيرة بعينها، وفي الوقت ذاته فالتوجه يتماشى مع حاجة المنصات إلى التسويق الإيجابي لما تقدمه قبل شهر رمضان.
ومن المقرر أن تعرض المنصات مسلسل “حدوتة منسية” بطولة سوسن بدر، ويتكون من 30 حلقة، ويُشارك في البطولة عبير صبري، وأحمد فهيم، وتأليف محمود حمدان، وإخراج محمد محي الدين، ويتناول قصة سيدة تتعرض لمشاكل عديدة بسبب إصابتها بمرض الزهايمر.
واقترب منتجو مسلسل “وبينّا معاد” من إتمام تصوير الجزء الثاني لعرضه هذا الشهر، وهو من بطولة صبري فواز وبيومي فؤاد، ويناقش قضايا اجتماعية في إطار كوميدي، يشارك في بطولته مدحت صالح وداليا شوقي وآية سليم وبسمة، وهو من تأليف وإخراج هاني كمال.
ويُنافس الفنان أحمد داوود في موسم الدراما الشتوية بمسلسل جديد يحمل اسم “زينهم”، في أول بطولة مطلقة له، ويشاركه كريم قاسم وتارا عماد في البطولة، والعمل من تأليف محمد سليمان عبدالمالك، وإخراج يحيى إسماعيل.
الأعمال المعروضة في الشتاء تقوم بعملية تمهيد لموسم رمضان، حيث تعمل المنصات الرقمية على جذب الجمهور
كما يتعاون شريف منير مع رانيا يوسف في مسلسل جديد بعنوان “وبقينا اتنين”، يتم تصويره حاليا، ومن المقرر عرضه نهاية نوفمبر الجاري، ويشارك في بطولته كل طارق عبدالعزيز وياسر الطوبجي ويوسف عثمان، وهو من تأليف أماني التونسي، وإخراج طارق رفعت.
وسيتم عرض مسلسل “أرواح خفية” بعد تأجيله أكثر من مرة. والمسلسل بطولة سمية الخشاب ونضال الشافعي وفراس سعيد ومنذر رياحنة، والعمل من تأليف سوسن عامر، وإخراج إبرام نشأت، ويعد من أعمال الرعب المثيرة التي تحبس الأنفاس.
وتدور أحداثه حول المدرّسة لارا (سمية الخشاب) التي تصطحب مجموعة من التلاميذ إلى معسكر وتتصاعد الأحداث داخل مبنى مهجور ملاصق لمكان الرحلة وتكتشف سرا يتعلق بالمدرسة التي تعمل بها بشأن ما يسمّى بالأرواح ورؤية المستقبل.
وقالت الناقدة الفنية صفاء الليثي إن الكيانات الإنتاجية الصغيرة التي أخذت في الظهور خلال العامين الماضيين تجد فرصة لتقديم نفسها عبر أعمال قصيرة والاعتماد على قصص جذابة للجمهور تجد منفذا لعرضها بعيدا عن موسم رمضان، ويعوّل هؤلاء هذا العام على زيادة معدلات الاشتراك في المنصات الرقمية وتراجع الإقبال على دور العرض السينمائي مع انطلاق الدراسة.
وأشارت في تصريح لـ”العرب” إلى أن الأعمال الاجتماعية تسيطر على ما يتم تقديمه باعتبارها الأكثر جذبا للجمهور، وتساير المزاج العام الذي قد لا يكون محبذا لأعمال كوميدية أو خفيفة في ظل ارتباط الجمهور بقنوات الأخبار التي تعرض تطورات ما يدور في قطاع غزة، بالتالي فشركات الإنتاج التي كانت ترددت في عرض أعمالها خلال شهر أكتوبر الماضي مع نشوب الحرب على غزة بدأت تدرك أن الجمهور في حاجة إلى ما يساعده على تجديد طاقته ونشاطه في أوقات صعبة.
ولفتت إلى أن الأعمال التي يتم تقديمها خارج الموسم الرمضاني يغلب عليها الطابع الإنساني وتنوع الموضوعات التي تناقشها، وتبتعد إلى حد كبير عن طبيعة الأعمال التي هي في حاجة إلى إنتاج سخي، وتعتمد على القصة ولا يتم تكرار ديباجة الأعمال التي تركز على البيئة في الصعيد (جنوب مصر) أو أعمال العنف وتلك التي يطغى عليها جانب وطني أو تاريخي.
وتعرض منصة “شاهد” ثلاثة أعمال درامية، أبرزها مسلسل “بطن الحوت” بطولة محمد فراج وباسم سمرة وأسماء أبواليزيد وعبدالعزيز مخيون وسماح أنور وبسمة، من تأليف وإخراج أحمد فوزي صالح، وتدور أحداثه حول رجل يعمل في صناعة الفخار، يضطر للتعاون مع جماعات متطرفة ويدخل في صراعات معهم.
وتعرض المنصة أيضا الجزء الثاني من مسلسل “البيت بيتي” بطولة كريم محمود عبدالعزيز ومصطفى خاطر، ومن تأليف أحمد عبدالوهاب، وإخراج خالد مرعي، وتدور أحداثه حول قصر به أرواح شريرة، ويحاول أبطال العمل طردها وبيع القصر.
وينتظر الجمهور عرض مسلسل “روز وليلى” بطولة يسرا ونيللي كريم، وكتابة السيناريست البريطاني كريس كول، وإخراج أدريان شيرجولد، وتدور قصته على امتداد 10 حلقات، في إطار من الكوميديا السوداء وضمن سياق مليء بالأكشن والتشويق والمغامرة، عن محققتين مستقلتين يتمّ التعاقد معهما لكشف عملية احتيال مصرفي كبرى يجري التخطيط والإعداد لها في مصر.
وقال الناقد الفني أحمد سعدالدين إن المواسم الموازية أضحت أكثر جذبا للمنتجين والجمهور، لكن تبقى هناك متغيرات مهمة هذا العام وهي ارتباط المواطنين بما يدور في قطاع غزة، بالتالي قد يحدث بعض التأجيل لعدد من الأعمال الكوميدية إلى شهري يناير وفبراير إلى حين هدوء الأوضاع، حيث أن المزاج العام للمواطنين سيبقى عاملا مهما في نجاح الموسم الشتوي أو تعرضه لخسائر جراء العزوف عن المتابعة أسوة بما حدث للسينما المصرية خلال شهر أكتوبر الماضي.
وأكد في تصريح لـ”العرب” أن برامج المنوعات وقنوات المسلسلات والأفلام تعاني من تراجع معدلات المشاهدة، وبالتالي فإن بعض الشركات بدأت التفكير في إدخال تعديلات على خارطة الأعمال المعروضة في موسم رمضان، وقد يكون هناك تغيير في الشكل العام لتكون قريبة لاتجاهات الجمهور، وقد ينعكس على ذلك تراجع معدلات الكوميديا التي تكون بشكل زائد عن الحد في بعض الأحيان.
وشهدت منصات وفضائيات مصرية وعربية أخيرا عرض مجموعة من الأعمال الدرامية الشهر الماضي بينها مسلسل “صوت وصورة” بطولة حنان مطاوع، و”ألفريدو” بطولة إلهام شاهين وأحمد فهمي، و”على باب العمارة” بطولة حاتم صلاح.
ومن المتوقع أن تعلن منصات رقمية عن عرض عدد من المسلسلات الأخرى خلال الفترة المقبلة دون أن تحدد موعدها بعد مسلسل “جولة أخيرة” بطولة أحمد السقا، و”من قتل نادية” بطولة آسر ياسين، ومسلسل “إقامة جبرية” بطولة هنا الزاهد ومحمد الشرنوبي، والجزء الثاني من مسلسل “البحث عن علا” بطولة هند صبري.