مخاطر كبرى للهجوم البري على غزة تلوح في الأفق

واشنطن - يرى محللون أن إسرائيل تواجه مخاطر هائلة وهي تستعد لغزو بري واسع النطاق لغزة. وجاء في تحليل نشره موقع "ذي هيل" أنه من شبه المؤكد أن أيّ عملية واسعة يقوم بها جيش الدفاع الإسرائيلي داخل القطاع الساحلي ستؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية هناك، إلى جانب سقوط ضحايا من المدنيين. كما أنه يخاطر بخسارة أرواح جنود إسرائيليين، وتحويل المشاعر العالمية والمحلية ضد إسرائيل فضلاً عن فتح جبهة ثانية في الحرب.
لكن الزعماء الإسرائيليين تعهدوا بتنفيذ العملية، المعروفة باسم عملية "لسيوف الحديدية"، لتدمير حركة حماس الفلسطينية التي شنت هجوما في 7 أكتوبر على إسرائيل أودى بحياة 1400 شخص. وقال يارون فينكلمان، ضابط القيادة الجنوبية الإسرائيلية، للجنود الأسبوع الماضي "إن مناوراتنا ستنقل الحرب إلى أراضيهم…سوف نهزمهم في أراضيهم".
وتتزايد المخاوف من ارتفاع الوفيات بين المدنيين، إذ أن أي عملية برية يمكن أن تكون طويلة ودموية وتتضمن قتالا من منزل إلى منزل في المناطق الحضرية، مما يشكل خطرا هائلاً على السكان المدنيين في قطاع غزة.
وقد تسببت الغارات الجوية وحدها في مقتل أكثر من 3000 مدني فلسطيني، أكثر من 1500 منهم من الأطفال، وفقا لمسؤولين في حماس. وأكثر من مليون شخص أجبروا على الفرار من منازلهم ليس لديهم مكان يذهبون إليه، وهم محاصرون في جنوب غزة دون ممر للخروج.
وقال ديفيد كورترايت، الأستاذ الفخري في كلية الشؤون العالمية بجامعة نوتردام، إن القتال في غزة يحمل خطراً هائلاً على مكانة إسرائيل، واقترح بدلاً من ذلك “عقد محكمة دولية لتقديم المسؤولين في حماس عن مهاجمة إسرائيل إلى العدالة"، بينما السعي إلى حل سياسي مع الشعب الفلسطيني.
وقال كورترايت "من المفهوم أن يشعر الإسرائيليون بالغضب والانتقام بعد الهجمات الشنيعة التي تشنها حماس، لكن الحصار المستمر لغزة لن يؤدي إلا إلى المزيد من الموت والدمار وسيوسع نطاق الحرب، وقد ينتهي به الأمر لصالح حماس".
وفي حرب غزة عام 2014، قاتلت كتائب المشاة الإسرائيلية في أحد الأحياء الشمالية لمدينة غزة، وهي معركة أسفرت عن مقتل أكثر من 1600 من المارة الأبرياء وجرح أكثر من 10 آلاف في ما يزيد قليلا عن شهر مع انسحاب إسرائيل في نهاية المطاف دون أيّ انتصارات إستراتيجية كبيرة.
وتهدد العملية العسكرية المقبلة بأن تكون أكثر فتكا، مع تعهد قادة إسرائيل بالقضاء على حماس بشكل كامل. ومن بين المخاطر الأخرى ارتفاع الكلفة على الجيش الإسرائيلي، ففي عام 2014 فقدت إسرائيل 66 جنديًا في القتال مع حماس.
وكانت القوات تكافح في ذلك الوقت للقتال في أدغال المدن والأنفاق والفخاخ المتفجرة في أنحاء غزة، حيث تعرضت للألغام والكمائن والقناصة. واستمر هذا الصراع بضعة أسابيع فقط، ولم تدخل القوات الإسرائيلية إلا أجزاء من الأراضي التي تسيطر عليها حماس.
وهذه المرة، وعدت إسرائيل بشن عملية شاملة لتدمير حماس، واستدعت رقماً قياسياً بلغ 360 ألف جندي احتياطي للخدمة. ومن المرجح أن تتطلب العملية الأكبر قدرًا أكبر من الوقت والموارد، مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر.
وتمتلك حماس أيضًا شبكة أنفاق واسعة النطاق تحت الأرض، وهي ميزة يمكن استخدامها لمهاجمة القوات الإسرائيلية. وقال ألب سيفيميلسوي، زميل الألفية في المجلس الأطلسي، إن القوات الإسرائيلية يجب أن تحدد “معايير نجاح صغيرة” لكل منطقة إذا كانت تريد التغلب على العديد من الفخاخ والعقبات داخل غزة.
وأضاف سيفيميلسوي "المرحلة الأولى يجب أن تكون السيطرة على منطقة تلو الأخرى حتى يصلوا على الأقل إلى ما بين 75 و80 في المئة من السيطرة الجغرافية"، متوقعا أن يستغرق ذلك بضعة أشهر.
ويشعر الجمهور الإسرائيلي بالغضب إزاء مقتل ما يقرب من 1400 شخص على أيدي حماس، وحوالي 200 رهينة احتجزتها الجماعة، الأمر الذي أدى إلى دعم واسع النطاق للجهود الرامية إلى هزيمة المسلحين في غزة.
ولكن إذا تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في صراع طويل الأمد دون نهاية في الأفق، فقد يتغير ذلك. وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “معاريف” اليومية الإسرائيلية أن 65 في المئة من المواطنين يؤيدون الغزو البري بينما يعارضه 21 في المئة.
وخاضت إسرائيل بالفعل أربع حروب مع حماس، وفشلت كل محاولاتها للقضاء على الجماعة. لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس قال إنه بحلول نهاية هذا الصراع، لن تتمتع حماس بالقدرة على "تهديد المدنيين الإسرائيليين أو قتلهم" بعد الآن.
◙ تبادل الهجمات على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية هو الأكثر دموية ومن المرجح أن يؤدي إلى حرب شاملة إذا لم تركز القوات الإسرائيلية على حماس
ومنذ هجمات حماس القاتلة، ظلت إسرائيل تتبادل إطلاق النار يوميا مع حزب الله، الجماعة المسلحة في لبنان على الحدود الشمالية. وكان تبادل الهجمات على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية هو الأكثر دموية منذ سنوات، ومن المرجح أن يؤدي إلى حرب شاملة بالفعل إذا لم تركز القوات الإسرائيلية على حماس.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، بحسب وسائل إعلام رسمية، إن “الوقت ينفد، وإذا كان دعاة الحرب يعتقدون أن بإمكانهم إخراج المقاومة وحماس من غزة، فهم مخطئون”.
وقال عماد حرب مدير الأبحاث والتحليل في المركز العربي في واشنطن إنه كان متشككًا في غزو حزب الله لإسرائيل خلال فترة الاضطرابات الاقتصادية في لبنان، لكن الأمر اعتمد أيضًا على رغبات إيران وكيف تتكشف العملية في غزة. وأضاف “إذا هُزمت حماس، فهذا يشكل تهديداً لحزب الله لأن حماس لم تعد موجودة”.
واندلع غضب العالم العربي بالفعل بسبب الأزمة في غزة ووقف تضامناً مع الشعب الفلسطيني وسط حملة قصف إسرائيلية مكثفة على القطاع الساحلي. ولم يتفاقم الغضب العربي إلا بعد انفجار مميت بالقرب من مستشفى في مدينة غزة الأسبوع الماضي أدى إلى مقتل المئات من الأشخاص.
وتخاطر الحملة المطولة في غزة بإثارة المزيد من الغضب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تعاطفت منذ فترة طويلة مع القضية الفلسطينية. وقد يؤدي ذلك إلى انتكاسة الجهود الدبلوماسية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، فضلا عن زيادة عزلة إسرائيل في المنطقة.
اقرأ أيضا:
كيف خذلت السلطة الفلسطينية شعبها