هل تؤثر حرب غزة على السياسة النفطية للسعودية

رهانات الرياض على ارتفاع الأسعار تبقي على التوتر مع واشنطن.
السبت 2023/10/21
لا تغيير منتظرا

يواجه الشرق الأوسط أزمة خطيرة في علاقة بالتصعيد الجاري بين قطاع غزة وإسرائيل، وأدى التصعيد إلى فرملة مشروع تطبيع للعلاقات يجري برعاية أميركية بين إسرائيل والسعودية، فيما تتركز الأنظار حاليا حول تداعيات ما يحصل في سوق النفط وكيف ستتصرف الرياض، باعتبارها أكبر مصدر للنفط، في ظل الظرفية الحرجة التي من المرجح أن تتفاقم.

نيويورك - أكدت المملكة العربية السعودية في مطلع أكتوبر الجاري أنها ستبقي على خفض إنتاجها الطوعي من النفط بمقدار مليون برميل يوميا حتى نهاية العام الجاري.

جاء القرار في وقت تجري فيه الرياض محادثات مع واشنطن التي تتوسط في اتفاق بشأن تطبيع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل.

لكن هجوم حركة حماس على إسرائيل والانتقام اللاحق الذي استهدف قطاع غزة قلبا المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط مرة أخرى.

والمنطقة تعد أكبر مصدر للنفط الخام في العالم ويوجد فيها أكبر مضيق يعبر منه النفط.

وكتب مراسل رويترز جورج هاي الأسبوع الجاري أن الحاكم الفعلي للسعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يعدّ الورقة الرابحة في أحدث صراع في الشرق الأوسط.

التطبيع مؤجل إلى حين

قد تكون المملكة، التي تبقى أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، على استعداد لزيادة إنتاجها النفطي في مطلع العام المقبل إذا ارتفعت الأسعار أكثر
قد تكون المملكة، التي تبقى أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، على استعداد لزيادة إنتاجها النفطي في مطلع العام المقبل إذا ارتفعت الأسعار أكثر

وقع هجوم حماس في السابع من أكتوبر الجاري، في وقت كشفت فيه تصريحات مسؤولين أميركيين وإسرائيليين عن تقدم في المفاوضات بشأن التطبيع بين السعودية وإسرائيل.

وقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن أحد دوافع هجوم حماس هو عرقلة عملية سلام أوسع في المنطقة، في إشارة إلى التطبيع مع السعودية.

وكان عدد من الدول العربية على غرار الإمارات العربية المتحدة العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) طبعت علاقاتها مع إسرائيل في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وتعمل الإدارة الحالية برئاسة جو بايدن على توسيع عملية السلام لتشمل السعودية.

هجوم حركة حماس على إسرائيل والانتقام اللاحق الذي استهدف قطاع غزة قلبا المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط

وكان من الممكن أن يؤدي اتفاق محتمل إلى اعتراف السعودية بإسرائيل مقابل صفقة دفاعية مع الولايات المتحدة، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال قبل أيام من اندلاع الصراع الجديد الذي ألقى بظلاله على التقارب السعودي – الإسرائيلي الوشيك الذي كان من الممكن أن يخفف من توتر سوق النفط العالمية.

وقد تكون المملكة، التي تبقى أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، على استعداد لزيادة إنتاجها النفطي (الذي يبلغ حاليا حوالي 9 ملايين برميل يوميا) في مطلع العام المقبل إذا ارتفعت الأسعار أكثر مما يقبل الكونغرس الأميركي.

وتبرز تساؤلات في السوق حاليا عما إذا كان ينبغي تسعير إمدادات أقل إذا شددت الولايات المتحدة تطبيق العقوبات على صادرات النفط الإيرانية.

ويقول محللون إن إمدادات النفط من إيران، التي ارتفعت في الأشهر الأخيرة إلى أعلى مستوى لها منذ العام 2018 بسبب ما يبدو أنه تطبيق أضعف للعقوبات الأميركية، قد تبدأ في الانكماش مرة أخرى.

وتقف السعودية، التي استعادت للتو علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، في صف القضية الفلسطينية في الصراع الأحدث إلى جانب الدول الإسلامية الأخرى في المنطقة، وهي من أكبر منتجي النفط في الشرق الأوسط والعالم.

ودعت المملكة إلى “الوقف الفوري للتصعيد بين الجانبين، وحماية المدنيين، وضبط النفس”. لكنها ألمحت إلى إسرائيل أيضا إذ “تذكر بتحذيراتها المتكررة من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته”.

وقالت مصادر مطلعة على تفكير المملكة لرويترز الأسبوع الماضي، إن السياسة السعودية في المنطقة تشهد إعادة تفكير سريعة، كما تقرر تجميد خطط الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل.

وتلقى الأمير محمد بن سلمان مكالمة هاتفية من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال الأسبوع الماضي. وكانت الأولى من نوعها بينهما.

تحالف أوبك+ لا يخطط لعقد اجتماع استثنائي في أعقاب الدعوة الإيرانية إلى فرض حظر نفطي على إسرائيل

وقد أكد ولي العهد السعودي في المحادثة على “موقف المملكة الثابت تجاه مناصرة القضية الفلسطينية، ودعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام الشامل والعادل الذي يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة”.

وبعد الانفجار المميت الذي استهدف مستشفى في غزة، استضافت السعودية اجتماعا طارئا لمنظمة التعاون الإسلامي اتُهمت فيه إسرائيل مباشرة بالوقوف خلف المجزرة التي راح ضحيتها المئات من المدنيين.

وأدانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي “العدوان الإسرائيلي السافر غير المسبوق في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمجازر البشعة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة، والتي أدت إلى سقوط المئات من الضحايا المدنيين الأبرياء وجرح الآلاف وتشريد مئات الآلاف بتدمير منازلهم”، و”استنكرت بشدة استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاشم للمستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة بشكل متعمد ممّا أدى إلى سقوط المئات من القتلى والجرحى من المرضى والمصابين والنازحين المدنيين الأبرياء، الأمر الذي يمثل جريمة حرب وإبادة وانتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني والأخلاق والمواثيق الدولية والإنسانية”.

لا تغيير في سياسة إنتاج النفط

حرب غزة قد تدفع إلى ارتفاع أسعار النفط
حرب غزة تزيد من أسعار النفط

لقد شهدت العلاقات الأميركية – السعودية في عهد الرئيس بايدن توترا، وأدى تخفيض الإنتاج السعودي ضمن تحالف أوبك+ (الهادف إلى ضمان “استقرار السوق” ولكنه في الواقع يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع) إلى تعميق الصدع بين المملكة وإدارة بايدن التي كانت تكافح لاحتواء الأسعار المرتفعة بالنسبة إلى المستهلكين الأميركيين.

وقال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، الأسبوع الحالي، إن شركة النفط السعودية العملاقة تمتلك حاليا طاقة إنتاجية فائضة تبلغ ثلاثة ملايين برميل يوميا.

وأضاف الناصر أن أكبر شركة نفط في العالم يمكنها زيادة الإنتاج “في غضون أسبوعين” إذا لزم الأمر.

ولم يلمح السعوديون ولا تحالف أوبك+ الذي تقوده المملكة وروسيا حتى الآن إلى أي تغيير في السياسة الحالية لحجب الإمدادات عن السوق، على الرغم من الطلب القوي ودعوة إيران يوم الأربعاء إلى فرض المنتجين الإسلاميين حظرا نفطيا على إسرائيل.

وقالت مصادر في أوبك+ لرويترز يوم الأربعاء إن المجموعة لا تخطط لاتخاذ أي إجراء فوري أو عقد اجتماع استثنائي في أعقاب الدعوة الإيرانية إلى فرض حظر نفطي على إسرائيل بسبب الحرب مع حماس في غزة.

وقد ترتفع أسعار النفط إلى 95 دولارا مرة أخرى وحتى إلى 100 دولار للبرميل خلال الفوضى الجيوسياسية الحالية التي يشهدها الشرق الأوسط. لكن لا ينبغي للولايات المتحدة أن تعتمد على السعودية لاحتواء ارتفاع الأسعار.

ويحتاج السعوديون والروس إلى أن تبقى أسعار النفط مرتفعة لتغطية الإنفاق على مشاريع الأمير محمد بن سلمان الضخمة وحرب الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا.

6