صلالة.. سويسرا الخليج بجبالها وشلالاتها وسط الصحراء

موسم الخريف يجذب السياح إلى المناخ الرطب والمغامرات في الطبيعة.
الثلاثاء 2023/10/10
مشهد خلاب

تتنوع السياحة في صلالة، لكن ما يجذب إليها السياح مناظرها الطبيعية وجبالها الخضراء وشلالاتها وعيونها التي يزداد جمالها في فصل الخريف فتزداد سحرا في عيون زائريها الذين يأتونها لطقسها المثالي في هذه الفترة، إضافة إلى ما توفره من مغامرات جبلية وبحرية ومهرجانات وفعاليات ثقافية وتراثية متنوعة.

صلالة (عمان) - صلالة المدينة الخضراء، سويسرا الخليج، جبال أوروبا العربية، ألقاب عدة توصف بها الولاية العمانية الساحرة صلالة، وهي واحدة من أبرز الوجهات السياحية التي تجذب مئات الآلاف من السائحين خلال السنوات الأخيرة لما تحتويه من طبيعة خضراء ساحرة، وطقس مثالي خاصة في فصل الخريف.

وفي الوقت الذي ترتفع فيه درجات الحرارة، في مدن الخليج، وتصل إلى ما يزيد عن 40 درجة مئوية، تعيش مدينة صلالة، بسلطنة عُمان في جو بارد يقل عن 15 درجة مئوية، ما يجعلها مدينة جاذبة للسكان المحليين، وللسياح القادمين من المدن الخليجية.

تتمتع المدينة الساحرة بجاذبية كبيرة، خاصة خلال موسم الخريف، الذي يتميز بمناخه الرطب وطبيعته الخضراء، حيث الحياة البرية الغنية الفريدة والتي تضم مجموعة من النباتات الطبيعية وأشجار اللبان والموز ومزارع الفاكهة وأشجار جوز الهند، إضافة إلى مشاهد الشلالات والسهول والمراعي الخضراء التي تضم الآلاف من رؤوس الإبل.

وفي فصل الخريف يقوم الكثير من سكان محافظة ظفار، التي تتبعها صلالة، بنصب خيامهم في سهلي صحلنوت وأتين، وهو تقليد قديم لأهالي المحافظة في هذا الموسم.

ولعشاق الرياضة والمغامرة النصيب الأكبر من الأنشطة السياحية التي تقدمها المحافظة لضيوفها من رياضات الصحراء، وتسلق الجبال، وركوب الأمواج، واستكشاف الكهوف، ومراقبة الطيور، وسباقات الهجن.

تمتد كثافة أشجار اللبان على مساحة تقدر بخمسة كيلومترات، ويقدر عددها بأكثر من خمسة آلاف شجرة مزروعة وطبيعية

تشتهر صلالة بالعيون المائية خاصة في جبل دربات التي تنهمر فيها الشلالات من ارتفاعات تمتد لعشرات الأمتار، إضافة إلى عين صحلنوت، وعين جرزيز، وهي أقدم العيون المائية في محافظة ظفار.

وبجانب العيون الجارية تتميز صلالة بالشواطئ الفريدة، ومن أبرزها شاطئ المغسيل الذي ينفرد بمياهه الزرقاء المائلة للأخضر الفيروزي، ورماله البيضاء التي تظللها أشجار النخيل، إضافة إلى مجموعة من النوافير التي صنعتها الطبيعة، إذ تصطدم مياه الأمواج فتخترق صخور الجبال وتندفع المياه من باطن الأرض في مشهد خلاب، يجذب الآلاف من السائحين يوميا.

وتمتاز الكهوف في صلالة بأنها الأكبر والأجمل في دول الخليج، ومنها كهف المرنيف، الذي يقع قرب شاطئ المغسيل، وكهف طيق، أحد أكبر الكهوف بسلطنة عمان، ويمتاز بطبيعته الجغرافية وتكويناته الصخرية النادرة.

مناظر تأسر قلوب الكبار والصغار
مناظر تأسر قلوب الكبار والصغار

وتضم مدينة صلالة عددا من الحصون التاريخية التي تعتبر شواهد تاريخية على حضارة المنطقة.

وتعد المزارات الدينية في صلالة من أهم عناصر الجذب السياحي، وتحمل دلالة على التاريخ العتيق لصلالة، ومنها مقام النبي أيوب الذي يقع على جبل أتين، مطلا على مناظر طبيعية خلابة، إضافة إلى ضريح عمران، والذي يعد من أطول القبور في العالم حيث يمتد لحوالي 30 مترا، بجانب المساجد ذات الطابع العمراني المميز.

وبنيت القبور الدينية في صلالة بعناية شديدة، وهي محاطة بالأبنية والقباب، ومغطاة بالقماش الأخضر وسجاد يفوح منه عبق العطور.

ويحرص السائحون على زيارة وادي دوكة، وهو محمية طبيعية لأشجار اللبان التي يطلق عليها الأشجار المدللة والمسجلة في قائمة التراث العالمي، كونها من أهم مواقع إنتاج وتصدير اللبان.

وتمتد كثافة أشجار اللبان بالوادي على مساحة تقدر بخمسة كيلومترات، ويقدر عددها بأكثر من خمسة آلاف شجرة لبان مزروعة وطبيعية.

وتشتهر المدينة بأسواق اللبان، حيث يعد اللبان الهدية الرئيسية التي يحرص السائحون على اقتنائها قبل مغادرتهم لصلالة.

Thumbnail

وتعود تجارة اللبان إلى الآلاف من السنين، وهو ما سجلته جدران المعابد الفرعونية القديمة منذ رحلات حتشبسوت للأراضي العمانية، وتشير الدراسات والبحوث التي قام بها بعض الباحثين والعلماء إلى تاريخ المدينة القديم، وهو ما تدل عليه الآثار المختلفة من كتابات ونقوش.

وتستضيف صلالة مجموعة من المهرجانات على مدار العام ومن أبرزها مهرجان خريف ظفار السياحي السنوي، الذي يقام بالتزامن مع موسم الخريف، والذي يحظى بشعبية بين الخليجيين والسياح الأجانب على مر السنين.

أما مهرجان صلالة للمأكولات فيحظى بإقبال كبير من مختلف السائحين الذين يستمتعون باستكشاف أشهر الأطباق العمانية المميزة والتمتع بأشهى المأكولات العالمية من خلال مشاركة أكثر من 70 مزودا للمأكولات والمشروبات، كما يقضي الزوار أوقاتا مميزة بحضور أكثر من 10 فعاليات ترفيهية مصاحبة.

وتتنوع بمدينة صلالة الحرف والصناعات والفنون التقليدية كصناعة القوارب، والفخار، والصناعات الخشبية والجلدية، وصناعة اللبان.

يقول أحمد الشريف، وهو مصري مقيم في دبي، “في مثل هذا الوقت من كل عام، أتوجه وأسرتي إلى ولاية صلالة، للاستمتاع بأجواء باردة ومشاهد طبيعية تشعرنا أننا زرنا مدينة أوروبية”.

وأضاف “رغم أن المسافة تزيد عن 1400 كيلومتر بين دبي وصلالة، إلا أننا ننسى هذه المسافة، والوقت الذي قضيناه في الطريق والذي يزيد عن 12 ساعة، لأننا ندخل مدينة ساحرة بمشاهدها الطبيعية وسهولها وأوديتها الخضراء وشلالاتها المبهرة والتي تسقط منها المياه من ارتفاعات شاهقة من قمم الجبال”.

Thumbnail

أما الإماراتي أحمد المزاحمي فيقول “من يذهب إلى صلالة في شهر سبتمبر يرى المئات من السيارات القادمة من الإمارات والسعودية وقطر والبحرين، والمئات من الكرفانات الخليجية التي قطعت الآلاف من الأميال، ليقضي ملاكها أياما وأسابيع في صلالة، وسط لوحة طبيعية، تحيطهم قنوات المياه والعيون المتفجرة، والشلالات الشاهقة، والمساحات الخضراء التي تمتد على مئات الكيلومترات المربعة”.

ويضيف “نأتي إلى هنا لننسى حرارة الجو المرتفعة في المدن الخليجية، ونعيش في أجواء أوروبية، لا نشاهدها في أي منطقة بالخليج”.

ويتابع “نتجمع أسرا وعائلات ونقيم فوق الجبال وفي الوديان الخضراء، ولا تتوقف متعتنا البصرية بمشاهد الجبال التي تكسوها الأشجار والنباتات، وحولنا قطعان من الأبل والبقر والماعز التي تنتشر في المراعي الطبيعية، وهو ما لا نراه في بلادنا”.

وتقول عائشة الكلباني، وهي عُمانية من مسقط، “عندما نأتي إلى صلالة في أشهر الصيف والخريف، نعيش فوق الجبال المرتفعة، والتي يزيد ارتفاع بعضها عن 800 متر، ومن حولنا تتحرك السحب، وتقتحم جلساتنا في مشهد لا يوصف”.

وتضيف “توصف صلالة بأنها سويسرا العرب، حيث يعيش من يصلون إليها بين شلالات تسقط من ارتفاعات تصل إلى 20 مترا، ومنها شلالات أثوم، وعين كور، وتحيطهم بحيرات من مياه الأمطار وقنوات تتدفق فيها مياه العيون الطبيعية، والأشجار الشاهقة”.

وتتابع “نتوجه إلى قمم الجبال المطلة على المحيط الهندي، وتحديدا في منطقة أفتلقوت، حيث نرى الجبال الخضراء وهي تحتضن أمواج المحيط الهندي، ومن حولنا السحب، لنعيش أوقاتا لا تنسى في منطقة طبيعية لا ترى مثلها في أي مدينة في الدول خليجية”.

16