جربة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي

نمط الاستيطان البشري المميز في جزيرة جربة نتج من مزيج من العوامل البيئية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
الثلاثاء 2023/09/19
جزيرة التسامح

وضعت اليونسكو في دورتها الأخيرة جزيرة جربة على لائحة التراث العالمي نظرا لما تتميز به من نمط إعمار خاص عبر البنايات والأحياء السكنية والطرق التقليدية في استغلال المجال الترابي والبحر.

تونس – أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، أمس الاثنين، إدراج جزيرة جربة التونسية ضمن قائمة التراث العالمي.

“جربة: شاهد على نمط تعمير في مجال ترابي جزيري”، هو عنوان الملف الفني الذي اقترحته الجمهورية التونسية لتسجيل الجزيرة على لائحة التراث العالمي.

وأعلنت اليونسكو قرارها عبر حسابها على منصة إكس، عقب اجتماع لجنة التراث العالمي في دورتها الـ45 في الرياض. وتعد جربة أكبر جزيرة في تونس وثاني أكبر جزيرة في البحر المتوسط بعد جزيرة صقلية.

ويعتمد ملف ترشيح الجزيرة التي تعد من أبرز المنتجعات السياحية في حوض المتوسط، على نمط إعمار خاص عبر البنايات والأحياء السكنية والطرق التقليدية في استغلال المجال الترابي والبحر.

ويتضمن ملف الجزيرة 31 عنصرا منها 7 مواقع هي، تملال وخزرون وصدغيان وقشعيين ومجماج، وهي مواقع ذات سكن متفرق، إلى جانب الموقعين الحضريين حومة السوق والرياض (الحارة الصغيرة) و24 معلما منها 22 مسجدا وكنيسة أرثوذكسية ومعبد الغريبة اليهودي.

وتكمن الاستثنائية العالمية لجزيرة جربة في كونها تعكس تخطيطا عمرانيا جزيريا استثنائيا، تطور خلال الفترة الفاصلة بين القرن العاشر والقرن الثامن عشر ميلادي في مجال يتميز بندرة الموارد المائية وسياق أمني غير مستقر وشاهد على طريقة استغلال المجال بالجزيرة وإعمارها من قبل مجتمعات من ثقافات وأديان مختلفة كان عليها أن تتعايش من أجل البقاء.

فف

وكانت الجزيرة مأهولة منذ العصور القديمة، وقد تأثرت بالعديد من الحضارات مثل الفينيقيين والرومان والبيزنطيين. كما تتميز بتنوع ثقافي وديني حيث تضم معبد الغريبة الشهير وهو أقدم كنيس يهودي في أفريقيا وكنيسة أرثوذكسية، وتعكس العديد من المساجد والمنازل في جربة الهندسة المعمارية الإسلامية التقليدية وتصاميمها الجميلة.

ويُعرف سكان جزيرة الأحلام كما يسميها التونسيون بمهاراتهم في الحرف اليدوية مثل صناعة الحلي والسجاد والخزف والتطريز.

وقد اعتبرت الجزيرة بأكملها كنظام اجتماعي واقتصادي واحد يشترك في المجال الحضري والريفي ويعتمد على تكامل الأنشطة الاقتصادية، وهو يعدّ مرآة عاكسة للمعتقدات الدينية وللتنظيم الاجتماعي لسكانها.

وينسجم ملف إدراج جزيرة جربة على لائحة التراث العالمي وفق المعيار الخامس من المعايير العشر لتقدير القيمة الاستثنائية التي على أساسها تدرج منظمة اليونسكو مواقع معينة على قائمة التراث العالمي.

ويُقصد بالقيمة الاستثنائية العالمية “الأهمية الثقافية أو الطبيعية التي تتجاوز الحدود المحلية، لتصبح أهمية مشتركة للأجيال الحاضرة والمقبلة للبشرية جمعاء، بحيث تكون الحماية الدائمة لهذا التراث أهمية قُصوى لدى المجتمع الدولي بأسره، وتتولى لجنة مختصة وضع معايير تقدير القيمة العالمية الاستثنائية للممتلكات، فإذا استوفت معيارا واحدا على الأقل أُدرجت ضمن قائمة التراث العالمي”.

وتقدّم جربة نموذجا بارزا لمجموعة بشرية تقليدية ولأسلوب تقليدي في استخدام الأراضي وفي نمط تعمير المجال الترابي في بيئة جزيرية وفي استغلال البحر، وهو ما يمثل شاهدا استثنائيا على التفاعل الذكي بين الإنسان وبيئته.

حح

وهو ما أقرّه أيضا المجلس الدولي للمعالم والمواقع والاتحاد الدولي لصون الطبيعة في تقريرهما التقييمي الذي تم نشره موفى يونيو 2023، حيث جاء في التقرير أن الممتلك المقترح لإدراج ملف “جربة: شاهد على نمط تعمير في مجال ترابي جزيري” يحتوي على قيمة عالمية استثنائية ثابتة وأن اختيار المعيار الخامس لتصنيفه يعتبر الأنجع.

وكانت الجمهورية التونسية تعهّدت بتوفير الحماية القانونية لكل العناصر المكونة للممتلك الثقافي من خلال العمل على استصدار قرارات حماية بالنسبة إلى المعالم التاريخية وإنشاء مناطق مصونة للتجمعات الريفية والحضرية والبدء في صياغة أمثلة الصيانة والإحياء.

كما تمّ عقد عدة اجتماعات على المستوى المركزي ببادرة من وزارة الشؤون الثقافية لتحسين منظومة الحوكمة وإيجاد الهياكل اللازمة لإدارة الممتلك واتخاذ إجراءات عاجلة لصون العناصر المكونة للممتلك.  وتضم تونس ثمانية مواقع أخرى مدرجة على قائمة التراث العالمي، وهي الموقع الأثري بقرطاج، والمدرج الأثري الروماني بالجم، ومدينة تونس العتيقة، ومدينة كركوان البونية الأثرية، ومدينة القيروان التاريخية، ومدينة سوسة العتيقة المحاطة برباط، وموقع دقة الأثري الذي يمثل أفضل مدينة رومانية محفوظة في شمال أفريقيا.

كما تضم القائمة موقع “محمية إشكل” الطبيعية التي تقع في شمال غرب البلاد وتشمل مجموعة متنوعة من التضاريس والبيئات بما في ذلك الجبال والوديان والغابات والشلالات والأنهار، لذلك تُعدّ منطقة هامة للحفاظ على التنوع البيولوجي.

Thumbnail
18