أحمد عطاف في أنقرة لتثبيت أركان حلف بين الجزائر وتركيا

قمة مرتقبة بين تبون وأردوغان بالجزائر خلال الأشهر القليلة القادمة.
الجمعة 2023/09/08
عطّاف في مهمة تثبيت الروابط الإقليمية

تبحث الجزائر عبر زيارة وزير الخارجية أحمد عطاف إلى أنقرة، سبل دعم التعاون الإستراتيجي مع تركيا وتوسيع مجال الشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين، فضلا عن ملفات جيوسياسية وإقليمية، حيث تراهن الجزائر على تحقيق حضورها في المنطقة بمساندة تركية وقطرية.

الجزائر - يؤدي وزير خارجية الجزائر زيارة إلى تركيا تدوم ثلاثة أيام، يبحث خلالها سبل تطوير وتعزيز التعاون الشامل بين البلدين، والتحضير لقمة مرتقبة بين الرئيسين عبدالمجيد تبون ورجب طيب أردوغان في الجزائر، وذلك في إطار خطة إقليمية لتحالف إستراتيجي بين البلدين، خاصة وأنهما يتقاسمان مصالح جيوسياسية في الشرق الأوسط إلى جانب قطر، وفي المنطقة في ليبيا والنيجر والساحل الصحراوي.

وأعرب وزيرا خارجية الجزائر أحمد عطاف وتركيا هاكان فيدان، في الندوة الصحفية التي عقدت الخميس في أنقرة، عن تفاؤلهما بارتقاء علاقات بلديهما إلى مستويات عالية، تطبيقا لتوجيهات رئيسي البلدين تبون وأردوغان، وهو ما يعزز معالم الحلف الإقليمي الذي بدأ يتشكل تدريجيا بين تركيا وقطر والجزائر.

وأكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف أن “علاقات بلاده مع تركيا تشهد زخما سياسيا واقتصاديا غير مسبوق، خاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ التعاون بين البلدين”.  

منذ اعتلاء الرئيس عبدالمجيد تبون كرسي قصر المرادية بالجزائر في 2019 سجلت الجزائر تقاربا كبيرا مع أنقرة والدوحة

وأضاف “العلاقات في امتداد مستمر لتشمل جميع مجالات الشراكة والتعاون والتي تحقق الفائدة للبلدين وللشعبين الشقيقين، وأن الجزائر وتركيا تقتربان من رفع مبادلاتهما التجارية إلى 10 مليارات دولار، تجسيدا للأهداف المسطرة من قبل رئيسي البلدين عبدالمجيد تبون ورجب طيب أردوغان”.

ولفت إلى أن بلاده أصبحت ثاني شريك تجاري لتركيا بتجارة بينية تفوق 5 مليارات دولار، كما أصبحت الجزائر الوجهة الأولى للاستثمارات التركية المباشرة بقيمة تفوق 6 مليارات دولار حاليا، وأن هذا الرقم يضع تركيا في مرتبة أول مستثمر أجنبي بالجزائر خارج قطاع المحروقات.

وتأمل الجزائر في توسيع الشركات التركية العاملة بالجزائر لنشاطاتها، والتي يبلغ عددها 1500 شركة وتساهم في توفير أكثر من 30 ألف فرصة عمل، الأمر الذي سيتجاوز كل من الاستثمارات الصينية والفرنسية اللتين كانتا تتنافسان على السوق الجزائرية، قبل أن تدخل تركيا على الخط خلال السنوات القليلة الماضية.

ومنذ اعتلاء الرئيس عبدالمجيد تبون قصر المرادية بالجزائر في ديسمبر 2019، سجلت الجزائر تقاربا كبيرا بين أنقرة والدوحة، حيث تتبادل البلدان الثلاثة الزيارات والمشاورات على مستوى عال، وينتظر إبرام قمة جديدة بين أردوغان وتبون بالجزائر خلال الأشهر القادمة.

وتوجهت الجزائر في السنوات الأخيرة إلى محوري أنقرة والدوحة، خلفا للمحاور التقليدية في العقيدة الدبلوماسية، حيث ظلت تحافظ على علاقات متوازنة مع دول الشرق الأوسط والخليج العربي تحديدا، قبل أن تقدم السلطة الجديدة على مراجعة خيارات البلد الإقليمية والقومية، وتدخل في مرحلة فتور مع عدة عواصم عربية آخرها أبوظبي الإماراتية.  

وأوضح أحمد عطاف أن “مجال الشراكة بين البلدين توسع إلى القطاعات الهامة كالحديد والصلب والنسيج والأشغال العمومية، التي حققت أهم النجاحات الثنائية، وأن الشراكة باتت تشمل الطاقة والطاقات المتجددة والمناجم والزراعة الصحراوية والصناعة الصيدلانية، إلى جانب الثقافة والتعليم العالي والصحة”.

وكشف المتحدث أن الطرفين بصدد التحضير لمشاريع اتفاقيات في قطاعات التجارة والاستثمار والطاقة والتعليم والثقافة، سيتم التوقيع عليها خلال الزيارة المرتقبة للرئيس أردوغان إلى الجزائر في مستقبل قريب جدا.

وذكر أن “لقاء الرئيس الجزائري بأخيه التركي سيتجدد قريبا على أرض الجزائر، بمناسبة الدورة الثانية لمجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين”.

التقارب اللافت بين البلدين، يتعدى التعاون والمصالح الاقتصادية والتجارية، إلى ملفات جيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط والساحل الصحراوي، حيث تراهن الجزائر على تحقيق حضورها في المنطقة عبر بوابتي أنقرة والدوحة، كبديل للفاعلين الآخرين الذين دخلت معهم في حقبة فتور، بينما تسجل توافقا مع تركيا في ملفات ليبيا والساحل الصحراوي، خاصة بعد الانقلاب العسكري في النيجر.  

وصرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بأن “العلاقات التركية – الجزائرية ارتقت إلى المستوى الإستراتيجي، وأن الرئيس رجب طيب أردوغان سيزور الجزائر خلال الأشهر المقبلة”.

سلمت الرسالة يد بيد
سلمت الرسالة يد بيد

وأضاف “الرؤية والإطار الإستراتيجي الذي برز في سياق الدبلوماسية والحوار والعمل المكثف الذي طرحه رئيسا البلدين رجب طيب أردوغان وعبدالمجيد تبون، شكّلا عنصرا مهما في تحديد شكل ومسار عمل وزيري خارجية البلدين”.

ولفت إلى أن “رئيسي البلدين كلفا وزيري الخارجية بإدارة وتنسيق مجموعات التخطيط المشتركة من أجل مأسسة التعاون بين البلدين بشكل أكبر، ونحن بدورنا عقدنا اجتماع مجموعة التخطيط المشتركة مع ممثلي وزاراتنا ومؤسساتنا في أنقرة”.

وكشف أنه “عقد اجتماعا مثمرا للغاية مع الوزير الجزائري، وأنهما استعرضا العمل بشكل متبادل في جميع مجالات شؤون الدولة والأعمال والحياة الاجتماعية، وأن لدينا جهودا كبيرة وإرادة لزيادة الاستثمارات التركية في الجزائر، كما تبدي السلطات الجزائرية كل أنواع التعاون في هذا الصدد، حيث إننا نعمل على افتتاح فرع لمصرف الزراعة التركي في الجزائر لتجاوز المشاكل المالية”.

وأبدى الوزير التركي رؤية تقترب من الموقف الجزائري بشأن التطورات التي تعرفها أفريقيا بسبب الانقلابات العسكرية المتنامية، الأمر الذي يعطي الانطباع بأن البلدين بإمكانهما بلورة موقف موحد تستفيد منه الجزائر في تجسيد مبادرتها السياسية في النيجر.

وصرح هاكان “سلسلة الانقلابات في أفريقيا تسببت للأسف في مشاهد لا نحبذ رؤيتها في القارة السمراء خلال السنوات الأخيرة، ونرى أن الأمر يعود إلى سببين: أولهما مرتبط ببروز أزمات متعلقة ببناء الدولة وإقامة النظام السياسي في عدد من الدول الأفريقية التي نالت استقلالها لاحقا في طريقها نحو التحول إلى الدولة القومية، وأن فشل مسار التنمية الاقتصادية وعدم القدرة على حل مشاكل البنى التحتية والفوقية، وظهور قضايا مثل مكافحة الإرهاب، جميعها عوامل مهدت للانقلابات في عدد من الدول الأفريقية”.

أما السبب الرئيسي الثاني فيتلخص في “التدخل الأجنبي، والأساليب المتبعة والأدوات المستخدمة لبعض القوى الإمبريالية في سياساتها تجاه الدول الأفريقية، وجراء هذين السببين الرئيسيين، تشتعل الأزمات السياسية في أفريقيا باستمرار”.

4