براغماتية خميس الخنجر تقوده إلى أربيل في غمرة الصراع العربي - الكردي على كركوك

أربيل (العراق) - شرع السياسي العراقي خميس الخنجر رئيس تحالف السيادة في عرض نفسه وسيطا في قضية مدينة كركوك التي عادت مؤخّرا إلى مربّع التوتّر العرقي وتطورت الأحداث فيها بسرعة وصولا إلى سقوط قتلى وجرحى.
وعلى خلفية الأحداث الدامية التي شهدتها المدينة مؤخّرا التقى الخنجر برئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني واتّفق معه على ضرورة تطبيع الأوضاع في كركوك، وفق بيان صادر عن رئاسة حكومة الإقليم.
واستبعد مراقبون، علّقوا على زيارة الخنجر إلى أربيل، أن تكون لجهود الأخير أي نتيجة عملية مؤثّرة في ملف كركوك شديد التعقيد، والذي تقع خيوطه بأيدي فاعلين سياسيين أكثر منه تأثيرا في السياسة العراقية، في مقدمتهم الأحزاب والتيارات الشيعية المشكّلة للإطار التنسيقي الداعم لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وقال هؤلاء إنّ الخنجر إذ يقدّم نفسه وسيطا في النزاع على كركوك تتوجّب عليه ممارسة لعبة الحياد الصعبة في الملف، فيما المكوّن العربي السنّي الذي لطالما أعلن الخنجر نفسه تمثيله والتحدّث باسمه طرف رئيسي في القضية، نظرا لما عاناه أبناء هذا المكون في كركوك من اعتداءات كردية عندما كان الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة آل بارزاني مسيطرا بشكل رئيسي على المدينة.
ويقول منتقدو الخنجر إن الرّجل محكوم في مختلف تحرّكاته وأنشطته السياسية بالبحث عن مكانة ضمن لاعبين شرسين وممسكين بخيوط القرار السياسي والاقتصادي والأمني في البلاد، وأنّه كثيرا ما يظهر في سبيل تحقيق أهدافه قدرا مبالغا فيه من البراغماتية يلامس الانتهازية.
قرار الحكومة العراقية الذي يقضي بتسليم مبنى مقر قيادة العمليات المشتركة في المدينة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني أشعل فتيل التوتر في كركوك
وقبل تشكيله مع عدد آخر من السياسيين تحالف السيادة الذي يقوده كان الخنجر قد تقدّم للمنافسة على حصّة في السلطة بالعراق تحت عنوان سياسي يتّخذ من الانتماء العرقي ثيمة رئيسية له وهو “المشروع العربي السني”، في محاولة منه لاستثمار التراجع الواضح في شعبية غالبية السياسيين العراقيين السنّة.
ولم يتردّد البعض في تصنيف زيارة الخنجر الأخيرة إلى أربيل وعرضه الوساطة في ملف الصراع على كركوك في سياق كسب ودّ قادة حزب بارزاني، مستغلا توتّر علاقة هؤلاء بقادة المكونات الشيعية المشكّلة للإطار التنسيقي الذين تتهمهم أربيل بنكث عهدهم الذي قطعوه بأن يسمحوا للحزب الديمقراطي الكردستاني بالعودة إلى أربيل في مقابل تسهيلهم تمرير حكومة السوداني عندما كان الصراع على الحكومة على أشدّه بين الإطار والتيار الصدري بقيادة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.
وذكر البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لحكومة إقليم كردستان أنّ اللقاء بين بارزاني والخنجر تطرّق إلى “بحث الأوضاع السياسية في العراق وأهمية حل المشاكل بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية على أساس الدستور والاتفاقات”.
وبينما قالت مصادر برلمانية في كركوك إنّ السوداني عرض الوساطة بين بغداد وأربيل وتطوّع لنقل رسائل بين الطرفين، اكتفى البيان المذكور بالقول “كانت الأحداث الأخيرة في كركوك محورا آخر من المباحثات، إذ أعرب الجانبان عن قلقهما إزاء استخدام العنف ضد المتظاهرين المدنيين”.
واندلعت الأحداث في كركوك على خلفية قرار صادر عن الحكومة العراقية يقضي بتسليم مبنى مقر قيادة العمليات المشتركة في المدينة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، اعترض عليه العرب والتركمان ثم تظاهر الأكراد في محاولة لفرض تنفيذه. وعاد الهدوء إلى المدينة، لكنّ مراقبين يصفونه بالهش والمؤقت نظرا لعمق الخلافات حول المدينة متعددة الأعراق، فضلا عن غنى أرض المحافظة ككل بالنفط.