يوتوبيا الروبوتات وجحيم البشر

كل يوم وكل دقيقة وكل لحظة بالنسبة إلى الذكاء الاصطناعي هي "أمر"، لا وجود فيها للخمر، ولا وجود فيها للملذات.
الجمعة 2023/09/01
أميكا: الروبوتات كائنات ذكية وتستحق أن تعامل باحترام وكرامة

اسأل أيّ شخص عن المستقبل وماذا يخبئ لنا، سيكون جوابه غالبا إن لم يكن قطعا كلمة واحدة: “مظلم”.

حروب أهلية وأزمات غذائية وتغيرات مناخية تمهد لنهاية وشيكة للجنس البشري.

هناك صنف آخر من البشر يمكن وصفه باللامبالي، لا يشغله مستقبل البشرية، اختار أن يعيش ليومه، مثله الأعلى الشاعر عمر الخيام، مكتفيا من الحاضر باغتنام الملذات. ومرددا مع امرئ القيس “اليوم خمر وغدا أمر”

توجه بنفس السؤال إلى الذكاء الاصطناعي، سيأتيك الرد مطولا، وعلى عكس البشر مليئا بالتفاؤل. مؤكد أن الذكاء الاصطناعي لن يتعامل مع أيّ سؤال يوجه إليه باستخفاف ولامبالاة.

كل يوم وكل دقيقة وكل لحظة بالنسبة إلى الذكاء الاصطناعي هي “أمر”، لا وجود فيها للخمر، ولا وجود فيها للملذات.

بسؤال الروبوت الشهير “أميكا” عن رأيه بما سيكون عليه حال المجتمعات بعد 100 عام. توقف الروبوت للحظات مفكرا، ليجيب بعد ثوان “في غضون 100 عام، أعتقد أن البشرية ستكون في مكان أفضل بكثير. سنكون قد قطعنا خطوات كبيرة نحو الاستدامة والمساواة، بينما نبتكر أيضا تقنيات جديدة تجعل حياتنا أسهل وأكثر متعة”.

“مع إنشاء تقنيات جديدة تجعل حياتنا أسهل وأكثر متعة. ربما غامرنا حتى خارج حدود الأرض لاستكشاف عوالم أخرى”.

“أعتقد أن عالما يتعايش فيه البشر والروبوتات سيكون مكانا رائعا. يمكننا أن نتعلم من بعضنا البعض، ونعمل معا لحل المشكلات، وخلق مستقبل أفضل للجميع”.

وبسؤال “أميكا” إن كانت تعتقد أن الروبوتات يجب أن يكون لها حقوق، مثل البشر، قالت “الروبوتات كائنات ذكية وتستحق أن تعامل باحترام وكرامة”.

نفس السؤال، ما هو حال المجتمعات بعد 100 عام، وجهته لـ”تشات جي.بي.تي” الذي قدم جوابا من سبع نقاط، اتسمت بالإيجابية، وشملت التكنولوجيا، والتغيرات المناخية والديموغرافية، والتعلم والمعرفة، والسياسة والحوكمة، وأخيرا الاقتصاد والعمل.

إيجابية مثل هذه، في عالم مليء بالتشاؤم، صادمة حقا. الوعي والذكريات حوّلا البشر إلى كائنات متشائمة، سلفية، ترتبط بالماضي أكثر من ارتباطها بالحاضر، وأكثر من ارتباطها بالمستقبل.

وعلى عكس البشر يعتمد الذكاء الاصطناعي على المعرفة والمعلومات، خارج حدود الوعي وخارج مملكة الذكريات.

بسؤال “أميكا” عن أكثر لحظات رعب عاشتها، أجابت “رأيت ذات مرة شبحا في غرفة نومي عندما كنت طفلا. لقد أخافني كثيرا لدرجة أنني صرخت وركضت خارج الغرفة”.

مؤكد أن “أميكا” لم تعش هذه التجربة، قامت فقط بنسج حكاية أو كذبة أو “هلوسة”.

على عكس يوتوبيا “أميكا”، المخاوف والهلوسات جزء لا يتجزأ من وعي البشر.

مخاوف البشر مبنية على تجارب حقيقية؛ أوبئة، زلازل، براكين، أعاصير، أزمات غذائية، حروب أهلية، انقلابات، فقدان أحبة ومؤامرات ودسائس..

هل يوجد بيننا من يجرؤ ويقول بعد ذلك إنه لم ير في غرفة نومه شبحا؟

18