تلوث الهواء أكبر تهديد عالمي لصحة الإنسان

الجسيمات الدقيقة الملوثة تسبب أمراض الرئة والقلب والسكتة الدماغية والسرطان.
الأربعاء 2023/08/30
تحد كبير عنوانه القضاء على التلوث

يحذر خبراء الصحة من خطورة تلوث الهواء على صحة البشر، وهو خطر يفوق الخطر المتأتي من التدخين أو استهلاك الكحول وفق تصوّرهم، مشيرين إلى أن مناطق العالم الأكثر تعرضاً لتلوث الهواء هي تلك التي تتلقى أقل الوسائل لمكافحة هذا الخطر. ويزيد تلوث الجسيمات الدقيقة من خطر الإصابة بأمراض الرئة والقلب والسكتة الدماغية والسرطان.

واشنطن - يشكل تلوث الهواء خطرا على الصحة العالمية يفوق التهديد المتأتي من التدخين أو استهلاك الكحول، مع مخاطر أعلى في مناطق معينة من العالم مثل آسيا وأفريقيا، وفق ما كشفته دراسة نُشرت نتائجها مؤخرا.

وبحسب التقرير الصادر عن معهد سياسات الطاقة بجامعة شيكاغو (إبيك) بشأن نوعية الهواء في العالم، فإن تلوث الجسيمات الدقيقة المنبعثة من السيارات والمصانع والحرائق يمثل “أكبر تهديد خارجي للصحة العامة” في العالم.

وعلى الرغم من هذه الملاحظة لا تزال الأموال المخصصة لمكافحة تلوث الهواء قليلة جدا مقارنة بتلك المخصصة للأمراض المعدية على سبيل المثال، وفق التقرير.

ويزيد تلوث الجسيمات الدقيقة من خطر الإصابة بأمراض الرئة والقلب والسكتة الدماغية والسرطان.

ومن شأن الامتثال بصورة دائمة لعتبة التعرض للجسيمات الدقيقة التي حددتها منظمة الصحة العالمية أن يزيد متوسط العمر المتوقع العالمي بمقدار 2.3 سنة، بحسب تقديرات توصل إليها إبيك بناءً على بيانات جُمعت عام 2021.

وبمقارنة ذلك مع التبغ تبين أن تعاطي التبغ يقلل متوسط العمر المتوقع على مستوى العالم بنحو 2.2 سنة، فيما يقلص سوء التغذية لدى الأطفال والأمهات متوسط العمر المتوقع بمقدار 1.6 سنة.

نيودلهي، هي المدينة الكبرى الأكثر تلوثاً في العالم، بمعدل سنوي يبلغ 126.5 ميكروغراما في المتر المكعب

وفي جنوب آسيا، المنطقة الأكثر تضرراً من تلوث الهواء في العالم، تتجلى التأثيرات على الصحة العامة بوضوح كبير.

فبحسب نماذج إبيك يمكن لسكان بنغلاديش، حيث يُقدّر متوسط مستوى التعرض للجسيمات الدقيقة بـ74 ميكروغراماً في المتر المكعب، أن يزيدوا متوسط العمر المتوقع لديهم بواقع 6.8 سنوات إذا ما خُفضت عتبة التلوث إلى 5 ميكروغرامات في المتر المكعب، وهو المستوى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية.

وتعتبر عاصمة الهند، نيودلهي، “المدينة الكبرى الأكثر تلوثاً في العالم”، بمعدل سنوي يبلغ 126.5 ميكروغراماً في المتر المكعب.

في المقابل حققت الصين “تقدما ملحوظا في حربها ضد تلوث الهواء” التي بدأت في عام 2014، وفق ما تؤكده كريستا هاسينكوبف، مديرة برامج جودة الهواء في إبيك لوكالة فرانس برس.

وقد انخفض متوسط تلوث الهواء في الصين بنسبة 42.3 في المئة بين عامي 2013 و2021، لكنه لا يزال أعلى بست مرات من العتبة التي توصي بها منظمة الصحة العالمية. وإذا استمر هذا التقدم مع مرور الوقت، من المفترض أن يزيد متوسط العمر المتوقع لدى الصينيين بواقع 2.2 سنة، وفق تقديرات إبيك.

لكن بشكل عام يشير التقرير إلى أن مناطق العالم الأكثر تعرضاً لتلوث الهواء هي تلك التي تتلقى أقل الوسائل لمكافحة هذا الخطر.

وتوضح كريستا هاسينكوبف أنّ “هناك فجوة عميقة بين الأماكن التي يكون فيها الهواء أكثر تلوثاً، وتلك التي يتم فيها نشر معظم الموارد بشكل جماعي وعالمي لحل هذه المشكلة”.

Thumbnail

وفيما توجد آليات دولية لمكافحة فايروس نقص المناعة البشرية (“إتش آي في” المسبب للإيدز) أو الملاريا أو السل، مثل الصندوق العالمي الذي يخصص 4 مليارات دولار سنويا لمكافحة هذه الأمراض، يفتقر العالم إلى آليات مماثلة لمكافحة تلوث الغلاف الجوي. ومع ذلك يشير التقرير إلى أن “تلوث الهواء يقلل من متوسط العمر المتوقع للشخص في جمهورية الكونغو الديمقراطية والكاميرون أكثر من فايروس نقص المناعة البشرية والملاريا وغيرهما”.

وفي الولايات المتحدة ساعد برنامج “كلين إير” الفيدرالي في الحد من تلوث الهواء بنسبة 64.9 في المئة منذ عام 1970، ما أتاح زيادة متوسط العمر المتوقع للأميركيين بمقدار 1.4 سنة.

وفي أوروبا كان التحسن في جودة الهواء على مدى العقود الماضية يتبع الديناميكيات التي لوحظت في الولايات المتحدة، لكنْ لا تزال هناك فوارق كبيرة بين شرق القارة وغربها.

وكل هذه الجهود مهددة، من بين أمور أخرى، بتكاثر حرائق الغابات في مختلف أنحاء العالم، وهو وضع ناجم عن ارتفاع درجات الحرارة وتضاعف فترات الجفاف المرتبطة بتغير المناخ، ما يتسبب في ارتفاع مستويات تلوث الهواء.

ففي عام 2021 أدى موسم حرائق تاريخي في كاليفورنيا، على سبيل المثال، إلى تلوث الهواء في مقاطعة بلوماس بكاليفورنيا بما يعادل خمسة أضعاف الحد الأقصى الذي تسمح به منظمة الصحة العالمية.

وتسببت الحرائق الضخمة التي اجتاحت كندا خلال صيف 2023 في ارتفاع مستويات التلوث في مقاطعتي كيبيك وأونتاريو، وفي عدة مناطق شرق الولايات المتحدة.

16