تونس تطمح إلى تحقيق سياسة صفر نفايات

تونس - موجات حر متزايدة مرفوقة بدرجات حرارة تفوق الأربعين، وتصل في بعض المناطق إلى 50 درجة مئوية، أصبحت ظاهرة مألوفة خلال السنوات الثلاث الأخيرة في تونس.
جفاف غير مسبوق يعرض الأمن الغذائي للبلاد إلى الخطر، حرائق تهدد أكثر المناطق أشجارا واخضرارا، واحتياطيات مائية تتهاوى إلى أدنى مستوياتها.. وتعتبر تونس في طليعة البلدان المعرضة لعواقب التغيرات المناخية، وموقعها في منطقة البحر الأبيض المتوسط يجعلها في قلب إحدى “النقاط الساخنة” على الكوكب، وهو مصطلح يُراد به الأماكن الأكثر تضررا من الاحترار المتسارع، حيث تشهد درجات الحرارة في منطقة المتوسط ارتفاعا أسرع بنسبة 20 في المئة من بقية أنحاء العالم.
لعدة سنوات، جاءت تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (GIEC) واضحة وضوح الشمس: التغير المناخي متسارع ومتصاعد بمعدل لم يسبق له مثيل. ولا جدال الآن في كون الأنشطة البشرية هي أصل هذا الاختلال المتسبّب في أحداث مناخية متطرفة أكثر تواترا وحدّة، بدءا من موجات الحر وهطول الأمطار الفيضانية إلى الجفاف وغير ذلك.
وتولي الحكومة التونسية اليوم رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، عناية خاصة بقضايا البيئة، وهو ما أكدته على لسان وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي حول وجود حلول لمختلف المسائل البيئية بكامل الجمهورية منها حلول كبرى كالاقتصاد الدائري الذي هو الحل للخروج من بعض الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، خاصة مع تطور التشريعات وصدور القانون الاقتصادي الاجتماعي والتضامني والشركات الأهلية وذلك خلال إشرافها خلال الأسبوع الماضي بمقر ولاية المنستير على اليوم الجهوي للبيئة.
وركزت الوزيرة على أهمية إعادة التدوير، وبيّنت أنّ ما بين 40 و60 في المئة من الطرقات المنجزة في أوروبا هي من المواد التي أعيد تدويرها من النفايات، وأنّ الوزارة لديها مشروع لتجميع الفضلات يمتد على ثلاث سنوات وهي بصدد التنسيق مع الولايات لتوفير مواقع لتجميع نفايات البناء، وإحداث مراكز لإعادة تدوير النفايات العضوية علاوة على مشروع مع وزارة التجهيز والإسكان لإنجاز طريق عمومي يربط بين بن عروس والزهراء خلال سبتمبر وأكتوبر 2023 من مواد أعيد تدويرها، بما من شأنه خلق مواطن شغل وحل المسألة البيئية.
وأوضحت الوزيرة أنّ الاشتغال على البيئة فيه خدمة لبقية القطاعات وأن الوزارة تعمل بالتعاون مع كل الأطراف على تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي التي تتضمن 53 إجراء في خمسة محاور كبرى متعلقة بالحوكمة والتمويل، والتغيرات المناخية والتنوع البيولوجي والحد من التصحر، والحد من التلوث بكامل أنواعه، والمحافظة على التربة.
وبرمجت الوزارة جلسات وورشات في كامل الجمهورية تنطلق بداية من الخريف المقبل للتعريف بهذه الإستراتيجية إذ “هناك عدّة تحديات والحلول موجودة ولا بد من الاشتغال عليها مع بعض”، كما أكدت الوزيرة.
ويندرج السير الدائري للنفايات عامة بمختلف أنواعها المنزلية والصلبة والصناعية ضمن الإستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي التي بصدد التطبيق من قبل وزارة البيئة بالتدرج مع مختلف الوزارات.
وينبني الاقتصاد الدائري على محاور متعلقة بصفر نفايات وتقليص كمية النفايات وإعادة استعمالها والتسميد، إذ أنّ 60 إلى 80 في المئة من الفضلات المنزلية هي عضوية وهي ثروة. وأفادت الوزيرة أنّ هناك مقترحا لإصدار منشور مشترك مع وزارات أخرى لمقاومة البلاستيك والحد من التلوث ضمن الاقتصاد الدائري.