الجزائر تدفع نحو ضمان مقعد في بريكس في قمة جوهانسبرغ

اقتصاد البلاد وحسابات التكتل يقفان عائقا أمام انضمام الجزائر إليه.
الثلاثاء 2023/08/22
قمة تراقبها الجزائر

تأمل الجزائر في أن تضمن مقعدا لها في بريكس خلال القمة التي تنطلق الثلاثاء، في جنوب أفريقيا، لكن المحللين يؤكدون أن هذه الخطوة قد تتأجل لعدة اعتبارات منها طبيعة الاقتصاد الجزائري رغم توجهها الفعلي نحو تنويع الشركاء وجهودها المستمرة لتحسين وضعها.

الجزائر - تركز الجزائر هذه الفترة كل اهتمامها على الانضمام إلى مجموعة بريكس أو ضمان وعد بالانضمام إليها في أقرب الآجال، حيث ألقت بكل ثقلها السياسي والدبلوماسي خلال الأسابيع الأخيرة لتعزيز موقف الجزائر الراغبة بدورها في توسيع نفوذها في المنطقة من خلال ضمان مقعد لها ضمن مجموعة بريكس.

وتتزامن التحركات الجزائرية مع قمة لقادة المجموعة وهي تكتل سياسي واقتصادي تأسس عام 2009 ويضم كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، في مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا التي تنعقد بين الثاني والعشرين والرابع والعشرين من أغسطس الجاري، وقد تشهد الإعلان عن ضم أعضاء جدد، لكن دون الكشف عن المعايير الحقيقية لقبول دول جديدة.

ويشارك وفد جزائري برئاسة وزير المالية لعزيز فايد، في اجتماعات القمة. ونقلت الإذاعة الرسمية عن فايد قوله إنه سيشارك في الدورة الـ15 لاجتماعات مجموعة بريكس كممثل لرئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون.

وذكر أن “مشاركة الجزائر في المنتدى، دليل على مدى اهتمام الدولة في التفكير بتعزيز التعددية العادلة والمنصفة لإصلاح الحوكمة العالمية”.

وتترقب دول عربية أخرى انعقاد القمة لبحث طلبات انضمامها إلى بريكس، التي تسعى إلى كسر هيمنة الغرب، وبحسب ما أعلنته جنوب أفريقيا قدمت 23 دولة طلبات رسمية للانضمام إلى المجموعة، بينها مصر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت والمغرب وفلسطين.

وقال وزير الخارجية الهندي فيناي كواترا الاثنين إن الهند لديها “نوايا إيجابية وعقل منفتح” في ما يتعلق بتوسيع مجموعة دول بريكس. وأضاف “لا نريد الحكم مسبقا على نتيجة المناقشات حول توسيع بريكس”.

دعم للجزائر

توفيق بوقاعدة: الانضمام قد يتأجل لأسباب من بينها الاقتصاد الجزائري
توفيق بوقاعدة: الانضمام قد يتأجل لأسباب من بينها الاقتصاد الجزائري

قبل نحو أسبوعين، قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في مقابلة مع وسائل إعلام محلية، إن “الصين وباقي الدول الفاعلة في مجموعة بريكس، على غرار روسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل، تدعم انضمام الجزائر إلى هذا القطب الجديد”.

لكن تبون لم يجزم بأن انضمام بلاده إلى التكتل سيكون خلال القمة القادمة، مشيرا إلى أن أول خطوة قد تكون قبولها كعضو مراقب.

ويعتبر مراقبون بريكس بمثابة منظمة موازية لمجموعة السبع الكبار التي تقودها الولايات المتحدة وتضم كلا من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان.

وللمرة الأولى، أعلن تبون في صيف 2022 اهتمام بلاده بالانضمام إلى بريكس، ونهاية العام نفسه قالت المبعوثة الخاصة المكلفة بالشراكات الدولية الكبرى بوزارة الخارجية الجزائرية ليلى زروقي إن بلادها قدمت طلبا رسميا بهذا الشأن.

وعقب هذه الخطوة، صدرت تصريحات من كل من الصين وروسيا وجنوب أفريقيا ترحب بمساعي الجزائر للانضمام إلى التكتل.

والترشح للانضمام إلى بريكس كان أهم ملف في حقيبة الرئيس تبون خلال زيارتين أجراهما إلى روسيا والصين في يونيو ويوليو الماضيين.

وفي البلدين، صدرت بيانات مشتركة تؤكد تناول ملف بريكس ضمن المباحثات ودعم الدولتين لملف ترشح الجزائر.

قبل أيام على قمة جوهانسبرغ، استقبل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف سفراء الدول الأعضاء في بريكس لدى الجزائر وذلك بتكليف من تبون

وخلال زيارته إلى الصين منتصف يوليو الماضي، أعلن تبون أن بلاده راسلت مديرة بنك بريكس للدخول كمساهم في البنك بمليار ونصف مليار دولار.

وكشف تبون خلال لقائه الأخير بوسائل الإعلام، أن الجزائر اشترت أسهما في البنك قائلا “نحن مشاركون في رأس مال البنك حتى بحالة عدم انضمامنا إلى بريكس”.

وقبل أيام على قمة جوهانسبرغ، استقبل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في الثالث عشر من أغسطس سفراء الدول الأعضاء في بريكس لدى الجزائر، وذلك بتكليف من تبون، بحسب بيان للخارجية.

ووفقا للخارجية، “تم تسليط الضوء على مقومات هذا الترشح الجزائري للمجموعة الذي يستند على إرادة سياسية قوية من لدن رئيس الجمهورية، ويستمد خصوصيته من المبادئ والقيم والمراجع التي ترتكز عليها السياسة الخارجية لبلادنا، وهي التي ما فتئت ترافع من أجل قيام نظام دولي متعدد الأقطاب وتعمل في سبيل تفعيل العمل الدولي متعدد الأطراف ودمقرطة العلاقات الدولية”.

ونقل البيان عن عطاف تأكيده للسفراء أن الجزائر تطمح إلى تقديم مساهمة نوعية في نشاط التكتل، بما يخدم أهداف السلم والأمن والتنمية والرخاء إقليميا ودوليا.

عائق اقتصادي

Thumbnail

المحلل السياسي توفيق بوقاعدة أعرب عن اعتقاده بأن انضمام الجزائر إلى بريكس قد يتأجل خلال القمة المقبلة لأسباب يرتبط بعضها بالتكتل ذاته، ويتعلق البعض الآخر بطبيعة ونمط الاقتصاد الجزائري.

وأوضح بوقاعدة، وهو أستاذ في كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر الحكومية، أن “إلى حد الآن لم تتضح صورة وآليات توسعة التكتل، وهل يُقدم فعلا على ضم دول جديدة أم يتم إرجاء ذلك إلى وقت آخر يتميز باستقرار دولي أكثر حتى لا تتم إثارة حساسية قوى غربية من وراء توسعة المجموعة”.

قوي بوحنية: انضمام الجزائر إلى تكتل بريكس مسألة وقت
قوي بوحنية: انضمام الجزائر إلى تكتل بريكس مسألة وقت

أما الأسباب المتعلقة بطبيعة ونمط الاقتصاد الجزائري، فقال إنه “لا يتوفر إلى حد الآن على أهم 3 عوامل أساسية تفكر المنظمة في إدراجها كشروط أساسية للانضمام بحسب أغلب المتابعين، وهي تنوع الاقتصاد وقيمة الناتج المحلي الإجمالي وعدد السكان”.

وتابع أن تبون أدلى مؤخرا بتصريحات حملت تلميحات بأن الجزائر لا يمكنها أن تكون عضوا كامل الصلاحيات في الاجتماع المقبل للمنظمة، لكنها تأمل بأن تُقبل كعضو مراقب يشارك أيضا في بنك التنمية الجديد (تابع للتكتل).

بوقاعدة علق على هذا التصريح بقوله “بالتالي تحاول الجزائر الاقتراب أكثر من المجموعة من خلال العمل على إصلاح الوضع الاقتصادي وتعزيزه وتنويعه مع العديد من الشركاء”.

واعتبر أن انضمام بلاده إلى هذا التكتل “سيكون بكل تأكيد مكسبا لها لتعزيز مكانتها كقوة إقليمية في المنطقة”، والدخول في شراكات جديدة وتنويع مصادر الاستثمارات من دول المجموعة والحصول على امتيازات تمويلية من بنك بريكس.

وفي حال عدم انضمامها هذه المرة، كما أضاف بوقاعدة، فإن الجزائر تعمل بشكل مستمر على تحسين وضعها الاقتصادي، وعدم الانضمام لا يعني النهاية، بل السعي إلى تعزيز قوتها أكثر.

أما المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة ورقلة الحكومية (جنوب) قوي بوحنية، فقال إن انضمام الجزائر إلى بريكس إنما هو “مسألة وقت”.

وأردف أن “كل مقومات الانضمام إلى التكتل متوفرة من خلال امتلاك الجزائر مقدرات اقتصادية بإنتاج نفطي وغازي وطاقات جديدة وبديلة، وتعد عضوا فاعلا في تحالف أوبك+”.

كما أن “لدى الجزائر إمكانيات في مجال توظيف قدرات بناء الأمن والاستقرار، ودوما تقدم المقاربة المرتبطة بتصدير الأمن والاستقرار في القارة الأفريقية”، بحسب بوحنية.

واستطرد “الجزائر تمتلك قدرات أكبر مقارنة بكل دول الشمال الأفريقي وأيضا الدول الأفريقية، فضلا عن كونها قوة اقتصادية وعسكرية، والآن دخلت مرحلة إعادة صياغة وبناء منظومة جديدة لتنويع الموارد والشركاء الاقتصاديين”.

وأضاف “هناك نقطة مهمة أيضا، وهي أن الجزائر تمتلك قرارها السيادي خلافا للكثير من الدول الأفريقية المرتهنة سياسيا واقتصاديا من دول مستعمرة سابقة.. كل هذه مؤشرات إيجابية تجعل من الانضمام إلى بريكس مسألة وقت”.

وختم بأن “على الأرجح سيتم في القمة المقبلة البت في قبول عضوية الجزائر في بريكس بشكل نهائي، أو على الأقل وضع ملف الجزائر للدراسة من أجل الشروع في ترتيبات الانضمام، وهذا ما هو متوقع”.

7