الشركات الصغيرة في تونس تشكو تأخر صرف مخصصات التمويل الخارجي

رواد الأعمال يواجهون صعوبات تمويلية كثيرة رغم الحوافز التي توفرها الحكومة التونسية.
الجمعة 2023/08/18
لا معنى للمؤهلات بلا مال

تونس - تشكو الشركات الصغيرة في تونس من تأخر السلطات في صرف مخصصات التمويلات الخارجية المعتمدة لهذه المشاريع من أجل وضع قدم للخروج من نفق المشاكل، والتي جرّت الكثير منها بفعل الأزمة الاقتصادية الراهنة إلى الإفلاس.

وأكدت منظمة حاضنة للمشاريع الصغيرة أن التمويلات التي تلقتها الدولة من شركائها والمانحين الدوليين لمساعدة هذه المؤسسات، لم يتم تحويلها إلى مستحقيها، في وقت تعاني فيه من آثار أزمة اقتصادية عميقة تجتاح البلاد.

وقال رئيس المنظمة الوطنية لرواد الأعمال ياسين قويعة إن “أموالا ضخمة متأتية من الجهات المانحة وصندوق النقد الدولي والدول الصديقة لإنعاش الاقتصاد ومساعدة المشاريع الصغيرة، لم يتم تحويلها إلى الجهات المعنية حتى اليوم”.

وطالبت المنظمة، في مؤتمر خصص لإطلاق حاضنة للمشاريع الصغرى مساء الأربعاء الماضي، بالتحقيق في مصير هذه الأموال.

ياسين قويعة: قد تكون الدولة استخدمت الأموال لسداد أجور الموظفين
ياسين قويعة: قد تكون الدولة استخدمت الأموال لسداد أجور الموظفين

وكان يفترض أن يتم ضخ هذه الأموال لدعم القطاع الخاص. وعبر قويعة عن مخاوف من أن تكون السلطات استخدمت هذه التمويلات لسداد أجور موظفي القطاع العام، في ظل شح السيولة بخزينة الدولة.

ويتفق اقتصاديون محليون على أن رواد الأعمال يواجهون صعوبات تمويلية كثيرة في سبيل دخولهم السوق، رغم الحوافز المتنوعة التي وفرتها الحكومة لتشجيعهم على إطلاق مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة والناشئة.

وعانت هذه النوعية من المشاريع منذ سنوات، وخاصة منذ العام 2015، من عدم القدرة الكافية على الحصول على التمويل.

ووفق بيانات لأنشطة الأعمال نشرها البنك الدولي قبل أشهر، فإن نسبة الشركات التونسية التي تعتبر التمويل عقبة رئيسية ارتفعت من نحو 22 في المئة إلى 44 في المئة خلال سبع سنوات، ويعود ذلك بشكل جزئي إلى نقص السيولة طويلة الأجل في القطاع المصرفي.

وكانت هذه المؤسسة الدولية المانحة قد قدمت في فبراير الماضي دعما لتنمية نشاط المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تونس في سياق سياسة الإصلاح، بهدف تحسين مناخ الأعمال وتعزيز مؤشرات النمو وإبعاد الشركات أكثر عن الأزمات التي تورطت فيها.

ووافق على قرض لتونس بقيمة 120 مليون دولار لتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من الحصول على تمويل.

وينقسم قرض البنك إلى خطي ائتمان، حيث سيُستخدم التسهيل الأول، البالغ نحو 24.5 مليون دولار، لإعادة جدولة القروض الحالية المستحقة على الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى آجال أطول بغرض تخفيف أعباء ديونها.

أما الخط الائتماني الثاني، وهو بقيمة نحو 93.5 مليون دولار فسيمنح قروضا جديدة طويلة الأجل للشركات، التي تتمتع بمقومات الاستمرار، في حين تمّ تخصيص 1.5 مليون دولار لمساندة تنفيذ المشروع ومتابعته وتقييمه.

ولا تتوفر معلومات دقيقة بشأن حجم التمويلات، التي تلقتها تونس من شركائها والمانحين لدعم اقتصادها منذ العام 2011.

ولكن رئيس المفوضية الأوروبية السابق جون كلود يونكر صرح في عام 2018 بأن حجم تمويلات الاتحاد الأوروبي وحده منذ 2011 وحتى ذلك العام بلغ 10 مليارات يورو.

وكان الرئيس قيس سعيد طلب من الحكومة في 2021 بإجراء جرد لمصير القروض والهبات الخارجية التي تلقتها تونس منذ العام 2011.

وقال قويعة “أموال طائلة أخذتها تونس ولو تم وضعها في مكانها لما وصلنا إلى هذه الوضعية”.

الرئيس التونسي قيس سعيد طالب الحكومة في 2021 بإجراء جرد لمصير القروض والهبات الخارجية التي تلقتها تونس

وتؤكد التقديرات الرسمية أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تشكل أكثر من 90 في المئة من قطاع الأعمال بالبلاد، ما يعني أنها تشكل العمود الفقري للأنشطة التجارية والصناعية وكل المجالات المرتبطة بها.

وهناك ما يربو عن 3800 مؤسسة أعلنت إفلاسها خلال عامي 2021 و2022، بحسب بيانات لمعهد الإحصاء الحكومي تعود إلى العام الماضي، ويرتفع هذا العدد إلى 140 ألف مؤسسة توقفت عن النشاط فعليا منذ اندلاع الأزمة في البلاد قبل 12 عاما.

ووفق الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، فإن أكثر من 92 في المئة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تواجه خطر الإفلاس بسبب مشاكل مالية متراكمة وآثار الأزمة الاقتصادية وفترة تفشي وباء كورونا.

وتواجه الحكومة ضغوطا كبيرة من أوساط الأعمال، وخاصة الشباب، التي تطالب بالحصول على حوافز أكبر لإنقاذ القطاع من الركود جراء ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف القدرة التنافسية، الأمر الذي فاقم خسائر الشركات في السنوات الأخيرة.

ويترقب كثيرون انعكاس الإجراءات الحكومية على القطاع في ظل تأكيدهم أنه يسهم برفع وتعزيز حصة المنتجات المحلية في السوق المحلية، ويساعد على استدامة مشاريعهم، إضافة إلى مكافحة مشكلتي البطالة والفقر اللتين تشكلان صداعا مزمنا للسلطات.

10