لبنان يتطلع إلى ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل

الناقورة (لبنان) - أعلن الجيش اللبناني، الثلاثاء، أن بلاده "لا تعترف بالخط الأزرق الموجود داخل مزارع شبعا المحتلة إسرائيليا" الذي سبق أن حددته الأمم المتحدة جنوب البلاد، مؤكدا أنه ليس خط ترسيم أو تثبيت للحدود.
وتشير تصريحات الجنرال منير شحادة، منسق الحكومة اللبنانية مع قوات حفظ السلام الدولية "يونيفيل" خلال جولة ميدانية على طول الخط الأزرق، إلى رغبة بيروت في ترسيم الحدود البرية، بعدما عاد الملف إلى الواجهة خلال الفترة الأخيرة ربطا بالأحداث التي وقعت جنوبا، سواء على خلفية خيمة "حزب الله" في مزارع شبعا المحتلة أو السياج الذي ضمّت من خلاله تل أبيب الشطر اللبناني من قرية الغجر.
والجولة تنظمها قيادة الجيش اللبناني لممثلي الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي المعتمدين لدى بيروت على طول "الخط الأزرق" (خط حدودي وهمي مع إسرائيل)، يتخللها شرح وعرض تفاصيل حول الخط ونقاط الخلاف المتعلقة به مع تل أبيب.
وقال شحادة في تصريح صحافي إن "الهدف من الجولة إطلاع السفراء والمجتمع الدولي على 13 منطقة حدودية مع فلسطين المحتلة مختلف عليها مع إسرائيل قبل التجديد لقوات يونيفيل في 31 أغسطس الحالي في مجلس الأمن الدولي".
وفي أغسطس 2006، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1701 انتهت بموجبه معارك استمرت 33 يوما بين القوات الإسرائيلية و"حزب الله" فيما عرف بـ"حرب تموز" على لبنان، ونص على نشر 15 ألف جندي لقوات حفظ السلام الدولية "يونيفيل" على الحدود المشتركة.
وشدّد شحادة على أن "الخط الأزرق هو خط انسحاب وليس ترسيم أو تثبيت حدود، ويريد لبنان إظهار حدوده الجنوبية مع فلسطين المحتلة" لافتا إلى أن "لبنان لا يعترف بالخط الأزرق الموجود داخل مزارع شبعة المحتلة إسرائيليا والموضوع (المحدد) بواسطة الأمم المتحدة".
و"الخط الأزرق" هو الخط الفاصل الذي رسمته الأمم المتحدة بين لبنان من جهة وإسرائيل وهضبة الجولان المحتلة من جهة أخرى في 7 يونيو 2000، ولا يعد الخط حدودا دولية لكنه أنشئ بهدف "التحقق من الانسحاب الإسرائيلي من لبنان".
وأوضح شحادة أن "حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة تبدأ في (بلدة) الناقورة جنوب غرب وتنتهي في (نهر) الوزاني جنوب شرق".
وذكر أن لبنان "أرسل طلبا إلى الأمم المتحدة لحذف مصطلح ترسيم أو تثبيت حدود واستبداله بمصطلح: لبنان يريد إظهار حدوده مع فلسطين المحتلة وبالتالي مع العدو الإسرائيلي".
وأفاد شحادة بأن "الجيش اللبناني لا يرافق معظم دوريات قوات يونيفيل بسبب الوضع الاقتصادي للجيش، ولكنه هو على علم بها قبل خروجها من مراكز يونيفيل".
ورافق الجيش اللبناني في هذه الجولة التي كانت محطتها الأولى في نقطة "نفق رأس الناقورة B1" البعثات الدبلوماسية الدائمة بمجلس الأمن لدى بيروت، والملحقين العسكريين في سفاراتهم (فرنسا وبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة والصين).
وأضاف شحادة "رغم أنهم (إسرائيل) يعلمون بجولتنا هذه مع البعثات الدبلوماسية إلا أنهم خرقوا اليوم المياه الإقليمية في لبنان عبر زوارق عسكرية".
وأفادت قناة الميادين المقربة من حزب بأن الجيش اللبناني استنفر قواته البحرية الثلاثاء في مقابل الزوارق الإسرائيلية المنتهكة للسيادة اللبنانية.
وتحدثت صحيفة الديار اللبنانية عن زيارة وشيكة للمبعوث الأميركي الخاص الى بيروت آموس هوكشتين الذي سيحضر تحت غطاء بدء أعمال الحفر المقررة منتصف أغسطس لاستخراج الغاز من البحر المتوسط على إثر اتفاق ترسيم الحدود البحرية التاريخي، بين إسرائيل ولبنان وسيحمل معه على الأغلب ملف التطبيع مع السعودية.
ونقلت صحيفة "الديار" اللبنانية عن مصادر دبلوماسية غربية قولها إن وزارة الخارجية الأميركية مهتمة بحل قضية الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان وترغب في البناء على نجاح ترسيم الحدود البحرية.
وكانت الحدود بين الجانبين قد شهدت خلال الفترة الماضية توترات بارزة لم تصل إلى حد تسجيل أي اشتباك متبادل، لاسيما بين الجيش الإسرائيلي وعناصر "حزب الله"، وذلك إثر توغلات متبادلة بين الطرفين في مناطق حدودية متنازع عليها.
وكان الجيش الإسرائيلي قد انتشر في بلدة الغجر الحدودية التي تقع عند المثلث الحدودي ما بين سوريا ولبنان وإسرائيل، وبدأ بتشييد جدار إسمنتي وحواجز شائكة في القسم الذي يعتبره لبنان جزءاً من أراضيه المحتلة في البلدة.
هذا التطور رد عليه "حزب الله" عبر إقامة خيمتين عسكريتين داخل منطقة كفرشوبا المتنازع عليها هي الأخرى، والتي يعتبرها لبنان أيضاً من ضمن أراضيه، فيما اعتبرها الجانب الإسرائيلي داخل حدوده مطالبا بإزالتها، ومهددا بتدخل عسكري في سبيل ذلك.
وعلى إثر ذلك سجل حراك أممي ودولي على هذا الملف، تمثل في لقاءات حصلت مع الجانب اللبناني من قبل كل من قائد قوات اليونيفيل الجنرال أرولدو لازارو الذي التقى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على هامش المباحثات الأممية حول تمديد مهمة القوات الدولية في لبنان، إضافة إلى لقاء آخر سجل ما بين وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب والمنسقة الخاصة للأمم المتّحدة في لبنان يوانا فرونيتسكا والسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، جرى خلاله التباحث في التوترات الحدودية مع إسرائيل.
وفي 11 يوليو الماضي، قدم لبنان شكوى رسمية لدى الأمم المتحدة ضد إسرائيل على خلفية "تكريس" احتلالها للجزء اللبناني من بلدة "الغجر" الحدودية.
وبشأن خيم حزب الله، شدد بوحبيب على أهميّة استكمال عمليّة ترسيم الحدود البرية، والبحث في كيفية معالجة النقاط الخلافية المتحفّظ عليها المتبقية ضمن إطار الاجتماعات الثلاثية، بما يعزّز الهدوء والاستقرار على الحدود، ويتوافق مع قرارات الأمم المتّحدة.
بعد ذلك أعلن رئيس الحكومة اللبنانية في تصريحات صحافية أن بلاده أبلغت الأمم المتحدة استعدادها لترسيم الحدود الجنوبية مع إسرائيل على طول "الخط الأزرق"، مشددا على أن لبنان يعد بلدة الغجر تابعة له باعتراف الأمم المتحدة، مؤكداً على سعي بلاده لحل قضية خيمة حزب الله على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل "دبلوماسياً".
إلا أن التوترات بين الجانين تضاعفت، بالتزامن مع الذكرى السنوية السابعة عشر لاندلاع "حرب تموز" التي تعتبر من آخر الحروب العسكرية التي حصلت بين الطرفين عام 2006، مرحلة متقدمة بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي عن إحباط محاولة تخريب سياج حدودي مع لبنان.
.
وتحدثت تقارير إعلامية لبنانية عن استعدادات رسمية لبدء المفاوضات الحدودية، فبحسب صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية، باشرت قيادة الجيش اللبناني تحضير ملفات الحدود البرية القديم منها والجديد مع التدقيق فيها كي تكون حاضرة عندما يأتي الوقت المناسب لانطلاق ورشة إعادة الترسيم البرية على الحدود الجنوبية مع إسرائيل.
إلا أنه وعلى الرغم من "الجدية" التي يبديها الطرف اللبناني، والتي عبر عنها وزير الخارجية في تصريحات صحافية لناحية طرح الترسيم البري للحدود، باعتباره "حلا لمختلف الإشكالات على الحدود"، وفق بوحبيب، لا يبدو أن إسرائيل تسجيل حماسة موازية من جانبها.