البرلمان الكويتي يفتح للمسيئين باب الترشح للانتخابات ويغلقه في وجه المرأة

الكويت – أقرّ مجلس الأمة الكويتي اليوم الثلاثاء المداولة الثانية لقانون مفوضية الانتخابات الذي يفتح من جهة المجال أمام من أدينوا بجرائم منها المساس بالذات الأميرية للترشح للانتخابات "بعد رد اعتبارهم"، ويغلقه من جهة أخرى أمام المرأة بعدما ربط ترشحها بالالتزام بالشريعة الإسلامية في تعد على دستور البلاد.
وشهدت السنوات الماضية حرمان عدد من النواب السابقين والنشطاء السياسيين من الترشح للانتخابات بسبب إدانتهم بالمساس بالذات الأميرية أو ما عرف بقضية اقتحام مجلس الأمة، حتى أولئك الذين صدر بحقهم عفو أميري.
ولطالما شكّل هذا القانون أحد عناصر التوتر بين الحكومات المتعاقبة ونواب المعارضة، الذين اعتبروا أنه يمثل استهدافا لكل نفس معارض بغرض حرمانه من المشاركة في الحياة السياسية.
ويعود قانون حرمان المسيء إلى العام 2016، حينما تم تعديل المادة الثانية من قانون الانتخاب، بإضافة فقرة ثانية تقول "كما يحرم من الانتخاب كل من أدين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية، الأنبياء، والذات الأميرية".
وأعلن أحمد السعدون رئيس البرلمان أن القانون الجديد حظي في قراءته الثانية بموافقة 59 نائبا ورفض ثلاثة نواب.
ويتضمن القانون الحق في رد الاعتبار لمن حرم من الانتخابات لأنه سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو في جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة أو في جريمة المساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية، بحيث لا يكون حرمانه من حقه الانتخابي أبديا.
كما قضى القانون أيضا بإنشاء مفوضية عليا للانتخابات للإشراف على العملية الانتخابية ومراقبة مصادر تمويل الحملات الانتخابية، كان قد أثار غضب المجتمع المدني في الكويت، بسبب ما تضمنه من إشارات عدت تعديا على حقوق المرأة ومكاسبها.
وجاءت نتيجة التصويت على مشروع القانون في مداولته الثانية بموافقة 59 عضوا ومعارضة ثلاثة من إجمالي الحضور وعددهم 62 عضوا.
ومن بين الأعضاء المعترضين على هذا القانون النائب جنان بوشهري، التي تقدمت بتعديل المادة 16 وحذف الفقرة الثانية منها، التي تشترط التزام المرأة بالقواعد والأحكام الإسلامية لمباشرة حقها في الترشح والانتخاب.
من جانبه، قال النائب مرزوق الغانم "تقدمت بتعديل بحذف الفقرة الأخيرة لأن الالتزام بالدستور والقانون والشريعة منصوص عليها في الدستور". لكن مجلس الأمة رفض التعديل المقدم من النائبين وعدد من النواب على المادة 16 ووافق عليها كما جاءت من اللجنة.
وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 16 من قانون الانتخابات أثارت غضب المجتمع المدني في الكويت حيث اعتبرت عدد من جمعيات النفع العام أن تلك الفقرة تمثل تعديا سافرا على الدستور واستهدافا لمكتسبات المرأة الكويتية.
وقد دعت منظمات المجتمع المدني مجلس الأمة إلى الكف عن العبث بمكتسبات المرأة الالتزام بالدستور وطالب بعض أعضاء المجلس بالكف عن استهدافهم الدائم للمرأة ومحاولة تحجيمها.
وأكدت هذه المنظمات على ضرورة إلغاء لجنة “الظواهر السلبية” لأن دورها معادٍ لروح الدستور وتركيبة المجتمع الكويتي المتحضر، فضلاً عن أنها تصرف النظر عن قضايا البلد المصيرية.
ومن جانبه، أعلن منتدى سامي المنيس الثقافي رفضه لنص المادة السادسة عشرة في مشروع القانون الحكومي بشأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة وإنشاء المفوضية العامة للانتخابات، مشددا على أن السكوت عن ذلك يعني ضمنيا الموافقة على إقصاء المرأة الكويتية من حقها الدستوري والسياسي، وهو ردّة غير مقبولة.
وتواجه المرأة الكويتية في السنوات الأخيرة هجمة لافتة من طرف النواب الإسلاميين، الذين رفضوا تمرير العديد من مشاريع القوانين الداعمة لها من قبل عملها في المؤسسة العسكرية.
ويقول متابعون إن المادة السادسة عشرة من مشروع قانون المفوضية تشي بأن حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح مستعدة للذهاب بعيدا في استرضاء الإسلاميين الذي يسيطرون على مجلس الأمة، حتى وإن اقتضى ذلك ردة على مكاسب المرأة الكويتية.
ووفق وكالة الأنباء الكويتية (كونا) يهدف القانون إلى إصلاح وتطوير العملية الانتخابية من خلال إضافة قواعد قانونية جديدة إلى النظام الانتخابي تعمل على خلق بيئة مناسبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة تتميز بمستويات عالية من المشاركة وتعزز الديمقراطية في المجتمع الكويتي.
وأوردت الوكالة تقرير اللجنة المشتركة الذي نصت إحدى مواده على إنشاء المفوضية العامة للانتخابات التي تتولى الإشراف على الانتخابات وتنظيم العملية الانتخابية بالتنسيق مع الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالانتخابات وتلحق بوزير العدل ويمثلها أمام القضاء وفي علاقتها بالغير رئيسها.
وتتشكل المفوضية العامة للانتخابات من خمسة قضاة كويتيين شاغلي درجة وكيل بمحكمة التمييز أو محكمة الاستئناف أو ما يعادلها من أعضاء النيابة العامة برئاسة أقدمهم ويصدر مرسوم بتعيينهم للعمل بالمفوضية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.
ويصدر قرار من مجلس الوزراء بتحديد مقر عمل المفوضية ومكافآت أعضائها.
ويكون للمفوضية العامة للانتخابات أمانة عامة تتألف من أمين عام وأمين مساعد أو أكثر وعدد كاف من الموظفين ترشحهم المفوضية ويصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصاتها ولوائحها المالية والادارية قرار من رئيس المفوضية بعد موافقة أعضائها.
وكان مجلس الأمة وافق في جلسته الخاصة الخميس الماضي على مشروع القانون بشأن (إنشاء مفوضية عامة للانتخابات) في مداولته الأولى وقدم بعد ذلك عدد من التعديلات إلى اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الداخلية والدفاع ولجنة الشؤون التشريعية لدراستها وتقديم تقرير بشأنها.