روسيا تفرض اعتماد الروبل في مدفوعات صادراتها الزراعية

التدهور في الموارد المالية الوافدة من الخارج يؤدي إلى استمرار الضغوط الملقاة على عاتق العملة الروسية، كما يزيد تقلبها.
السبت 2023/07/29
تأثير عقوبات الطاقة

موسكو - تسعى روسيا لضم الصادرات الزراعية إلى قائمة المنتجات التي تريد التخفيف من استخدام الدولار الأميركي في تجارتها الخارجية بسبب العقوبات المفروضة عليها من الدول الغربية.

وتعد هذه أحدث خطوة لموسكو التي فرضت على العديد من البلدان “غير الصديقة” شراء غازها ونفطها بالعملة المحلية عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا في أواخر 2022.

وقالت فيكتوريا أبرامشينكو نائبة رئيس الوزراء الروسي الجمعة إن بلادها “ستحث مشتري صادراتها الزراعية على الدفع بالروبل بدلا من الدولار كوسيلة للالتفاف حول العقوبات الغربية”.

وذكرت أن الحكومة تعد مسودة مرسوم من شأنه تمكين المشترين من فتح حسابات خاصة بالروبل لتحقيق هذا الأمر.

وتحاول موسكو استغلال تجميد اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود من أجل تحقيق مكاسب تدعم بها الروبل وتعزز احتياطاتها النقدية منه خاصة مع وجود اتفاقيات مع العديد من الدول الحليفة لها للتعامل بالعملات المحلية.

فيكتوريا أبرامشينكو: نريد حماية المصدرين والدول الصديقة من ضغط العقوبات
فيكتوريا أبرامشينكو: نريد حماية المصدرين والدول الصديقة من ضغط العقوبات

وتطالب روسيا منذ فترة طويلة بإعادة ربط بنكها الزراعي الحكومي بشبكة سويفت العالمية للمدفوعات التي استبعدت منها بعد غزو أوكرانيا العام الماضي. وكان عدم استئناف ربطها بالشبكة أحد أسباب انسحابها الأسبوع الماضي من اتفاق تصدير الحبوب.

وسلط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الضوء على الحاجة إلى التحول إلى العملات المحلية في معاملات التجارة في خطاب ألقاه بالقمة الروسية – الأفريقية في سان بطرسبرغ الخميس الماضي.

وذكرت أبرامشينكو أن المرسوم “سيسهل وصول الدول الصديقة إلى سوق الغذاء وسداد ثمن المنتجات الغذائية بالعملات الوطنية”.

ووصفت ذلك بأنه أداة لحماية المصدرين الروس والدول “الصديقة” لبلادها من ضغط العقوبات. وأضافت “اعتاد شركاؤنا على تسلم الغذاء الروسي عالي الجودة بدون انقطاع، وسنواصل عمليات التسليم هذه”.

ويؤدي التدهور في الموارد المالية الوافدة من الخارج إلى استمرار الضغوط الملقاة على عاتق العملة الروسية، كما يزيد تقلبها.

وخسر الروبل 13 في المئة من قيمته مقابل الدولار في الربع الثاني، وهو أسوأ أداء لعملة في الأسواق الناشئة بعد البيزو الأرجنتيني والليرة التركية، إذ يُعتبر التقلب الضمني لمدة شهر واحد، وهو مقياس للاضطراب في العملة، الأعلى في العالم.

وكتب أولريش لوختمان رئيس إستراتيجية العملة في كوميرتس بنك في تقرير نشر في وقت سابق هذا الشهر أنه “بسبب العقوبات، يتأثر سعر صرف الروبل بتراجع الصادرات في الحساب الجاري”.

ورجح لوختمان استمرار هبوط الروبل على المدى المتوسط بسبب تراجع فائض الحساب الجاري.

وتراجع فائض الحساب الجاري الروسي خلال الربع الثاني مقارنة بأعلى مستوياته التي بلغها قبل عام، ما يعكس التدهور السريع في الوضع التجاري الذي يشكّل ضغطاً على الروبل الروسي.

وانخفض فائض الفرق بين الصادرات والواردات ليصل إلى 5.4 مليار دولار في الربع الماضي، مقارنة بنحو 76.7 مليار دولار بمقارنة سنوية، وفقاً لبيانات البنك المركزي الأولية، مسجلاً بذلك أصغر فائض منذ الربع الثالث من 2020.

ويؤدّي انخفاض عائدات صادرات الطاقة إلى اقتطاع العائدات التي زوّدت الكرملين بمصدر مهمّ للعملة الصعبة منذ اندلاع الحرب.

انخفاض عائدات صادرات الطاقة يؤدّي إلى اقتطاع العائدات التي زوّدت الكرملين بمصدر مهمّ للعملة الصعبة منذ اندلاع الحرب

ومع خضوع الاقتصاد لعقوبات غربية غير مسبوقة يجتمع تراجع أسعار النفط وتقييد تدفقات الغاز إلى أوروبا مع زيادة الواردات لتقلّص جميعاً المكاسب الكبيرة في الفائض التجاري الذي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 233 مليار دولار في 2022.

ولا يزال البنك المركزي يتوقع فائضاً في الحساب الجاري قدره 47 مليار دولار هذا العام، و38 مليار دولار في 2024. وأشار إلى أن تدهور الميزان التجاري ناجم عن تراجع حجم الصادرات، وكذلك انخفاض الأسعار بشكل رئيسي لصادرات الطاقة.

وسجل رصيد الحساب الجاري رقما سالبا بنهاية يونيو الماضي بسبب العوامل الموسمية ومدفوعات توزيعات الأرباح من الشركات الروسية وسط بيئة سوقية غير مواتية.

وقدّر بنك غولدمان ساكس أن تراجع سعر النفط الخام ساهم في انخفاض الفائض بنحو 25 مليار دولار خلال الربع الثاني على أساس سنوي، في حين يتوقع أن يخفض ارتفاع الواردات هذا الفائض بهامش مماثل. ويرجع القسم الباقي من التراجع إلى انخفاض حجم صادرات الغاز وأسعاره، وفقاً لتقرير البنك.

وكتب محللو غولدمان، ومن بينهم كليمنس غريف “نعتقد أن المحركات الرئيسية للحساب الجاري ستتركز في زيادة الطلب المحلي على الواردات بسرعة في ظل التخفيف الكبير للسياسة النقدية، إضافة إلى تراجع أسعار النفط”.

ومن المتوقع أن يستمر الميزان الخارجي لروسيا في التدهور في ظل تأثير عقوبات الطاقة وتيسير السياسة النقدية محلياً، التي تدفع الطلب على الواردات إلى الارتفاع. ويعني تراجع الميزان التجاري أن الروبل الروسي سيظل ضعيفاً أيضاً، ما يرفع معدلات التضخم إلى ما يقرب من نحو 5 في المئة هذا العام.

11