مسؤولة أميركية تستطلع الموقف الجزائري قبل زيارة وزير الخارجية إلى واشنطن

الجزائر - التقت كاتبة الدولة للشؤون الخارجية الأميركية المكلفة بالمنظمات الدولية ميشيل سيسون وزيري الخارجية والعدل الجزائريين أحمد عطاف وعبدالرشيد طبي وأجرت معهما مباحثات سياسية يرجح أن تكون تمهيدا لزيارة مرتقبة لوزير خارجية الجزائر إلى واشنطن، بناء على دعوة تلقاها من نظيره الأميركي أنتوني بلينكن.
ويأتي ذلك بالموازاة مع توجهات جزائرية كرست التقارب مع روسيا والصين تكون قد أزعجت الغرب.
وأفاد بيان للخارجية الجزائرية بأن رئيس الدبلوماسية استقبل مساعدة كاتب الدولة الأميركي المكلفة بالمنظمات الدولية التي تقوم بزيارة عمل إلى الجزائر قبيل زيارة منتظرة لعطاف إلى واشنطن تلبية لدعوة نظيره الأميركي.
ويرتبط البلدان بتقليد دبلوماسي يعقد دوريا، ويتعلق الأمر بالحوار الإستراتيجي الذي يتبادل فيه الطرفان مختلف الملفات ووجهات النظر، لكن انحياز الجزائر العلني في الآونة الأخيرة لصالح المعسكر الشرقي بعد زيارة الرئيس عبدالمجيد تبون إلى روسيا والصين، يكون قد بعث حالة من القلق لدى الأميركيين.
حالة من التذبذب تسود علاقات الجزائر مع بعض الهيئات الأممية والمنظمات غير الحكومية على خلفية الانتقادات التي تطالها بسبب وضعية الحريات
وذكر بيان الخارجية “أعربت السيدة سيسون باسم كتابة الدولة والحكومة الأميركيتين عن تعازيها الخالصة للجزائر على إثر الحرائق المأساوية التي ألمّت ببعض ولايات الوطن في الآونة الأخيرة”.
وأضاف “تركزت المحادثات بين الطرفين حول أبرز مجالات التعاون الثنائي والحوار الإستراتيجي بين الجزائر والولايات المتحدة، لاسيما آفاق تعزيز التنسيق بين البلدين في مختلف المنظمات والهيئات الدولية ذات الانتماء المشترك وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن التابعين للأمم المتحدة”.
وتابع “كما تم استعراض أولويات المرشحة الأميركية لعضوية محكمة العدل الدولية سارة كليفلاند، تحسبا للانتخابات المزمع إجراؤها يوم التاسع من نوفمبر المقبل بمنظمة الأمم المتحدة”.
ويبدو أن الولايات المتحدة تريد تأطير هامش عمل مشترك بينها وبين الجزائر داخل منظمات وهيئات الأمم المتحدة، بعد دخول هذه الأخيرة بداية من العام القادم كعضو غير دائم في مجلس الأمن.
وتسود حالة من التذبذب في علاقات الجزائر مع بعض الهيئات الأممية والمنظمات غير الحكومية على خلفية الانتقادات التي تطالها بسبب وضعية الحريات الأساسية في البلاد، حيث كانت في أكثر من مرة محل مساءلة من طرف مقررين أمميين وحقوقيين حول ما يوصف بـ”انتهاك الحقوق والحريات”، خاصة في السنوات الأخيرة.
وتندرج زيارة المسؤولة الأميركية في إطار التحضير للزيارة التي سيقوم بها عطاف قريبا إلى واشنطن تلبية لدعوة وصفت بـ”الطارئة” وجهها له بلينكن بعد الزيارة التي أداها الرئيس تبون إلى روسيا.
ولفت البيان إلى أن الطرفين تبادلا وجهات النظر حول المستجدات الإقليمية والدولية، خاصة تطورات الأزمات في كل من ليبيا ومالي والسودان ومنطقة الساحل الصحراوي إلى جانب قضيتي الصحراء المغربية وفلسطين.
وذكر بأن المسؤولة الأميركية أعربت عن “تقدير واشنطن ودعمها للجهود التي تبذلها الجزائر من أجل نشر الاستقرار والتنمية في جوارها الإقليمي وعلى الصعيد القاري”.
كما أبدى الطرفان استعدادهما الثابت وإرادتهما المشتركة لتوطيد التشاور والتنسيق بينهما كلما اقتضت الضرورة وتوفرت الفرص من أجل الإسهام في الحلول السلمية التفاوضية للأزمات، فضلا عن تنشيط دور العمل متعدد الأطراف لمواجهة التحديات الدولية ذات الطابع الشامل.
وكانت تقارير محلية تحدثت في الآونة الأخيرة عن اتصال الحكومة الجزائرية بهيئات ومقررين أمميين من أجل “تنظيم زيارات لهم للاطلاع على الانشغالات المطروحة”، في إشارة إلى المآخذ التي وصلتها مرارا من طرفهم، خاصة في ما يتعلق بحريات التعبير والنشاط السياسي وسجناء الرأي.
ومنذ نهاية احتجاجات الحراك الشعبي المعارض للسلطة العام 2021، يتواجد أكثر من 300 سجين بسبب آرائهم السياسية عبروا عنها في شبكات التواصل الاجتماعي، في حين تنفي السلطة القضية وتعتبر هؤلاء سجناء حق عام يقعون تحت طائلة القانون الجزائي والجنائي.
ويحظى الإعلامي إحسان القاضي، وبدرجة أقل مصطفى بن جامع، بحملة تضامن واسعة من طرف مؤسسات مدنية ومنظمات حقوقية دولية تطالب بالإفراج الفوري عنهما، وتدعو إلى مراجعة التشريعات التي ضيقت مجال الحريات في البلاد.
غير أن مراقبين يرون بأن الانحياز العلني الذي أبدته الجزائر لصالح المعسكر الشرقي بعد الزيارتين اللتين أداهما الرئيس تبون إلى موسكو وبكين أثار حالة من القلق الأميركي، ولذلك تريد واشنطن استطلاع وفهم الموقف الجزائري المهم في المنطقة، والذي تريد تحييده عن خصومها الشرقيين، خاصة في مجالات التعاون الأمني والجيوسياسي والطاقة.
واستقبلت المسؤولة الأميركية من طرف وزير العدل بمقر الوزارة حيث تناولا “واقع العلاقات الثنائية بين الجزائر والولايات المتحدة، خاصة في المجال القضائي وسبل تعزيز التعاون على مستوى المنظمات الدولية”.