الاستثمار بالسلطة.. تجارة أميركية رابحة

أميركا تسعى للاستحواذ على الدجاجة التي تبيض ذهبا وليس الحصول على بيض الدجاجة فُرادى، أما شعاراتها التي تتبجّح بها للشعوب فهي شعارات تتغنى بها للأطفال عندما يحين موعد نومهم.
الأربعاء 2023/07/26
أميركا تستثمر في حكام مستسلمين خاضعين

يقول بعض “المتفيقهين” أن بوسع أميركا فرض الديمقراطية على بعض الدول بتغريدة من أصغر موظف في البيت الأبيض لو أرادت.

ديمقراطية أميركا التي رافقت “بساطيل” جنودها وهم يدخلون بغداد بعد أن أطلق رئيسها في ذلك الوقت جورج بوش بِشارته للعراقيين من على حاملة الطائرات بإعلان النصر وانتهاء العمليات العسكرية، كانت أكذوبة امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل هي الحجة التي جعلت أميركا تُجيّش الجيوش وتجتاز آلاف الأميال لنهب ما فوق أرض العراق وما تحته. فكما تستثمر بالنفط والمعادن والغاز، تقوم باستثمار مربح لا يتوقف عند أرباح الثروات الطبيعية، بل صفقة رابحة دائماً في استثمار السلطة لتحقيق أحلام الجشع الأميركي ونهم وابتلاع الدول. ويقال إن أميركا أطاحت بأكثر من 50 زعيماً ورئيس دولة بين عامي 1945 – 2018 فقط لاستثمار السلطة وإرضاءً للطمع الأميركي.

يقول بول بريمر في مذكراته “عندما عقدت أول اجتماع مع قادة العراق الجُدد كنت خائفاً وقلقاً وكنت جالساً على طرف الكرسي وتوقعت أن يلوموني ويسألوني لماذا أوصلتم البلد إلى هذا الحد، وإذا بهم أول ما سألوني أين رواتبنا ومستحقاتنا! حينها اتكأت على الكرسي وقلت في نفسي إن هؤلاء لا يمثلون شعباً ولا يستحقون أن يمثلوه”، حين كان الشعب العراقي يقرأ ويسمع هذه الحادثة كان يسأل، إذاً لماذا نصّبت أميركا أولئك لحكم العراق؟

◙ أكذوبة امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل كانت هي الحجة التي جعلت أميركا تُجيّش الجيوش وتجتاز آلاف الأميال لنهب ما فوق أرض العراق وما تحته

دائماً ما تستثمر أميركا في تجارة سلطة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب لشعوبها إرضاءً لمصالحها ونزواتها، وهو أسلوب نعترف بتسجيل براءة اختراعه للعم سام.

تتذكرون أيها السادة حكاية الرئيس موراليس، أول رئيس في بوليفيا من السكان الأصليين في قارة أميركا الجنوبية، عندما أُطيح به لأنه رفض الأطماع الأميركية التي تريد استنزاف بلاده المختزنة أرضها بأكبر احتياطي من الليثيوم في العالم، ما يعادل ثلث كمية الاحتياط عالمياً، حينها صرخ دونالد ترامب قائلاً لقد فعلناها! ضارباً كل العهود والأعراف السياسية والدبلوماسية عرض الحائط.

سياسة الاستثمار الأميركي في الحكام أو السلطة تجارة مردودها مضاعف، فلو أفلت الحكام من تلك التجارة لأصبحوا من أكثر خصوم الديمقراطية الأميركية المشوهة، وخرجوا عن طوعها أو طريقها.

أميركا تستثمر في حكام مستسلمين خاضعين ينهبون ويسرقون ويكذبون.. لا يهم مادامت السلطة السائبة تُعلّم السرقة.

المحصلة أن أميركا تسعى للاستحواذ على الدجاجة التي تبيض ذهباً، وليس الحصول على بيض الدجاجة فُرادى. أما شعاراتها التي تتبجّح بها للشعوب من حرية وعدالة وديمقراطية، فهي شعارات تتغنّى بها للأطفال عندما يحين موعد نومهم.

9