ماذا تريد فرنسا من تحركها في حوض المحيطين الهندي والهادئ

شراكة حذرة مع الصين لتأمين المصالح الفرنسية دون إغضاب واشنطن.
الأحد 2023/07/23
ضباط الشرطة يواجهون مثيري الشغب في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي

فرنسا تسعى للنأي عن إستراتيجية واشنطن في المحيطين الهندي والهادئ، فهي لا تريد صداما مع الصين، ولكنها تبحث عن شراكة حذرة تؤمن لها مصالحها وفي نفس الوقت لا تسمح لبكين بالتغول. فالشراكة الاقتصادية بالدرجة الأولى تجلب إليها مشاركة الاتحاد الأوروبي. وبالتوازي توسع شراكتها مع الهند اقتصاديا وعسكريا.

باريس- تعمل فرنسا على زيادة وجودها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في الشؤون العالمية في ظل التوتر الأميركي – الصيني، وتلجأ إلى إستراتيجية تقوم على مزيج من الحوار متعدد الأطراف والانتشار البحري. وسيكون لموقع فرنسا دور في تشكيل سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه المنطقة.

وعززت فرنسا، منذ اعتماد أول إستراتيجية لها في المحيطين الهندي والهادئ في 2019، من انتشارها البحري في المنطقة، بما في ذلك عبر مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي.

ويرجع تركيز باريس على الأمن البحري إلى أن أراضيها في المحيطين الهندي والهادئ تشكل 93 في المئة من المنطقة الاقتصادية الخالصة الفرنسية، وهي ثاني أكبر منطقة في العالم. وتمثل هذه المنطقة فرصة اقتصادية كبيرة لكل من فرنسا وأقاليمها وراء البحار.

لكن القدرات الفرنسية التي تتطلبها الدوريات البحرية في المحيطين الهندي والهادئ مقيدة بسبب بعد المسافة عن القواعد البحرية الرئيسية، وهو العامل الذي يدفع باريس إلى تعزيز التعاون العسكري مع الشركاء الإقليميين.

كما يتزامن اهتمام باريس بالمنطقة مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين. وهي تسعى جاهدة لخفض التوترات، حيث يهدد التصعيد العسكري بين واشنطن وبكين أراضيها في المنطقة.

◙ في إشارة إلى النأي عن أجندة واشنطن، ماكرون يؤكد: لا ينبغي لأوروبا أن تنغمس في أزمات ليست أزماتها
في إشارة إلى النأي عن أجندة واشنطن، ماكرون يؤكد: لا ينبغي لأوروبا أن تنغمس في أزمات ليست أزماتها

وفي الوقت الذي تجعل فيه الاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي تمر بها فرنسا تركيزها موجها إلى الداخل، فإن وجودها الإقليمي في المحيطين الهندي والهادئ يدفعها إلى الاحتفاظ بدرجة معينة من المشاركة مع الدول المؤثرة في المحيطين الهندي والهادئ للحفاظ على مصالحها.

ومع اندماج جزيرة مايوت كإدارة فرنسية في الخارج سنة 2011 وفشل ثلاثة استفتاءات على الاستقلال في كاليدونيا الجديدة خلال السنوات الأخيرة، من المرجح أن يستمر هذا النهج الاستباقي لبناء العلاقات مع المنطقة في المستقبل المنظور.

وتشمل الأراضي الفرنسية في المحيط الهندي جزيرة مايوت وجزيرة ريونيون وأراض فرنسية جنوبية وأنتارتيكية، بينما تشمل تلك الموجودة في المحيط الهادئ كاليدونيا الجديدة وواليس وفوتونا وبولينيزيا الفرنسية وكليبرتون. وتضم هذه الأراضي مجتمعة أكثر من 1.6 مليون شخص، ينتشر ثلثاهم عبر المحيط الهندي، بينما يتواجد الثلث المتبقي في جزر المحيط الهادئ.

وتحتفظ فرنسا بوجود عسكري دائم يشمل ما يزيد عن 7 آلاف جندي في أراضيها في المحيطين الهندي والهادئ، وتعدّ نقاط إرساء متعددة لقواتها البحرية.

خلاف مع واشنطن

أدى التأكيد الفرنسي على أهمية عقد حوار شامل متعدد الأطراف مع الصين إلى اختلافات في النهج مع واشنطن.

وأدلى ماكرون خلال رحلته إلى الصين في أبريل 2023 بتعليقات مفادها أنه لا ينبغي لأوروبا “أن تنغمس في أزمات ليست أزماتنا”، مما أثار رد فعل عنيف بين أقرب حلفاء فرنسا. وسارع الرئيس لإيضاح أن السياسة الفرنسية تجاه تايوان لا تزال تركز على الحفاظ على الوضع الراهن، كما يتضح من نشر فرقاطة فرنسية في مضيق تايوان خلال تدريبات بالذخيرة الحية في أبريل بعد اجتماع الرئيسة التايوانية تساي إنغ ون مع رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي.

وفي حين ينبع هذا الموقف من عدم قدرة فرنسا على تأمين أهدافها الإستراتيجية في المنطقة من خلال القوة العسكرية، إلا أنه يستند إلى وجهة نظر باريس القائلة بأن نهج “الردع العسكري أولا ” يزيد من خطر نشوب صراع، وبالتالي مضاعفة تهديدات حرية الملاحة. ولهذا أوضحت باريس نفورها من الشراكات الدفاعية الثنائية (مثل اتفاقية التعاون الدفاعي المعزز بين الولايات المتحدة والفلبين)، وترى أنها تفاقم الاستقطاب في المنطقة بين واشنطن وبكين.

وسعت فرنسا، بابتعادها عن النهج الأميركي الأكثر صدامية تجاه الصين، إلى تصوير نفسها على أنها قوة موازنة تسعى إلى تطوير نهج إيجابي بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، بدلا من نهج مناهض لأجندة الصين بالتنسيق مع دول منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما تفعل واشنطن.

ونشر موقع وورلد فيو التابع لمركز ستراتفور في تقرير له أن انخراط فرنسا المعزز في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لعبها دورا حاسما في تشكيل نهج الاتحاد الأوروبي تجاه المنطقة في السنوات المقبلة. لكنه سيخلق أيضا معضلات في باريس فيما يتعلق بتخصيص المزيد من الإنفاق الدفاعي.

◙ وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين خلال زيارته إلى مامودزو بجزيرة مايوت الفرنسية في 24 يونيو 2023
وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين خلال زيارته إلى مامودزو بجزيرة مايوت الفرنسية في 24 يونيو 2023

ومن المحتمل أن يتّجه الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ تدابير تهدف إلى تقليل العلاقات الاقتصادية التي تجمعه مع الصين، على الرغم من أن مثل هذه الإجراءات ستكون أبطأ من الخطوات التي تتخذها الولايات المتحدة. وفي حالة الغزو الصيني لتايوان من المرجح أن يفضّل الاتحاد الأوروبي اتخاذ عقوبات اقتصادية ضد بكين على أيّ رد عسكري. لكن فرنسا ستواصل السعي إلى تعزيز وجودها العسكري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لتأمين مصالحها الإستراتيجية مهما حدث.

وأظهر استطلاع من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أنه اعتبارا من أبريل 2023 يؤيد 62 في المئة من جمهور الاتحاد الأوروبي البقاء على حياد في حال غزو الصين لتايوان، بينما يرغب 23 في المئة فقط في دعم الولايات المتحدة في الدفاع عن الجزيرة.

شراكة محدودة

تواصل فرنسا سعيها إلى الاحتفاظ بدرجة معينة من التعاون الثنائي مع الصين رغم مخاوفها المتزايدة بشأن نفوذ بكين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ورأى صناع القرار الفرنسيون لعقود الحاجة إلى إدراج الصين في هياكل الحوكمة العالمية حتى تكون فعالة. لكن النفوذ العسكري الصيني المتزايد في السنوات الأخيرة أثار قلق باريس التي تخشى أن يهدد نشاط بكين حرية الملاحة في المحيطين الهندي والهادئ مع تعريض الاستقرار الإستراتيجي الأكبر للمنطقة للخطر.

ودفع هذا فرنسا إلى تشديد نهجها تجاه بكين، كما برز ذلك من العدد المتزايد لعمليات الانتشار البحرية الفرنسية في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان خلال السنوات الأخيرة. ومن المرجح أن تستمر هذه العمليات (إن لم تتوسع) في المستقبل، على الرغم من أن فرنسا ستدرس في نفس الوقت تعزيز الحوار متعدد الأطراف مع بكين لخفض التوترات الإقليمية.

ولا تزال باريس حريصة على تأمين درجة من التعاون مع الصين في مجموعة من القضايا، بما في ذلك تغير المناخ، والوقاية من الأوبئة، وإعادة هيكلة الديون في الجنوب العالمي.

كما تعتزم باريس معالجة عجزها التجاري الحاد مع الصين بطرق تشمل مساعدة الشركات الفرنسية على زيادة وجودها في الدولة الآسيوية. وتأمل في ردع نفوذ بكين من خلال هذا المزيج من الانتشار البحري الأكبر والمشاركة الدبلوماسية، مما سيحد من مجال التعاون الثنائي الفعال من خلال زيادة الضغط على باريس لزيادة تشديد موقفها تجاه الصين.

ورافق 50 مديرا تنفيذيا من الشركات الفرنسية الرائدة، بما في ذلك ألستوم وفيوليا، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رحلة في أبريل 2023 إلى بكين لتسليط الضوء على جهود الحكومة الفرنسية لتعزيز وجودها التجاري في الصين.

ولا تزال العلاقات التجارية الفرنسية – الصينية ضعيفة مقارنة بعلاقات ألمانيا. وبلغ إجمالي التجارة الثنائية بين ألمانيا والصين 255 مليار دولار في 2021، بينما بلغ إجمالي التجارة الفرنسية 75 مليار دولار فقط.

◙ فرنسا تحتفظ بوجود عسكري دائم يشمل ما يزيد عن 7 آلاف جندي في أراضيها في المحيطين الهندي والهادئ، وتعدّ نقاط إرساء متعددة لقواتها البحرية

وكانت فرنسا قد سلّطت في تقريرها لسنة 2013 حول الدفاع والأمن القومي، الضوء على رغبتها في بناء “شراكة عالمية” مع الصين. لكنها أقرت في التحديث الإستراتيجي لسنة 2021 بأن الصين أصبحت “منافسا منهجيا” للاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن بكين أثبتت “أحيانا” كونها “شريكا دبلوماسيا مهما”.

وبينما تحاول فرنسا تحقيق التوازن بين مصالحها المتضاربة، من المرجح أن تستمر في تجزئة علاقتها مع بكين من خلال فصل علاقاتها الاقتصادية معها عن استجابتها للنفوذ الصيني المتوسع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وسيرى حلفاء فرنسا الغربيون مع ذلك هذا التقسيم على أنه افتقار إلى سياسة متماسكة تجاه الصين، مما قد يؤدي إلى خلافات دبلوماسية متفرقة بين فرنسا وشركائها الغربيين.

وأظهر التشكيل الأخير لاتفاق أوكوس شكوك الولايات المتحدة وأقرب حلفائها فيما يتعلق بمصداقية فرنسا كشريك دفاعي في المنطقة، على الرغم من تواصل اهتمام الجانبين بتعزيز التعاون العسكري في المستقبل المنظور. وأعلنت أستراليا في سبتمبر 2021 إلغاء صفقة مع فرنسا كانت ستزوّد بحريتها باثنتي عشرة غواصة عاملة بالديزل من طراز “شورتفين باراكودا”، واعتماد غواصات تعمل بالطاقة النووية من خلال دخولها في اتفاق أوكوس الأمني الثلاثي مع الولايات المتحدة وبريطانيا. وقوبل ذلك بغضب في باريس.

وسيجعل هذا فرنسا تولي أهمية أكبر لتنويع شراكاتها الإقليمية في السنوات المقبلة. لكنها تبدو الآن عازمة على المضي قدما في الجهود المبذولة لتعزيز التعاون مع أوكوس، في التصدي المشترك للصيد غير القانوني على سبيل المثال. وبالفعل، لم تغير أزمة الغواصات مصالح باريس الإستراتيجية الأساسية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ولا حقيقة أن قدراتها الدائمة محدودة في المنطقة. وبالتالي، ستواصل فرنسا اهتمامها في تعزيز قابلية التشغيل البيني لقواتها المسلحة مع قوات أوكوس لدعم الأمن البحري وحماية البنية التحتية للغواصات ومكافحة الصيد غير القانوني. لكنها ستنظر أيضا في الاحتفاظ بهذا التعاون على أساس مخصص ومن غير المرجح أن تنضم إلى أوكوس، لأن طبيعة الاتفاقية الأمنية الثلاثية المتصورة “المعادية للصين” ستتعارض مع رغبة باريس في تصوير نفسها قوة موازنة في المنطقة.

وخفضت فرنسا في البداية علاقاتها مع أستراليا إثر انسحابها من صفقة الغواصات في 2021. لكن البلدين سعيا منذ ذلك الحين إلى إحياء العلاقات بعد انتخاب رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز في مايو 2022، وذلك من خلال استئناف التعاون الدفاعي والأمني. وأعلنت حكومة ألبانيز بعد فترة وجيزة من توليها السلطة أنها ستدفع 558 مليون دولار تعويضا لشركة بناء السفن الفرنسية نافال غروب بسبب خروجها من صفقة الغواصات.

وفي علامة أخرى على تحسن العلاقات، عقدت فرنسا وأستراليا في يناير 2023 أول اجتماع لوزراء الدفاع والخارجية منذ تشكيل أوكوس، حيث اتفق الجانبان على إجراء تدريبات عسكرية مشتركة ومعالجة الصيد غير المشروع.

الهند لموازنة نفوذ الصين

◙ العلاقات التجارية الفرنسية – الصينية لا تزال ضعيفة حيث بلغ إجمالي التجارة الفرنسية 75 مليار دولار فقط
العلاقات التجارية الفرنسية – الصينية لا تزال ضعيفة حيث بلغ إجمالي التجارة الفرنسية 75 مليار دولار فقط

ستعطي باريس الأولوية لتعاون عسكري أكبر مع نيودلهي في السنوات المقبلة لصعود الهند كقوة كبرى ونهجها المشترك في المنطقة مع فرنسا.

وعمّق انخراط فرنسا المتجدد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ منذ أواخر 2010 شراكة باريس ونيودلهي الإستراتيجية القائمة منذ 25 عاما. وتشترك فرنسا والهند في مخاوف بشأن النفوذ المتزايد للصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. لكن البلدين يشعران بالقلق أيضا من مواجهة بكين مباشرة وسعيا إلى تشجيع الحوار الشامل متعدد الأطراف لمنع المنطقة من أن تصبح أكثر استقطابا حول التنافس المستمر بين الولايات المتحدة والصين.

وستدفع هذه المصالح المشتركة فرنسا والهند إلى تعزيز تعاونهما الأمني بشكل أكبر في السنوات المقبلة، وبالتالي تمكين كلا البلدين من تنويع شراكاتهما في المنطقة.

وتستعد فرنسا لتأمين صفقات أسلحة بالمليارات من الدولارات من خلال دعم الجيش الهندي، وتقليل اعتماد نيودلهي على الأسلحة الروسية، والمساعدة في موازنة النفوذ الإقليمي للصين، ودعم صعود قوة إقليمية ملتزمة بالنظام الدولي القائم على القواعد، إلى جانب التشغيل البيني الأكبر مع البحرية الهندية بما يمكّن فرنسا من ترسيخ وجودها في المحيط الهندي، وهو ما يجعل الشراكة مع الهند حجر الأساس لإستراتيجية باريس في المحيطين الهندي والهادئ.

وكان قرار فرنسا والهند بإقامة شراكة إستراتيجية في 1998 نتاجا لمحاولات ودية تدور حول إمدادات الأسلحة والطاقة النووية المدنية.

وكانت فرنسا ثاني أكبر مصدر للأسلحة إلى الهند بعد روسيا بين 2018 و2022. ونتج هذا المستوى المرتفع من تجارة الأسلحة عن الاستعداد الأكبر لفرنسا لنقل التكنولوجيا العسكرية إلى الهند مقارنة بالدول الغربية الأخرى، كما يتضح من نقل تصاميم الغواصات من فئة سكوربين، التي أصبحت الآن نموذجا لغواصات الهند من فئة كالفاري.

◙ بابتعادها عن النهج الأميركي الأكثر صدامية تجاه الصين، تسعى فرنسا إلى تصوير نفسها على أنها قوة موازنة

وتنظم فرنسا والهند مناورات عسكرية مشتركة منتظمة مثل التدريبات الثنائية التكتيكية، جارودا.

وبينما تتطلع فرنسا إلى ترسيخ شراكتها مع نيودلهي، ستحرص في نفس القدر على تعزيز علاقاتها التجارية مع الهند حيث سيوفر لها ذلك فوائد إستراتيجية واقتصادية متوسطة وطويلة الأجل.

وحافظ اقتصاد الهند على مكانة تضعه من ضمن البلدان التي تحقق أسرع معدلات نمو في العالم منذ تعافيه في 2021 من الركود الناجم عن أزمات كوفيد – 19، حيث من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنحو 6 في المئة خلال 2023. وبينما تواجه أوروبا توقعات نمو منخفضة ونظرا لشيخوخة سكانها، ستسعى باريس إلى تعزيز العلاقات التجارية مع الهند في السنوات المقبلة لأنها ترى الكثير من الإمكانات الاقتصادية طويلة الأجل في القوى العاملة الشابة في البلاد وطبقتها الوسطى المتوسعة.

وستتطلع فرنسا من خلال ذلك إلى جني فوائد ظهور الهند المتوقع كقوة اقتصادية في العقود القادمة. كما ستستفيد باريس من العلاقات التجارية القوية مع نيودلهي على المدى المتوسط حيث ستساعدها على تنويع علاقاتها الاقتصادية مع المحيطين الهندي والهادئ بعيدا عن الصين مع تقليل الحاجة إلى اتخاذ تدابير مستهدفة ضد بكين.

ومن المرجح أن يؤدي اهتمام باريس في تعزيز العلاقات التجارية مع نيودلهي إلى دعم جهود الاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاقية تجارة حرة مع الهند. وإذا لم تنجح فرنسا في رعاية هذه العلاقات الاقتصادية الثنائية، فقد تلجأ الهند إلى شركاء غربيين آخرين، مثل الولايات المتحدة وألمانيا، لدعم تطوير اقتصادها، مما سيمثل فرصة ضائعة للشركات الفرنسية. ولكن بغض النظر عن قوة علاقات الهند الاقتصادية مع فرنسا، فمن المرجح أن تحتفظ نيودلهي بمصلحة قوية للحفاظ على علاقات دفاعية وثيقة مع باريس كوسيلة للاحتفاظ بإمدادات الأسلحة المتنوعة وتعزيز استقلاليتها الإستراتيجية.

وبلغ إجمالي التجارة الثنائية بين فرنسا والهند 13 مليار دولار في 2021. وكانت التجارة الثنائية للهند مع الولايات المتحدة وألمانيا لسنة 2021 أكبر بكثير حيث بلغت 110.3 مليار دولار مع واشنطن و25.8 مليار دولار مع برلين.

◙ فرنسا تواصل سعيها إلى الاحتفاظ بدرجة معينة من التعاون الثنائي مع الصين رغم مخاوفها المتزايدة بشأن نفوذ بكين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ
فرنسا تواصل سعيها إلى الاحتفاظ بدرجة معينة من التعاون الثنائي مع الصين رغم مخاوفها المتزايدة بشأن نفوذ بكين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ

 

7