نصف سكان العالم معرضون لخطر حمى الضنك

البعوض ينشر هذا النوع من الحمى مستفيدا من ظاهرة الاحتباس الحراري.
السبت 2023/07/22
إجراءات حمائية للتقليل من انتشار المرض

أدت ظاهرة الاحتباس الحراري إلى انتشار حمى الضنك التي اعتبرتها منظمة الصحة العالمية تهديدا وبائيا؛ ذلك أن البعوض ينقل هذا النوع من الحمى مستفيدا من الاحتباس الحراري. وسجلت المنظمة تزايدا في الحالات على مستوى العالم وحذرت من خطورة الوضع، مشيرة إلى أن نحو نصف سكان العالم معرضون للخطر. ويشير الخبراء إلى أن أعراض المرض قد تزداد سوءًا في بعض الحالات وقد تصبح مهددة للحياة.

جنيف - حذرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد الإصابات بحمى الضنك ربما يقترب من مستويات قياسية هذا العام لأسباب منها ظاهرة الاحتباس الحراري التي يستفيد منها البعوض الذي ينشر هذا النوع من الحمى.

وقالت المنظمة إن معدلات الإصابة بحمى الضنك آخذة في الارتفاع على مستوى العالم إذ زاد عدد الإصابات المسجلة منذ عام 2000 ثمانية أمثال إلى 4.2 مليون في عام 2022.

وسجلت وزارة الصحة السودانية في مارس الماضي اكتشاف أول إصابة بحمى الضنك في العاصمة الخرطوم، بينما تشهد أوروبا زيادة في عدد الإصابات، كما أعلنت بيرو حالة الطوارئ في معظم مناطقها.

وحذرت منظمة الصحة العالمية في يناير الماضي من أن حمى الضنك هي أسرع أمراض المناطق المدارية انتشارا في العالم وتمثل “تهديدا وبائيا”.

وقال الطبيب رامان فيلايودان، الأخصائي في إدارة أمراض المناطق الاستوائية لدى منظمة الصحة العالمية، للصحافيين في جنيف “إن نحو نصف سكان العالم معرضون للخطر الآن”.

وأضاف عبر رابط فيديو أن الإصابات المسجلة لدى منظمة الصحة العالمية وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في عام 2019، إذ بلغت 5.2 مليون حالة في 129 دولة، وأن من المتوقع أن يتجاوز عدد الإصابات المسجلة أربعة ملايين في العام الحالي.

وقال إنه تم بالفعل تسجيل ما يقرب من ثلاثة ملايين إصابة في الأميركتين، مشيرا إلى وجود مخاوف من تفشي حمى الضنك جنوبا في بوليفيا وباراغواي وبيرو.

وتقول المنظمة إن عدد الإصابات المسجلة بهذا المرض الذي يسبب الحمى وآلام العضلات لا يمثل سوى جزء بسيط من العدد الإجمالي للعدوى عالميا، إذ أن معظم الإصابات لا تظهر عليها أعراض، ولا يتجاوز عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة به واحدا في المئة.

ويُعتقد أن المناخ الأكثر دفئا يساعد البعوض على التكاثر بشكل أسرع لكن فيلايودان أشار إلى أن من العوامل الأخرى لتفشي المرض زيادة حركة السلع والأشخاص والنمو العمراني وما يصحبه من مشكلات مرتبطة بالصرف الصحي.

الإصابات المسجلة وصلت إلى أعلى مستوياتها في عام 2019، إذ بلغت 5.2 مليون حالة في 129 دولة
الإصابات المسجلة وصلت إلى أعلى مستوياتها في عام 2019، إذ بلغت 5.2 مليون حالة في 129 دولة

وقال إن درجات الحرارة التي تزيد على 45 درجة مئوية “لا تجعل البعوض قادرا على التكاثر بل تهلكه على الأرجح، لكن البعوض من الحشرات الذكية جدا إذ يمكنه التكاثر في أوعية تخزين المياه حيث لا تكون درجات الحرارة مرتفعة إلى هذا الحد”.

وقال رامان ولايودهان، رئيس وحدة أمراض المناطق المدارية في المنظمة، إن المنظمة سجلت زيادة بنحو 8 أضعاف في حالات حمى الضنك بين عامي 2000 و2022.

وكشف أنه يتم الإبلاغ عن حوالي 100 إلى 400 مليون حالة يوميا، ما ينذر بـ”تعرض نصف سكان العالم لخطر الإصابة بحمى الضنك، وذلك في نحو 129 دولة”.

وأوضح أن حالات الإصابة بهذا الفايروس “ارتفعت من 500 ألف حالة إلى 4.2 مليون حالة” خلال الـ22 سنة الماضية.

في المقابل أكد ولايودهان أن الرقم الفعلي لعدد الإصابات “قد يكون أعلى من ذلك بكثير”، حيث حصلت المنظمة على أرقام أكثر دقة في السنوات الأخيرة.

وقال ولايودهان إن التقديرات تشير إلى أن الوفيات الناجمة عن حمى الضنك تتراوح بين 40 ألفا و70 ألفا سنويا، وهو ما يمثل أقل من 1 في المئة من الحالات المصابة في غالبية الدول.

وأشار إلى أن حمى الضنك مرض خطير، وهو في الغالب عدوى فايروسية تنتشر من خلال لدغات البعوض من شخص إلى آخر، ولفت إلى أن 80 في المئة من الحالات لا تظهر عليها أعراض.

يذكر أن هناك لقاحا وحيدا في الأسواق ضد حمى الضنك، وهو “سانوفي باستور”، ومرخص له في نحو 20 دولة. ويحمي اللقاح الأشخاص الذين أصيبوا بحمى الضنك، ويتطلب تلقيهم ثلاث جرعات.

ويشير خبراء “مايو كلينيك” إلى أن حمى الضنك هي مرض يُنقل بالبعوض وينتشر في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. وتتسبب حمى الضنك الخفيفة في الإصابة بحمى شديدة وظهور أعراض شبيهة بأعراض الإنفلونزا. ويمكن أن يؤدي أحد أشكال حمى الضنك الشديدة، والمعروف باسم “حمى الضنك النزفية”، إلى نزيف وانخفاض مفاجئ في ضغط الدم والوفاة.

ويصاب الملايين من الأشخاص بعدوى حمى الضنك في العالم كل عام. وهي أكثر شيوعًا في جنوب شرق آسيا وجزر المحيط الهادئ الغربية وأميركا اللاتينية وأفريقيا. غير أن هذا المرض أصبح ينتشر في مناطق جديدة، بما في ذلك تفشيه في أوروبا والمناطق الجنوبية من الولايات المتحدة.

الإصابات بحمى الضنك في ارتفاع
الإصابات بحمى الضنك في ارتفاع

ويعمل الباحثون على إيجاد لقاحات لحمى الضنك. أما في الوقت الحالي فأفضل طريقة لمنع العدوى في المناطق التي تشيع فيها حمى الضنك هي تجنب لدغات البعوض واتخاذ الخطوات اللازمة للحد من أعداد البعوض.

ويضيف الخبراء أنه لا تظهر أي مؤشرات على المرض أو أعراض على الكثير من الأشخاص عند الإصابة بعدوى حمى الضنك.

وعندما تظهر الأعراض فقد تُشخّص بالخطأ على أنها أعراض لأمراض أخرى، مثل الأنفلونزا، وتبدأ في الظهور عادةً بعد فترة تتراوح بين أربعة أيام وعشرة أيام من التعرض للدغة بعوضة مُعدية.

وتُسبب حُمّى الضنك حُمّى شديدة (40 درجة مئوية) وصداعا وألم العضلات أو العظام أو المفاصل والغثيان والقيء وألما خلف العينين وتورم الغدد والطفح الجلدي.

ويتعافى معظم الأشخاص خلال أسبوع أو نحو ذلك. وتزداد الأعراض سوءًا في بعض الحالات وقد تصبح مهددة للحياة. ويعرف ذلك بحمى الضنك الحادة أو حمى الضنك النزفية أو متلازمة صدمة الضنك.

وتحدث حمى الضنك الحادة عندما تتلف الأوعية الدموية ويتسرب منها الدم. وينخفض عدد الخلايا التي تكوّن الجلطة (الصفائح الدموية) في مجرى الدم. ويمكن أن يُسبب ذلك حدوث صدمة ونزيف داخلي وفشل الأعضاء وحتى الموت.

إن المؤشرات التحذيرية لحمى الضنك الحادة، التي تمثل حالة طارئة مهددة للحياة، يمكن أن تتطور بسرعة. وتبدأ المؤشرات التحذيرية عادة في اليوم الأول أو خلال يومين بعد زوال الحمى، وقد تتضمن الألم الشديد في المعدة والقيء المستمر والنزيف من اللثة أو الأنف ووجود دم في البول أو البراز أو القيء والنزيف تحت الجلد الذي قد يشبه الكدمات وصعوبة أو سرعة التنفس والإرهاق وسهولة الاستثارة أو التململ.

15