تقارب الناتو وأوكرانيا تهديد وجودي لموسكو

موسكو تعتبر انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي خطا أحمر وقد أكدت أنها "تتابع عن كثب" قمة فيلنيوس.
الأربعاء 2023/07/12
توسع الناتو تهديد خارجي لروسيا

موسكو -  تراقب موسكو بحذر شديد محاولات كييف المكثفة لضمان الحصول على موافقة على رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفي الوقت الذي لازالت فيه كييف تأمل في تلقّي “رسالة واضحة وإيجابية” من قمة حلف الأطلسي في فيلنيوس بشأن رغبتها بالانضمام للتحالف العسكري الغربي، فإنّ أسوأ كوابيس موسكو قد يصبح حقيقة إذا ما أصبحت أوكرانيا، “الدولة الشقيقة” السابقة عضواً في الحلف.

فمنذ انهيار الاتحاد السوفياتي قبل ربع قرن تقريباً، انضمّت 15 دولة أوروبية إلى حلف شمال الأطلسي، في توسّع رأت فيه روسيا تهديداً وجودياً لدرجة أنّ الكرملين برّر جزئياً غزوه لأوكرانيا في فبراير 2022 برغبته في منعها من الانضمام إلى الحلف الأطلسي.

ومنذ عام 2014 بات توسّع الناتو أحد مصادر “التهديدات الخارجية الرئيسية” في العقيدة العسكرية الروسية، الوثيقة التي تحدّد السياسة الدفاعية للبلاد. وقال الخبير السياسي غورغي بوفت إنّ “نشر البنى التحتية العسكرية للناتو بالقرب من الحدود الروسية يُعتبر في موسكو تهديداً حقيقياً لأمن البلاد”.

وأضاف “بالأمس قصفوا بلغراد، وغداً يقصفون سمولينسك …”، ملخّصاً بذلك تفكير السلطات الروسية. ويشير الخبير بهذا إلى التدخّل العسكري للناتو في يوغوسلافيا عام 1999 والذي صدم موسكو وشكّل نقطة تحول في علاقتها مع الحلف.

ومع ذلك بدأت هذه العلاقة بيد ممدودة، فبعد نهاية الحرب الباردة انضمّت روسيا إلى الشراكة من أجل السلام في 1994 وهي بنية تهدف إلى تطوير التعاون بين دول التكتل الشرقي السابق وحلف شمال الأطلسي.

ii

وبعد ثلاثة عقود، نشر الحلف كتائب عسكرية في ثماني دول من أوروبا الشرقية منها أربع دول تقع على الحدود مع روسيا. والأسوأ هو أنّ روسيا تستحضر بانتظام وعداً قطعه لها الغرب بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، على حدّ قولها، يقضي بعدم توسيع الناتو باتجاه أراضيها.

وإذا كانت حقيقة هذا الوعد موضع خلاف اليوم، فقد جعل منه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حجته. وقال بوتين في ديسمبر 2021 “ولا شبرا واحدا شرقا.. هذا ما قيل لنا في التسعينات. ماذا حصل؟ لقد خدعونا بوقاحة”.

وتعتبر موسكو انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه وقد أكدت أنها “تتابع عن كثب” قمة فيلنيوس. وحتّى لو لم يؤدّ الاجتماع في ليتوانيا إلى انضمام سريع لأوكرانيا فإنّ القمّة “ستتخذ خطوة جديدة نحو انضمام أوكرانيا إلى الناتو”، وفقاً لبوفت.

ويعتبر الخبير أنّه بناء عليه “لم يعد لدى روسيا أيّ سبب لإنهاء عملياتها العسكرية” في أوكرانيا والتي كان الهدف منها أصلاً منع تحقّق هذا السيناريو. ويضيف أنّ “العكس صحيح: طالما استمرت الحرب فلن يتمّ قبول أوكرانيا في الناتو”.

من ناحية أخرى، على السويد أن تنضمّ قريباً إلى الحلف بعد الضوء الأخضر من العضوين الأخيرين اللذين يعرقلان ذلك، المجر وتركيا، المقربين من موسكو. وستحذو بذلك السويد حذو فنلندا التي تم قبولها في الناتو في أبريل، لتضاعف الحدود المشتركة بين الحلف وروسيا والتي باتت تمتد على أكثر من 2500 كيلومتر.

ومن شأن هذا الأمر أن يؤثر على العلاقة بين موسكو وأنقرة، خاصة وأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نجح في نهاية الأسبوع الماضي في إعادة قادة عسكريين أوكرانيين أسرتهم روسيا وتمت مبادلتهم على أن يبقوا في تركيا حتى نهاية الحرب وفقا لاتفاق بين موسكو وكييف.

nn

وأكّدت روسيا أنّ تركيا انتهكت الاتفاق المبرم معها بشأن هؤلاء الأسرى. وأشار المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف الثلاثاء إلى أن أنقرة “أكثر توجّهاً نحو الغرب من روسيا”، داعياً السلطات التركية إلى “نزع نظاراتها الوردية” لأنّ “لا أحد يريد تركيا في أوروبا”. وتبقى مسألة انضمام أوكرانيا إلى الناتو هي الشغل الشاغل لموسكو.

وعلى ما يبدو فقد ساهم في طمأنة موسكو عدم تلقّي كييف دعوة رسمية للانضمام إلى الحلف ولا حتّى إقرار قمة فيلنيوس جدولاً زمنياً محدّداً لذلك، وهو ما ندّد به الرئيس فولوديمير زيلينسكي ووصفه بانه “ضعف” من قبل الناتو.

وسخرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من القمة الثلاثاء ووصفتها بأنها “مشهد فولكلوري”. في المقابل، اتفق قادة حلف شمال الأطلسي في قمة في فيلنيوس، الثلاثاء، على أن مستقبل أوكرانيا يقع داخل الحلف، لكنهم لم يصلوا إلى حد تقديم دعوة لكييف أو إعلان جدول زمني لانضمامها الذي تسعى إليه.

في الوقت نفسه، ألغى الحلف مطلبا من أوكرانيا بالوفاء بما يسمى خطة عمل العضوية، مما يزيل فعليا عقبة كانت في طريق كييف للانضمام إليه. ويقول الحلف إنه سيدعم كييف في مسار الإصلاح، مع قيام وزراء خارجية الناتو بشكل متواتر بتقييم التقدم الذي تحرزه أوكرانيا.

وذكر البيان أن قادة الناتو وافقوا أيضا على تقديم حزمة دعم طويلة الأجل لكييف، وتعميق العلاقات السياسية وتسريع انضمام أوكرانيا بمجرد إصدار دعوة رسمية.

7