مأزق المعارضة المصرية بعد تجاهل مطلبها بضمانات انتخابات الرئاسة

رئيس حزب الإصلاح والتنمية يوجه تساؤلات إلى السيسي حول ضمانات الانتخابات والمخاوف من تعديلات دستورية.
الأحد 2023/07/09
تعديلات دستورية واردة

القاهرة - تجد المعارضة المصرية نفسها في مأزق مع تسارع الحديث عن إجراء انتخابات الرئاسة، قبل نهاية العام الجاري أو بداية العام القادم، من دون أن تحسم موقفها أو تتوافق على مرشح لمنافسة الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، ما دفعها إلى رفع حدة خطابها لتنفيذ ما أسمته “ضمانات الانتخابات".

وأصدر رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات بيانا وجهه مباشرة إلى الرئيس السيسي تضمن تساؤلات حول مصير ضمانات الانتخابات وما بعدها، وتطرق إلى مخاوف من إدخال تعديلات جديدة على الدستور قد تضيف مددا إلى الرئيس، وأعاد تذكير الحكومة بأزمة اقتصادية تسببت فيها وطالبها بالاستماع للمعارضة.

وأدلى المرشح المحتمل للرئاسة أحمد الطنطاوي الرئيس السابق لحزب تيار الكرامة أثناء زيارته إلى حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مؤخرا، وهو الوحيد الذي أعلن انسحابه من الحوار الوطني، بتصريحات قال فيها إن الظروف الحالية تتيح ما أسماه “عمل سياسي بروح ثورية لمواجهة ممارسات السلطة".

لم تستطع أحزاب المعارضة اتخاذ مواقف قوية في مواجهة الحكومة، وخضعت معظمها لرؤيتها الخاصة، لأنها تدرك بأن أيّ موقف متشدد لن يجد خلفية شعبية تسانده، ورأت أن الاستفادة من الهامش المتاح أفضل من البقاء خارج المشهد بشكل نهائي، ما دفع بعض الأحزاب للمشاركة في الحوار الوطني مع وضع ضمانات أو شروط سياسية، وهو ما يمكن أن يتكرر مع انتخابات الرئاسة.

محمد أنور السادات: ضمانات الانتخابات الرئاسية مطلب وطني يتوافق حوله طيف واسع من القوى السياسية
محمد أنور السادات: ضمانات الانتخابات الرئاسية مطلب وطني يتوافق حوله طيف واسع من القوى السياسية

وأشار الطنطاوي، وهو من أبرز قيادات الحركة المدنية الديمقراطية، إلى عزمه الترشح في الانتخابات المقبلة وإن لم تستجب الحكومة للضمانات التي أعلنتها الحركة، وبرر ذلك بتأكيده أن الظرف الحالي مُوات “لإحداث اتصال مباشر بين الجماهير وبين نخبتهم للوصول إلى تأثير حقيقي حده المأمول الفوز بهذه الانتخابات وبناء معارضة مدنية ديمقراطية حقيقية بجبهة واسعة تلتف حول أهداف مشتركة".

تكمن أزمة المعارضة في عدم تبني خيارات على أسس سليمة تتماشى مع ضعف ثقلها في الشارع، كما أن الجنوح في الإعلان عن ضمانات مع افتقارها القدرة على المنافسة يخصم من مصداقيتها، وإن كانت تزيد الضغوط على الحكومة سياسيا.

وقال رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات لـ"العرب" إن ضمانات الانتخابات الرئاسية “مطلب وطني يتوافق حوله طيف واسع من القوى السياسية بما يجعل هناك مشهدا انتخابيا يليق بالدولة المصرية، ويعد من اختصاصات الهيئة الوطنية للانتخابات والحكومة، ولا بد أن يقدم الطرفان رسائل طمأنة للمرشحين، ما ينعكس على توفير سبل الأمان لهم ولمؤيدهم وحملاتهم الانتخابية".

وأضاف أن أهمية الضمانات لا ترتبط فقط بالمعارضة، لكن أيضا بالسلطة التي لا بد أن تكون حريصة عليها لتشجيع المواطنين على المشاركة في الانتخابات، بما يخلق شرعية تساعد الرئيس المنتخب على تنفيذ برنامجه وخططه، وأن المواطنين في هذه الانتخابات من المهم أن يشعروا بجدوى أصواتهم. وتحدثت الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم في عضويتها أحزاب معارضة وشخصيات عامة عن ضمانات للحد الأدنى للحصول على انتخابات حرة ونزيهة.

وعلى رأس الضمانات حياد مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام ومنح كافة المرشحين مساحات متساوية لعرض أفكارهم وبرامجهم، ويكون الحد الأقصى للإنفاق الانتخابي محددا بالقانون، والإشراف القضائي، وفرز الأصوات داخل اللجان أمام مندوبي المرشحين دون نقلها إلى أماكن أخرى للفرز تسهل التلاعب فيها.

وأوضح السادات لـ"العرب" أن حديثه عن إمكانية تعديل الدستور مجددا يرجع إلى كونه يستهدف توسيع قاعدة الضمانات بما يجعل الدستور محصنًا ضد أيّ محاولات للتعديل من جانب الفائز من المرشحين، والتأكيد على المدد المنصوص عليها حاليا وعدم المساس بها مهما كانت المغريات، ليكون ذلك التزاما على جميع المرشحين.

وتضمنت التعديلات الدستورية التي جرى إدخالها عام 2019 تعديلاً على المادة 140 ومدّ مدة رئيس الجمهورية إلى 6 سنوات بدلاً من 4 ولفترتين متتاليتين فقط والتطبيق الفوري المباشر لتتم إضافة عامين إلى الرئيس السيسي الذي بدأ ولايته الثانية عام 2018، مع منحه الحق في إعادة انتخابه لمرة تالية في ضوء المادة المعدلة.

ولم يحدد حتى الآن موعد نهائي لإجراء الانتخابات، غير أن انعقاد أول اجتماعات الهيئة الوطنية للانتخابات الأربعاء يشي بأنها قد تجرى قبل نهاية العام الجاري. وتضمن الاجتماع استكمال مجلس إدارة الهيئة والجهاز التنفيذي الدائم لها، وقررت الهيئة الاستمرار في إجراءات تنقيح قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها.

◙ السلطة المصرية جادة في مسألة الإشراف القضائي على الانتخابات وأن انعقاد الهيئة الوطنية أولى الخطوات نحو إدخال تعديلات على قانون تنظيمها

وتنص المادة 34 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات على وجوب الإشراف القضائي على الفرز وإعلان النتائج لمدة عشر سنوات بداية منذ إقرار الدستور في يناير 2014 لينتهي العمل بها في يناير2024.

وتريد المعارضة الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، حسب ما خرج من توصيات مجلس أمناء الحوار الوطني مبكرا، الأمر الذي رحب به الرئيس السيسي ووجه الحكومة لاتخاذ اللازم قانونا لإقراره. ويرى معارضون بأن السلطة المصرية جادة في مسألة الإشراف القضائي على الانتخابات، وأن انعقاد الهيئة الوطنية أولى الخطوات نحو إدخال تعديلات على قانون تنظيمها، وأن الوقت مازال مبكراً للتعرف على نوايا السلطة الحقيقية.

وأوضح النائب الأول لرئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (معارض) إيهاب الخراط أن أوراق الضغط التي تمتلكها المعارضة تتمثل في تمسّكها بمبادئها ومواقفها السياسية، والتعويل على إدراك النظام عدم رضاء وإحباط المواطنين من استمرار التضييق على الحريات العامة وسدّ منافذ عديدة في المجال السياسي العام.

وأكد في تصريح لـ"العرب" أن أسلوب الضغط يتمثل أيضا في اتفاق أطياف واسعة من المتمسكين بالحريات السياسية والمدنية على مرشّح واحد لدعمه في الانتخابات المقبلة دون الوقوع في فخ وجود مرشحين يكملون عملية انتخابية قد لا تكون جادة، ودعم مسألة إعادة إحياء جبهة تحالف 30 يونيو بشكل حقيقي واحترام جميع القوى.

ولم تتفق الحركة المدنية على مرشح واحد للانتخابات حتى الآن وتواجه خلافات بين التيارات السياسية المنضوية فيها، ولم تتوافق على دعم أحمد الطنطاوي وتلمّح بين الحين والآخر إلى إمكانية دعم مرشح من خارجها في الانتخابات.

4