طفرة جينية تزيد في تقدّم حالة المصابين بالتصلّب اللويحي

الاكتشاف يمهد الطريق لمجال جديد من الأبحاث.
السبت 2023/07/01
الأدوية الراهنة تعمل على تحسين الأعراض لا معالجة المرض

توصل باحثون من جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة إلى اكتشاف طفرة جينية تسرّع تطور مرض التصلب اللويحي إلى مرحلة يصبح فيها المريض مضطرا لاستخدام جهاز للمساعدة على المشي. وهذه الطفرة مرتبطة بتقدم أسرع للمرض، وهي تطال جينين هما “دي واي أس أف” الذي يلعب دوراً في إعادة بناء الخلايا المتضررة و“زي أن أف 638” الذي يساعد في السيطرة على العدوى الفايروسية.

باريس - يشهد المرضى المصابون بالتصلّب اللويحي تدهوراً في حالاتهم بشكل أسرع عندما تكون لديهم طفرة جينية معينة، على ما بيّنت دراسة نُشرت مؤخرا في مجلة “نيتشر”، في نتيجة يُحتمل أن تمهّد الطريق لمجال جديد من الأبحاث العلاجية.

وقال المشارك في إعداد الدراسة الباحث وطبيب الأعصاب سيرجيو بارانزيني من جامعة كاليفورنيا، في بيان، “في حين أنّ هذه الطفرة الجينية متأتية من الوالدين، هي تُسرّع بنحو أربع سنوات المرحلة التي يُصبح فيها المريض مُضطراً لاستخدام جهاز للمساعدة على المشي”.

والتصلب اللويحي مرض عصبي واسع الانتشار نسبياً (نحو ثلاثة ملايين مريض في مختلف أنحاء العالم)، يتسبب بخلل في التنظيم المناعي الذي يبدأ بمهاجمة امتداد للخلايا العصبية هو المحور العصبي، مع ما يحمله من نتائج سلبية أبرزها الاضطرابات الحركية.

ودرس معدوّ الدراسة الجديدة، وهم مجموعة كبيرة من الباحثين المتحدرين من سبعين دولة، الجين الخاص بـ12 ألف مريض لتحديد الطفرات الجينية التي يُحتمل أن تُسجّل ودراسة ما مدى ارتباطها بسرعة تقدّم المرض.

الطفرة الجينية متأتية من الوالدين، وهي تسرّع مرحلة ضطرار المريض استخدام جهاز للمساعدة على المشي

وتبيّن أنّ إحدى هذه الطفرات مرتبطة بتقدم أسرع للمرض، وهي تطال جينين هما “دي واي أس أف” الذي يلعب دوراً في إعادة بناء الخلايا المتضررة و”زي أن أف 638″ الذي يساعد في السيطرة على العدوى الفايروسية.

ومن النقاط المهمة هو أنّ نشاط هذين الجينين يتركز في الدماغ والحبل الشوكي، لكن في الوقت الراهن لا تركز الأبحاث العلاجية على هذا المجال بل على الجهاز المناعي.

ولم يجر التوصل بعد إلى معالجة نهائية لهذا المرض أو حتى علاج يُبطئ تقدّمه، فالأدوية الراهنة تعمل على تحسين أعراض معينة لا معالجة المشكلة الأساسية.

وأكدت طبيبة الأعصاب روث دوبسون التي لم تشارك في الدراسة أنّ اكتشاف هذه الطفرة يفتح “مجالاً جديداً محتملاً لعلاج” يركز على الدماغ والحبل الشوكي.

وأشارت لوكالة فرانس برس إلى أن هذا الهدف لا يزال بعيد المنال، لافتة إلى أنه يثير “حماسة كبيرة” لدى الباحثين المتخصصين في مرض التصلب اللويحي.

والتصلب المتعدد مرض يحتمل أن يسبب إعاقة الدماغ والحبل النخاعي (الجهاز العصبي المركزي)،وفق خبراء “مايو كلينيك”.

وعند الإصابة بمرض التصلب اللويحي يهاجم الجهاز المناعي غمد الحماية (المايلين) الذي يغطي الألياف العصبية، ويسبب مشكلات في الاتصال بين الدماغ وبقية الجسم. وفي النهاية، يمكن أن يسبب المرض تلفًا أو تدهورًا دائمًا في الألياف العصبية.

وبحسب الخبراء، تختلف مؤشرات التصلب المتعدد وأعراضه اختلافًا كبيرًا من مريض إلى آخر بناءً على موضع تلف الألياف العصبية وشدته في الجهاز العصبي المركزي. وقد يفقد بعض المصابين بالتصلب اللويحي الشديد القدرة على المشي وحدهم أو المشي عمومًا. أما البعض الآخر فقد يمرون بفترات تعافٍ طويلة دون ظهور أيّ أعراض جديدة وذلك بناءً على نوع التصلب المتعدد لديهم.

ولا يتوفر علاج شافٍ للتصلب المتعدد. لكن هناك علاجات تساعد في سرعة التعافي من نوباته وتعديل مسار المرض والسيطرة على أعراضه.

وقد تختلف مؤشرات التصلب المتعدد وأعراضه اختلافًا كبيرًا من شخص إلى آخر وخلال فترة المرض تبعًا لمكان الألياف العصبية المصابة.

وتشمل الأعراض الشائعة:

• خدَرا أو ضعفا في واحد أو أكثر من أطراف الجسم عادة ما يظهر على أحد جانبي الجسم في المرة الواحدة.
• الوخز.
• أحاسيس مشابهة للصدمة الكهربائية تصاحب حركات معينة للرقبة، وخصوصًا انحناء الرقبة للأمام (علامة ليرميت).
• ضعف التوازن.
•المشية المترنحة أو عدم القدرة على المشي.
• فقدانا جزئيّا أو كليّا للإبصار، عادةً في عين واحدة في المرة الواحدة، وغالبًا يصاحبه شعور بالألم أثناء حركة العين.
• رؤية مزدوجة لمدة طويلة.
• ضبابية الرؤية.
• مشكلات إدراكية.
• اضطرابات مزاجية.

الأدوية تعمل على تحسين الأعراض لا معالجة المشكلة الأساسية
التصلب اللويحي يحدث في أي مرحلة عمرية، لكنه يحدث غالبًا في الفترة بين 20 و40 عامًا

ويتخذ مسار مرض التصلب اللويحي لدى معظم المصابين به النمط الناكس الهاجع، حيث يمرون بفترات من الأعراض الجديدة أو الانتكاسات التي تظهر على مدار أيام أو أسابيع وعادةً ما تتحسن تلك الأعراض والانتكاسات كليًّا أو جزئيًّا. ويلي تلك الانتكاسات فترات ساكنة من هَدْأَة المرض التي يمكن أن تستمر لأشهر أو حتى لسنوات.

ويمكن أن تؤدي بعض الزيادات الطفيفة في درجة حرارة الجسم إلى تفاقم أعراض وعلامات التصلب المتعدد بشكل مؤقت. لكنها تكون انتكاسات كاذبة وليست انتكاسات فعلية.

ويتطور الأمر لدى 20 إلى 40 في المئة على الأقل من المصابين بالتصلب المتعدد من النوع الناكس الهاجع فيصابون بتدهور منتظم للأعراض، مع أو من دون فترات هَدْأَة، خلال فترة 10 أعوام إلى 20 عامًا من بداية المرض. وهذا ما يُطلق عليه التصلب اللويحي المتفاقم الثانوي.

ويتضمن تفاقم الأعراض عادةً مشكلات في التحرك والمشي. ويختلف معدل تطور المرض كثيرا ما بين الأشخاص المصابين بالتصلب اللويحي الانتكاسي – السكوني.

ويمر بعض الأشخاص المصابين بالتصلب اللويحي أولاً ببداية تدريجية ثم تطور مُطرد للعلامات والأعراض دون حدوث أيّ انتكاسات، ويُعرف باسم التصلب اللويحي التطوري البدئي.

ويؤكد خبراء “مايو كلينيك” أنه لا يعرف سبب مُحدد للإصابة بالتصلب المتعدد. لكنه يعتبر مرضًا ذا وساطة مناعية يهاجم فيه الجهاز المناعي للجسم أنسجته. وفي حالة التصلب اللويحي، يؤدي هذا الخلل المناعي إلى تدمير المواد الدهنية التي تغطي الألياف العصبية في الدماغ والحبل النخاعي (الميالين).

عند الإصابة بمرض التصلب اللويحي يهاجم الجهاز المناعي غمد الحماية (المايلين) الذي يغطي الألياف العصبية، ويسبب مشكلات في الاتصال بين الدماغ وبقية الجسم

وتُشبِه مادةُ الميالين المادةَ العازلة التي تغطي الأسلاك الكهربائية. وعند تلف طبقة الميالين الواقية وانكشاف الألياف العصبية، قد يبطؤ وصول الرسائل العصبية التي تنتقل عبر هذه الألياف العصبية أو تُحجب كليًا.

ومن غير الواضح السبب وراء إصابة بعض الأشخاص بمرض التصلب اللويحي وعدم إصابة آخرين به. ويبدو أن هناكَ تركيبة من العوامل الوراثية والبيئية مسؤولة عن هذا الأمر.

ويمكن أن يحدث التصلب اللويحي في أي مرحلة عمرية، لكنه يحدث غالبًا في الفترة بين 20 و40 عامًا. لكنه مع ذلك قد يصيب الأشخاص الأصغر أو الأكبر سنًا.

وترتفع نسبة إصابة النساء بالتصلب المتعدد الناكس الهاجع بمقدار مرتين إلى ثلاث مرات مقارنةً بالرجال.

وإذا كان أحد الوالدين أو الإخوَة مصابًا بمرض التصلُّب المتعدِّد، فإنك أكثر عرضةً للإصابة بهذا المرض.

وترتبط مجموعة متنوِّعة من الفايروسات بمرض التصلُّب المتعدِّد، بما في ذلك فايروس إبشتاين – بار، وهو الفايروس الذي يُسبِّب كريات الدم البيضاء المُعدية.

ويزداد خطر الإصابة بمرض التصلُّب اللويحي بين الأشخاص ذوي البشرة البيضاء، وتحديدًا أولئك المنحدِرِون من أوروبا الشمالية. والأشخاص ذوو الأصول الآسيوية أو الأفريقية أو الأميركية الأصلية أقل عرضةً للإصابة بالمرض.

15