المواطن ذكاء اصطناعي

الذكاء الاصطناعي علاج اقتصادي لشيخوخة المجتمع.
الخميس 2023/06/22
الإنقاذ قادم من الذكاء الاصطناعي

هل تذكرون اليابان؟ هذا البلد الذي كان نموذجا للتقدم التقني والصناعي. كان بلدا يضرب به المثل. لا يزال بالطبع من الدول الكبرى. اليابان لا تزال بالمرتبة الثالثة، بعد الولايات المتحدة والصين. لكن وضع البلاد تراجع لصالح قوى عالمية أخرى لدرجة أن أول ما يأتي في الذهن حين الحديث عن الاقتصادات الكبرى هو الصين وكوريا الجنوبية ومؤخرا الهند. حتى ألمانيا وفرنسا لم تعودا من النجوم الاقتصادية اللامعة. بريطانيا تبقى بلد الحيرة والمصير.

لا شك أن الصناعات اليابانية الثقيلة، وخصوصا صناعة السيارات، في مقدمة الأسس الاقتصادية التي سمحت لليابان بالبقاء في مرتبة متقدمة. لكن الشركات اليابانية وقعت بأخطاء قاتلة أفقدتها الكثير من مكانتها العالمية. بعض من هذه الشركات اختفى تماما.

أذكر كيف تلاشت مكانة شركات مثل سوني وباناسونيك وجي في سي. لم ينتبه القائمون على هذه الشركات لأهمية الثورة الرقمية. أصروا على أن الأجهزة الصوتية والتلفزيونات يمكن أن تستمر بتطوير تقنيات السبعينات، وليس التقنيات الرقمية. عندما انتبهوا إلى المتغيرات، كان تلفزيون سامسونغ الكوري قد أزاح سوني وغير سوني من ساحة التنافس. وذهبت بعض الشركات إلى فكرة استثمار جهد الآخرين، فتحولت سوني إلى منتجة أفلام هوليوود أو مصنعة هواتف تحاول أن تنافس أبل أو سامسونغ أو هواوي. أفلام هوليوود بقيت أفلاما أميركية، واختفى هاتف سوني المحمول.

و”زاد الطين بلة” أن هرم المجتمع الياباني. اليابانيون معمرون، والمجتمع يشيخ وعدد الشباب في تراجع. هذا بلد في أمسّ الحاجة إلى الدماء الشابة، لكنه لأسباب ثقافية، ومنها اللغة والعادات وحتى الأكل، لم يستطع استقطاب مهاجرين يسدون النقص في الأيدي العاملة والعقول المفكرة. لديّ صديق أوروبي عمل في مختبر الاندماج النووي الياباني لبضع سنوات، غادر وهو يقول “يا فكيك”.

هيديكي موراي، المستشار الخاص لرئيس الوزراء الياباني وقائد الفريق الحكومي حول إستراتيجية الذكاء الاصطناعي، يقول إن الإنقاذ قادم من الذكاء الاصطناعي. لم يتردد في مقارنة تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة بالثورة الصناعية والمحرك البخاري. لكن هذا كلام يقوله الجميع. المختلف، هو أن موراي يقول إن الذكاء الاصطناعي علاج اقتصادي لشيخوخة المجتمع. ما ينقص من أيد عاملة وعقول مبتكرة، يمكن أن تعوضه هذه التقنية.

كيف سيتم ذلك، أو لماذا سيكون بوسع اليابان الاستفادة من الذكاء الاصطناعي أكثر من الدول الأخرى، هما سؤالان ينتظران الإجابة أو التفسير. لكن تصريحات موراي قد تكون الأولى من نوعها التي لا تتحدث عن توفير أو تعويض الأيدي العاملة أو التكاليف، بل عن سد الثغرة في عدد البشر القادر على العمل وتوفير ما يعادل الطاقات البشرية الشابة. هذه خطوة خطيرة في النظر إلى الأمر من باب الاستعاضة، وحصر الأمر بتقنية تتشبه بالبشر لتعوض البشر.

المواطنون في اليابان على هذه الحسبة ذكور وإناث وذكاء اصطناعي.

18