قصر فرساي يفتح الجناح الخاص بالملكة ماري أنطوانيت للزوار

فرساي يحتفل بالذكرى المئوية الرابعة لتأسيسه.
الثلاثاء 2023/06/20
جناح الأسرار

ظلت الروايات تحوم حول الملكة ماري أنطوانيت، آخر الملكات اللاتي حكمن فرنسا، حتى قررت إدارة قصر فرساي فتح الجناح الخاص بهذه الملكة التي عُرفت بالبذخ والترف والإسراف بينما الشعب يراقبها وهو متحسر وغاضب وفي حالة غليان.

باريس - سيتيح قصر فرساي الذي يحتفل هذه السنة بالذكرى المئوية الرابعة لتأسيسه، للعامّة في 27 يونيو زيارة الجناح الخاص بالملكة ماري أنطوانيت، وهو من أكثر مساحات القصر السرية والراقية.

ويعتبر القصر أحد أروع المباني التاريخية في العالم، حيث كان مقر إقامة الملوك والملكات الفرنسيين، وله تاريخ ثري أسر الزوار لقرون.

ويوجد ممر سري تم بناؤه في عهد الملك لويس الرابع عشر كان يستخدمه الملك وعشيقاته للهروب من القصر دون أن يلاحظه أحد. ويقال أيضا إن الممر كان مفيدا خلال الثورة الفرنسية وكان يستخدم لتهريب الناس خارج القصر.

والملكة ماري أنطوانيت هي آخر الملكات اللاتي حكمن فرنسا وعُرفت بالبذخ والترف والإسراف بينما الشعب يراقبها بحسرة وغضب وغليان، وهي في الأصل ماريّا أنطونيا جوزيفا جوهانا من النمسا. ولدت العام 1755 في النمسا وزُوِّجت لوليّ العهد الفرنسي لويس السادس عشر وهي في الرابعة عشرة من عمرها، في محاولة لإنهاء الحرب التي كانت قائمة آنذاك بين فرنسا والنمسا.

وقد أطلقت عليها عدة ألقاب في فترة حكمها مثل “ملكة الفقر والأناقة” و”جمل جميلات القرن الـ18”، و”سيدة العجز الاقتصادي”، وتُعدّ من بين الشخصيات الأكثر اعتبارا ورمزية في تاريخ قصر فرساي.

وكانت تقصد هذا “الملجأ” المكرّس لخصوصيتها بعيداً عن الحشود، قبل أن تُعتقل خلال الثورة الفرنسية.

وخضع الجناح الذي كانت الملكة تستريح فيه وتستقبل أبناءها ومجموعة مقربة من أصدقائها، للتجديد بعد عشر سنوات من البحوث وأعمال الترميم، ولم تتم إتاحته للعامة بعد في صيغته الجديدة.

وقالت مديرة قصر فرساي كاترين بيغار إنّ هذه القاعات المُجَدّدة توفّر “فهماً جديداً للتاريخ مع التباين بين الحياة العامة للملكة وحياتها الخاصة، بالإضافة إلى آداب السلوك وعلاقاتها الشخصية، في ما يشكّل خلاصة مذهلة للتاريخ في بضعة أمتار مربعة”.

ويتمثل العالم الخفي للملكة ماري أنطوانيت في غرف ومضافة خاصة ومكتبة وغرفة للبليار، بالإضافة إلى مجموعة من الغرف حجمها صغير وممتدة على طبقتين مع حجم إجمالي يبلغ نحو مئة متر مربع، ونواد تطل على ساحات داخلية صغيرة.

ويظهر أسلوب حياة الملكة من خلال أعمال خشبية وتقنية التذهيب وأقمشة قطنية مطبّعة بالورود وستائر حريرية مُطرزة بأسلوب فاخر وقطع من الأثاث وأعمال فنية ولوحات ثمينة.

وكان لديها مسرحها الخاص الذي يقع داخل بيتي تريانون وتم بناؤه داخل القصر والذي استخدمته لتقديم المسرحيات والعروض الموسيقية لأقرب أصدقائها وعائلتها.

فرساي يفتح سرداب أسراره للزوار
فرساي يفتح سرداب أسراره للزوار

وقد كثرت الحكايات التي رويت عنها، من ذلك مقولتها “إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء، دعهم يأكلون كعكًا” التي وردت في المصادر الفرنسية
بشكل أدق تحت عنوان “دعهم يأكلون البريوش”، وقيل إن هذه الكلمات ارتبطت بالملكة ماري أنطوانيت عندما علمت بانتشار المجاعة وتفشي الفقر بين الفرنسيين وعدم قدرتهم على شراء الخبز.

وخلال السنوات التي سبقت اندلاع الثورة الفرنسية، كسبت الملكة ماري أنطوانيت سمعة سيئة بكامل أرجاء فرنسا، حيث وجهت إليها العديد من التهم التي تراوحت بين الخيانة الزوجية وإهدار المال العام، واتهامها بالتعاطف مع أعداء فرنسا وعلى رأسهم النمسا، موطنها الأصلي.

وفي خضم الفترة التي شهدت تزايد الغضب الشعبي على سياسة الملك لويس السادس عشر، اتهم الفرنسيون الملكة ماري أنطوانيت بإقامة علاقات غير شرعية مع أميرة لومبال والكونت السويدي أكسل دي وتجاهل معاناة الشعب من الجوع وإنفاق مبالغ طائلة في حياة البذخ ولعب القمار.

وفي يونيو 2020 أعلنت هيئة المحفوظات الوطنية الفرنسية أن باحثين نجحوا بفضل تقنيات علمية متطورة في تفكيك رموز بعض الأسطر من الرسائل الغرامية التي تبادلتها سراً الملكة ماري أنطوانيت مع الكونت السويدي والتي تمت كتابتها بطريقة غامضة للحيلولة دون قراءتها.

وجاءت فضيحة القلادة ما بين عامي 1785 و1786 لتزيد الطين بلّة، حيث ذهل الفرنسيون عند سماعهم خبر إقدام الملكة ماري أنطوانيت على شراء قلادة بلغ ثمنها رقما خياليا لتتحول الملكة على إثر ذلك إلى العدو الأول للشعب الفرنسي، وتنعت بأقبح الألفاظ على الرغم من ثبوت براءتها لاحقا من القصة بأكملها.

وقد أدى ذلك إلى تزايد الكره الشعبي للملكة التي لم يتردد كثيرون في تلقيبها بالأجنبية والنمساوية نسبة إلى أصولها.

وعقب سقوط الباستيل يوم 14 يوليو 1789 وقيام الجمهورية عام 1792، بعد اندلاع الثورة الفرنسية، قدمت كل التهم الموجهة للملكة ماري أنطوانيت، وسيقت إلى ساحة الإعدام، حيث أعدمت يوم 16 أكتوبر 1793.

18