مؤشرات التهدئة تسبق افتتاح الجلسة الأولى للبرلمان الكويتي

الكويت- سيلتئم في الكويت مجلس الأمة (البرلمان) الجديد غدا (الثلاثاء) وسط توقعات بمرحلة من التهدئة والتسويات بين الحكومة والنواب، أملا في تجاوز الظروف التي أدت إلى إبطال عمل المجلس عدة مرات، بشكل أضحى شبيها بالقاعدة.
ويفتتح نائب الأمير وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الجلسة الأولى في دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي السابع عشر للمجلس، قبل أن تنتظم بداية الأعمال حيث يشكل انتخاب رئيس المجلس ونائبه المهمة الأولى للجلسة التي سيرأسها أكبر الأعضاء سنا وهو فهد الحبيني.
ويشار إلى أن اللغة الهادئة التي تسم معظم تصريحات النواب الجدد في مجلس الأمة الكويتي، توحي بوجود توافقات مسبقة على التهدئة ونزع فتائل التوترات بين نواب المعارضة الذين عادوا ليحتلوا أغلبية المقاعد وبين الحكومة التي كلف الشيخ أحمد النواف بإعادة تشكيلها.
◙ المضايقات التي يمكن أن يشكلها النواب المعارضون تظل مؤثرة إذا طالبوا، كما جرت العادة، بإجراء استجوابات
وصدر الأحد مرسوم أميري يقضي بتشكيل الحكومة الجديدة، برئاسة الشيخ أحمد النواف، وتضم 15 وزيرا.
ويتفق معظم النواب على أن هناك حاجة إلى إتاحة الفرصة للتعايش بين الطرفين، لما يقرب من عام على الأقل، قبل أن تبدأ “فواتير الحساب” تطغى على العلاقات.
والمرشح الوحيد لمنصب الرئاسة هو رئيس المجلس السابق (المبطل لعام 2022) أحمد السعدون. ويُعتقد أن ترشيحه وإعادة تكليف أحمد النواف يستندان إلى صفقة واحدة قائمة على ضمانات بأن المجلس الجديد لن يتصرف كحجر عثرة أمام الحكومة.
وتشير التقديرات إلى أن السعدون حظي مسبقا بدعم أغلبية تكفيه للفوز بالأغلبية المطلقة، ولهذا السبب فإن منافسه رئيس المجلس السابق مرزوق الغانم امتنع حتى الآن عن طرح اسمه للمنافسة، لكي لا يبدو وكأنه مستعد للدخول في دائرة صراع، لاسيما وأن موقفه من سياسات حكومة أحمد النواف السابقة يضعه في صف المعارضين.
وعلى الرغم من أنه لم يتم الإعلان عن تشكيل الحكومة، وسط مساعي لضم بعض النواب إليها، إلا أنها لا تتخوّف بالضرورة من وجود أغلبية معارضة. فالدستور يجعل أعضاء الحكومة غير المنتخبين جزءا من تعداد المجلس بحكم وظائفهم، على ألّا يزيد عددهم عن ثلث عدد أعضاء المجلس الخمسين. وهو ما يعني أن الأغلبية ستكون مضمونة باستمرار للحكومة. غير أن المضايقات التي يمكن أن يشكلها النواب المعارضون تظل مؤثرة إذا طالبوا، كما جرت العادة، بإجراء استجوابات للوزراء أو لرئيس الحكومة، فيكون الأمر بمثابة إشارة إلى بداية معركة لحل البرلمان من جديد.
ويقول مراقبون إن الحكومة عادة ما تُبنى على أساس تركيبة المجلس؛ من ناحية لكي يتم استقطاب بعض النواب إلى عضويتها، ومن ناحية أخرى لتحقيق التوازن في التمثيل القبلي والسياسي.
ونفى عدد من النواب ما تردد عن دخولهم في التشكيل الحكومي، حيث أكد النائب مرزوق الحبيني أنه “غير صحيح ما يثار عن دخولي الحكومة، ومستمر في ترشحي لمنصب نائب رئيس مجلس الأمة. ورسالتي إلى الجميع (تفيد) بأن الكويت ووحدتها الوطنية أهم من الأشخاص والمناصب الزائلة”.
كما نفى النائب فهد المسعود دخوله التشكيل الحكومي المرتقب، وقال “أرى نفسي ممثلاً للأمة، مراقباً ومشرعاً، ولا نية لي بتولّي أي حقيبة وزارية”.
ومن المنتظر أن تنهي اللجنة التنسيقية أعمالها بالإعلان عن تشكيل اللجان الفرعية للمجلس، وتم الانتهاء من الكثير منها بالفعل على أساس التصويت بالتزكية، ما عدا لجان الداخلية والدفاع والصحة والتعليم، لأن عدد النواب الذين أبدوا رغبة في الانضمام إليها يفوق عدد أعضائها، وذلك بالنظر إلى أهميتها من ناحية مراقبة الإنفاق الحكومي.
ودعت الدكتورة جنان بوشهري، النائب في مجلس الأمة الكويتي والمرأة الوحيدة في المجلس، رئيس الحكومة المكلف الشيخ أحمد النواف إلى أن “يضع في الاعتبار خلال اختيار فريقه أسباب فشل الحكومة الأولى، وتصدع الحكومة الثانية، وانهيارها في مجلس الأمة المبطل السابق، فالدولة أمام استحقاقات مصيرية لا تحتمل سقوطاً آخر، والمواطنون أمام تطلعات لن تقبل التأخير والتسويف”.
وقالت بوشهري “يجب ألا يغيب عن سموه أهمية تفعيل قانون تعارض المصالح نصًّا وروحا، تجاه أعضاء الحكومة المرشحين قبل أن يصدر مرسوم التشكيل الوزاري، مطمئنًّا لنظافة يدهم ونزاهتهم، وكفاءتهم السياسية والفنية لخدمة الوطن والمواطنين”.
ودعا النائب أحمد لاري النواب إلى فتح صفحة جديدة، والعمل من أجل الاستقرار السياسي، مطالباً الحكومة الجديدة بالتعاون مع النواب وأولوياتهم لتحقيق الإنجازات التي طال انتظارها من الشعب لتحسين المستوى المعيشي وتحقيق التنمية المستدامة للدولة.
اقرأ أيضا:
وطلب النائب سعود العصفور من رئيس الحكومة “أن يأتي بتشكيلة حكومية قوية وقادرة على التعامل مع المجلس المنتخَب، بحيث يشكل فريق عمل بخطة ورؤية واضحة، وقادرة على تحقيق بعض المُنجزات التي يلمسها الشعب، مع ضرورة التفاهم مع مجلس الأمة حول أولوية القضايا المطروحة بشكل يضمن المزيد من التعاون”.
ويلاحظ المراقبون أن النواب الذين دعوا الحكومة إلى “قراءة نتائج الانتخابات” -في تلميح إلى أصوات المعارضين فيه- بعثوا على مشارف افتتاح المجلس رسائل طمأنة تشير إلى أنهم لا يريدون “شد الحبل” مع الحكومة، إلا أنهم يضعون خارطة للأولويات التشريعية في المرحلة المقبلة، على رأسها تعديل قانون “المحكمة الدستورية” وإنشاء “المفوضية العليا للانتخابات”.
ويمثل الاستقرار السياسي هدفا مشتركا، لاسيما مع توارد العديد من المؤشرات على تراجع النمو الاقتصادي في البلاد وتخلفها عن معدلات النمو مقارنة بدول الجوار الخليجية.
ولكن الشغل الشاغل بالنسبة إلى الطرفين هو ما إذا كانت الحكومة الجديدة قادرة على أن تقدم برنامج عمل لا تخترقه مؤشرات فساد، ويجرؤ الوزراء المسؤولون على تقديم إجابات شفافة عن التساؤلات المتعلقة بأعمال وزاراتهم.