توسع دائرة المشمولين بالفقر في الأردن والمعونات لا تحسب بشكل صحيح

عمان- يعاني الأردن، وهو أحد أبرز بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على المساعدات، من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة، وزادت من نسب الفقر، خاصة أن المساعدات الدولية لا تحسب بشكل صحيح حين توزيعها على الفئات المحتاجة.
ويعتمد البنك الدولي والأردن خوارزمية “معيبة” لحساب المساعدات لمواطني المملكة، بما يستثني بعض الأشخاص الذين يعانون من الفقر أو الجوع أو الذين يكافحون بطرق غير تقليدية، في ظل توسع دائرة المتضررين من الأزمة الاقتصادية لتطال فئات جديدة كانت مصنفة سابقة غير محتاجة.
وفشل البرنامج الآلي الذي يضعه البنك والحكومة الأردنية الذي يُعرف بـ”استهداف الفقر”، في وضع تصنيف دقيق للأسر الأردنية حسب أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية.
وقال تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن هذا التصنيف يستبعد بعض المحتاجين (مثل أصحاب الأعمال المتواضعة) ما يوسع دائرة الفقر في بلد يبلغ عدد سكانه 10 ملايين مواطن.
وقال آموس توه وهو باحث أول في مجال التكنولوجيا وحقوق الإنسان في المنظمة، إن الكثيرين “في الأردن لا يتلقون الدعم المالي لأن معاناتهم لا تتناسب مع النموذج الخوارزمي الصارم الذي يحدد ماهية الفقر”.
وقال أحد الأردنيين، الذي لم يعتمد سوى اسم أبوليث، إنه من بين أولئك الذين انقطعت عنهم المساعدات بشكل خاطئ.
وذكر الأب البالغ من العمر 48 عاما لثلاثة أبناء وثلاث بنات أنه يعيل أمه الأرملة واثنين من أشقائه وأخته، بالإضافة إلى محاولته مساعدة أسرة أخته المتوفاة. ولم يكمل دراسته الثانوية وعمل في قطاع البناء لكن دخله لا يكفي لإعالة الأسرة بأكملها في الرمثا، الواقعة على بعد حوالي 90 كيلومترا شمال عمّان.
وقال أبوليث إنه سجل في منصة التكافل في 2019 وتلقى 280 دينارا (حوالي 400 دولار) كل ثلاثة أشهر ابتداءً من أكتوبر 2019. ثم زار فريق من الحكومة منزله وقطع الدعم عنه في أبريل 2022. وقال في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس إنه اعترض على القرار المُتّخذ ضده لكن دون جدوى.
وتابع “أخبرنا فريق الإحصاء العام أن وضعنا المعيشي جيد، وأن هناك عائلات أفقر منا”. وطلب حجب اسمه لأنه يستأنف القرار.
وقال “نحن عمال صغار”، مشيرا إلى أنه يكسب الآن نحو 200 دينار (حوالي 280 دولارا) في الشهر، ولا يمتلك سيارة ولا يستطيع تلبية احتياجات أسرته الأساسية.
وأضاف “كانت المساعدة المالية مهمة جدا بالنسبة إلينا وقد أعانتنا”.
◙ تقرير البنك الدولي يقول إن نسبة الفقر في الأردن ارتفعت من 14 في المئة سنة 2010 إلى 16 في المئة سنة 2019
وتواجه المملكة الهاشمية، التي احتفلت بزفاف ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله الثاني هذا الشهر، فقرا متزايدا أيضا. وقال البنك الدولي إن معدل الفقر في الأردن (نسبة الذين ليس لديهم ما يكفي من المال لتلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والملبس والمأوى) ارتفع من 14 في المئة سنة 2010 إلى ما يقرب من 16 في المئة سنة 2019.
ويكسب جل الأردنيين، بمن في ذلك أولئك الذين يعيشون فوق خط الفقر، أقل من ألف دولار في الشهر. كما أن المملكة أصبحت موطنا لحوالي 1.5 مليون لاجئ، معظمهم من جارتها سوريا.
وقيل إن صندوق المعونة الوطنية الأردني “تكافل” يقيِّم ما إذا كان مقدمو طلبات المساعدة يستوفون المعايير الأساسية للبرنامج، مثل ما إذا كان رب العائلة مواطنا أردنيا وما إذا كانت الأسرة تعيش تحت خط الفقر.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الصندوق يطبّق بعد ذلك الخوارزمية التي تعتمد 57 مؤشرا اجتماعيا واقتصاديا لتقدير دخل العائلات وتصنيفها. وأضافت أن العائلات التي تمتلك سيارات عمرها أقل من خمس سنوات أو مشاريع بقيمة 3 آلاف دينار على الأقل (حوالي 4200 دولار) تُستبعد تلقائيا.
وترى المنظمة أن هذه العملية “تحرض الأسر ضد بعضها للحصول على الدعم، وتغذي التوتر الاجتماعي والشعور بالظلم”.
ونقل التقرير عن صاحب محل خياطة صغير في وسط البلد في عمّان شكوكه في أن عمله كان سببا محتملا لعدم تلقيه الدعم، رغم الخسائر التي تكبدها خلال الوباء والتي أجبرته على الاقتراض لتغطية فواتير الكهرباء ودفع الإيجار والاحتياجات الأساسية الأخرى.
وحدد التقرير أن فرص حصول العائلات على الدعم قد تتقلص إن كانت تستهلك نسبة كبيرة من المياه والكهرباء، وذلك بموجب مؤشر يحلل خصائص المساكن.
ويعاني الأردن من تحديات جدية في تحقيق أهداف القضاء التام على الفقر، وتحسين واقع الصحة والتعليم وباقي الخدمات الاجتماعية لفائدة المواطنين.
ويتخوف مراقبون من تداعيات الأوضاع الاقتصادية التي قد تؤجج التوتر الاجتماعي جراء حالة التدهور الحاصلة والتي لا آفاق قريبة لتجاوزها.
ويقول متابعون إن المواطن الأردني لم يعد قادرا على تحمل تراجع قدرته الشرائية، وغياب الخطط الحكومية الفعالة لدعمه، فضلا عن قناعته بأن الإجراءات الاجتماعية لدعمه يطغى عليها الطابع الارتجالي ولم تحقق أي نتائج إيجابية، بل على العكس فاقمت من أزماته.
ورصدت الحكومة الأردنية مخصّصات لزيادة شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع قاعدة المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية، حيث تم رصد مخصصات زيادة لصندوق المعونة الوطنية بنسبة 38 في المئة، في محاولة للتخفيف من آلام الأردنيين الاقتصادية، إلا أن هذه الخطوات تظل ترقيعية وغير قادرة على بلوغ أهدافها.