تعظيم قوة الحشد يهدد بإضعاف الجيش العراقي

بغداد - حظي الحشد الشعبي اليوم الأربعاء في الذكرى التسعة لتأسيسه بثناء باعتباره قوة دعم واستقرار وضمانة للأمن، في تمجيد ورد على لسان رئيس الوزراء العراقي القائد الأعلى للقوات المسلحة فاق حتى الثناء على الجيش الذي خاض حرب استنزاف في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر في 2014 على نحو ثلث مساحة العراق.
وينذر تعظيم قوة ودور الحشد الشعبي الذي ستقام له قواعد عسكرية خارج المدن وفي عدة مناطق بإضعاف دور الجيش.
ورسخ السوداني في كلمة بالمناسبة "شرعية دستورية" لقوات الحشد المؤلفة من مسلحين من ميليشيات شيعية موالية لإيران، بصفته جزء من القوات النظامية على الرغم من تمتعه باستقلالية مالية وبهياكل من بينها هيئة قضائية تنظر في القضايا المتعلقة بمنتسبيه.
ويُشير الاحتفاء الرسمي الكبير بالذكرى التاسعة لتأسيس الحشد في العراق واختزال معظم الانتصارات على تنظيم الدولة الإسلامية في جهوده دون أن تحظى القوات العراقية المسلحة بالثناء ذاته إلى أنه بدأ يتحول إلى قوة رديفة للجيش العراقي على الرغم من الحديث المتكررة على دمجه في القوات المسلحة.
وتأسس الحشد الشعبي بناء على فتوى "الجهاد الكفائي" التي أصدرها المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني في 2014 لمواجهة زحف تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من العراق وبعد الانتكاسات التي مني بها الجيش بقيادة نوري المالكي في تلك الفترة.
واعتبر السوداني الأربعاء في كلمة خلال حفل أقيمت بمناسبة صدور فتوى الجهاد الكفائي وتأسيس الحشد، أن "التحديات الأمنية التي كان يواجهها العراق في السابق باتت من الماضي"، مشددا على أن الحشد أصبح قوة اطمئنان واستقرار في البلاد.
وقال إن "الفتوى العظيمة التي أطلقها آية الله علي السيستاني للجهاد لولاها لكان العراق والمنطقة بأسرها تعيش تحت حكم أسوأ عصابات الإرهاب وأكثرها بشاعة وانحلال وكان هذا السلوك الإجرامي واضحا عند هذا التنظيم حيث استباح المدن وسبى النساء، وقتل الشيوخ والأطفال وما هذا إلا دليل على خسة نفوس هؤلاء القتلة الخارجين عن الدين وكل الأعراف والتقاليد".
وتابع أنه "حين انطلقت الفتوى هب العراقيون جميعا ليكونوا جنودا مضحين ومدافعين عن وطنهم فكان أبناء الشعب بكل مكوناتهم وأطيافهم يتزاحمون بالمعسكرات والمدن لينقذوا أخواتهم وإخوانهم في المناطق التي احتلها الإرهاب وتحقق النصر بتلك الوحدة الوطنية التي كان مخطط داعش يفتتها ويمزقها".
ورأى أن التحديات الأمنية التي واجهها العراق أصبحت اليوم من الماضي، مضيفا أن "دور تشكيلات الحشد الشعبي لم يقتصر على تحرير الأرض، بل ساند الجيش لحفظ مؤسسات الدولة والنظام السياسي".
وفي إشارة واضحة على تعظيم قوة الحشد ومكانته، قال السوداني المدعوم من قوى الإطار التنسيقي والمنتمي إليه وهو تحالف للأحزاب الشيعية باستثناء التيار الصدري، إن "الحشد أصبح واحدا من بين أهمِّ التشكيلات الأمنية التي تعتمد عليها الدولةُ والحكومة لمواجهة الأخطار المستقبلية"، مشددا على أنه "لا يمكن الاستغناء اليوم عن الحشد الشعبي أو التفريط به على المستوى الأمني، فقد أصبح جزء أساسيا من حالة الاطمئنان في الشارع العراقي".
وأعلن السوداني أن الحشد بات يمتلك الشرعية الدستورية كاملة بعد صدور القانون الخاص به وأنه يخضع لإشراف القائد العام للقوات المسلحة شأنه في ذلك شأن بقية الأمنية.
لكن هذا الحديث يتناقض مع الأحداث السابقة فقد تمردت ميليشيات الحشد في السابق على رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي واقتحمت عناصر من ميليشيات مسلحة تابعة للحشد المنطقة الخضراء وحاصرت مقر الحكومة للضغط على الكاظمي للافراج عن عناصر من حزب الله العراقي اعتقلتهم قوة لمكافحة الإرهاب بتهمة اطلاق صواريخ على القواعد الأميركية.
وداس عناصر تلك الميليشيات صور الكاظمي بالأقدام ولاحقا أفرجت هيئة قضائية تابعة للحشد عن عناصر حزب الله الذين احتفلوا وسط بغداد رافعين شعارات مناوئة للحكومة وهاتفين بعبارات مسيئة لرئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حينها.
ولا توجد أي ضمانات يمكن أن تكبح تجاوزات ميليشيات الحشد وكان ذلك واضحا خلال ثورة تشرين 2019 التي تعرض فيها المتظاهرون المناوؤون للنفوذ الإيراني للخطف والتعذيب والاغتيال فضلا عن استخدام القوة المميتة (الرصاص الحي) ضد المحتجين ما أسفر حينها عن سقوط ما يزيد عن 600 قتيل.
وفي محاولة لكسب ود الحشد قال السوداني إن حكومته ستعمل على "وضع قانون يضمنُ لأبناء الحشد تقاعدا كريما مثل إخوتهم في باقي القوات الأمنية"، مضيفا "خبرة قواتنا الأمنية وما وصلنا إليه من الإمكانيات على مستوى العدة والعدد، تمكننا من حفظ بلدنا وأمنه".
وفي خطوة من شأنها أن تعزز نفوذ الحشد، أعلن السوداني كذلك أن "الحكومة تعمل على إنشاء معسكرات ومقارّ وقواعد خاصة بالحشد الشعبي خارج المدن، تحقيقا للهدف القتالي الذي أُنشئ من أجله".
وأيد الرئيس العراقي عبداللطيف جمال رشيد الأربعاء، مواقف رئيس الحكومة، داعيا إلى "توفير الدعم والتسليح لقوات الحشد الشعبي".
وقال مستشاره عبدالله العلياوي في كلمة ألقاها بالنيابة عنه خلال الحفل المركزي السنوي بمناسبة الذكرى التاسعة لتأسيس الحشد "إذ نبارك للحشد الشعبي ذكرى تأسيسه، ندعو إلى توفير الدعم والتسليح والتجهيز والاعتناء بجرحاه ورعاية أسر الشهداء منهم".
وتابع "على كل مؤسسات الدولة تخليد ذكرى شهداء الحشد الشعبي وفي مقدمتهم أبومهدي المهندس (نائب رئيس هيئة الحشد)، فضلا عن استبعاد كل من يسيء إلى سمعة هذه المؤسسة".